أتقن رسم لوحاته على الأرض والجدران وليس فقط على الورق، ليخلق أماكن واقعية عبر فنه؛ مستخدماً تقنية ثلاثية الأبعاد في الفن فقط.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 26 تشرين الثاني 2015، الفنان "أحمد جرعتلي" خريج كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية من جامعة "حلب"؛ ليحدثنا عن بداياته التي أوصلته إلى هذا المستوى من الاحتراف بقوله: «إن التأثير الأكبر بشخصية الفنان هو المكان الذي نمت ريشته فيه، والذي يحدث التماهي مع ذاته؛ فقد ولدت في مدينة "مصياف" عام 1984، ومفردات المكان بتضاريسها وطبيعتها وأيضاً مجتمعه المتناقض بثقافته ما بين الفكر التقليدي والفكر السريالي تمنح الفنان هويته وعنوانه ولغته الإبداعية.

إن التأثير الأكبر بشخصية الفنان هو المكان الذي نمت ريشته فيه، والذي يحدث التماهي مع ذاته؛ فقد ولدت في مدينة "مصياف" عام 1984، ومفردات المكان بتضاريسها وطبيعتها وأيضاً مجتمعه المتناقض بثقافته ما بين الفكر التقليدي والفكر السريالي تمنح الفنان هويته وعنوانه ولغته الإبداعية. ولا شك أن الدراسة الأكاديمية قد صقلت قدراتي، فالاتصالات البصرية أغنت مخيلتي وطورت قدرتي على الرسم الواقعي بالألوان الزيتية وزادت تعمقي في فهم المنظور، هذه العناصر هي الأهم في إنجاز الرسم الثلاثي الأبعاد

ولا شك أن الدراسة الأكاديمية قد صقلت قدراتي، فالاتصالات البصرية أغنت مخيلتي وطورت قدرتي على الرسم الواقعي بالألوان الزيتية وزادت تعمقي في فهم المنظور، هذه العناصر هي الأهم في إنجاز الرسم الثلاثي الأبعاد».

رسم ثلاثي الأبعاد

أما عن معارضه الفنية وإنجازاته، فأضاف: «معرضي الفردي الأول كان بعنوان: "تجليات المرأة"، ومن خلاله حاولت بناء مفهوم مختلف عن عالم الأنثى وتحطيم كل الأقوال القديمة عنها وتحريرها من أنياب المجتمع، فالأنوثة ليست محددة بتضاريس جسدها فقط، بل هي رمز للحرية والعطاء والخصوبة عندما تكون أنثى حقيقية بعيداً عن تزييف ذاتها، فمن خلال حساسيتي الخاصة بعالم المرأة لا أراها جزءاً من الفن، بل الفن هو جزء منها. أما في عالم المنظور والرسم الثلاثي الأبعاد فقد أنجزت عملين في سنتين؛ العمل الأول يمثل "ساحة الأمويين"، والثاني حيز مقتطع من مدينة "البندقية". هذا النوع من الرسم مهم بالنسبة لي، فأنا أحب نقل لوحاتي وفني إلى الشوارع؛ لأنها تمكنني من رسم ما يحلو لي، إن نقل الفن من قاعات العرض هو شيء جديد بالنسبة للمجتمع لأنه عامل مهم للتواصل بين المتلقي والعمل الفني المباشر واستمتاعه بالنظر المطول إلى العمل، وبالتالي تطوير الذائقة الفنية للمجتمع الذي يعيش مراحل إنجاز العمل، وفي المحصلة أنا أقوم بتجميل المدينة لتصبح شيئاً فشيئاً متحفاً في الهواء الطلق، فعندما أكون في الشارع وأعمل بأطراف أصابعي، وأرغب دوماً في ابتكار فن يمكنني من خلاله تطوير هذا النوع الخاص من الرسم الهندسي الذي أحكمت دراسته، وستكون هناك عدة إنجازات في المستقبل القريب».

ويتابع حديثه عن تجربته في مجال التدريس: «لا شك أن التدريس هو التعامل مع طباع مختلفة من البشر؛ فالطالب لا يضبط على وضع الاستقبال وصب المعلومات في داخله، بل هو بشر له روح وعقل وانفعالات وجسد، ويمر في الساعة الواحدة بحالات نفسية وانفعالات مختلفة، فكيف إذا كانت المادة متعلقة بالفن وتعتمد على وجدان وأحاسيس الطلاب، وعلى المدرّس أن يتعامل مع الطالب في كل هذه الحالات ومن كل تلك الجوانب، لذلك لا بد أن يكون ملماً بطرائق فن التواصل الصحيح وأساليب التعامل مع الطلاب قبل أي شيء آخر؛ فالطالب يحب المادة لأنه يحب أستاذها، لذلك إن الألفة عن طريق بناء علاقة صادقة ومحببة بين الأستاذ وطالبه هي أهم عنصر في بناء وتطوير قدرات الطالب، فليس كل فنان موهوب أستاذاً ناجحاً، وهذه موهبة أخرى في عالم الفن».

من لوحاته

الشاعر "سليمان الشيخ حسين" تحدّث لنا عن أبرز ما يميّز "أحمد" بقوله: «الزمن الذي نحياه (وليس خفياً على أحد) يوضح حجم المعاناة العامة، وكم هي قاسية على المبدع، وعلى الرغم من ذلك كان "أحمد" يدخل كينونة عمله متسلحاً بإحساس صناعة المستقبل في مجال الإبداع، فقد أراد أن يكون فناناً لا يكرر نوعاً معيناً من العمل الفني؛ لأن الإبداع هو إضافة شيء جديد دوماً، وإلا فهو تكرار ليس بالضرورة أن يكون ناجحاً، فأخذ على عاتقه الشخصي دخول هذه التجربة الفنية المميزة لأنه يمتلك حساً نقدياً ذاتياً لعمله، ونلحظ تطوراً مهماً وسريعاً في تجربته مع اللون والظل، ومضمون العمل الذي يبدعه؛ وهذا يعكس بلا ريب تطوراً ثقافياً وتقنياً، فهو يحول القلق إلى مساحات هادئة تحتاج إلى عين فنية عالية لكشف المضامين؛ مع أنه لا يفعل ذلك على حساب جمال اللوحة الخارجي؛ فهو متقن جداً للأبعاد.

لذلك أعتقد أن ما فعله "أحمد" حتى اليوم يضعه في خانة الفنانين التشكيليين السوريين الذين يمكنهم تجاوز الحدود إلى المكان العربي والدولي؛ ليكون له حضور مهم في تلك المساحة الفنية، وجهده في تطوير ثقافته الأدبية والعلمية والبصرية يمنحه المزيد من التقدم والنجاح».

سليمان الشيخ حسين

يذكر أن "أحمد جرعتلي" من مواليد "مصياف" بريف "حماة"، عام 1984، ويعمل محاضراً في كلية الهندسة المعمارية بجامعة "تشرين".