في لوحاته عشقٌ دفين وسط البحار، وتراثٌ ضارب الجذور في صفحات التاريخ، طرزه على جدران ذاكرة الأيام بريشته المخملية، بأسلوبه المتميز كي يستعيد ما مضى من حميمية الأرض.. عشِق الوطن فكلله بلوحاته بشتى فنون الرقص التعبيري كي يحلق كنورس على شواطىء الخلود، وليجعل الحزن الدفين رقصة فرح لألم مجهول يصنع منه أجنحة تراقب الطريق إلى حرية اللون.

موقع eSyria التقى الفنان "لؤي أمين" في مرسمه في بلدة "تل الدرة" فحدثنا عن تجربته الفنية، وبداياته مع الفن فقال: «بدأت الموهبة لدي منذ طفولتي من خلال رسم معظم ما يدور حولي، وما أسمعه من أغاني "فيروز"، وفي المدرسة صُقلت موهبتي عبر مشاركتي في معارض الشبيبة التي كانت تقام آنذاك».

رسالته صادقة رغم ذلك الحزن الذي يعصف بها، والروح الثورية التي تظهر كحمامة بيضاء تصارع القضبان دون صدى

وعن مضمون رسوماته يقول: «تخضع رسوماتي لعامل الزمن الذي مررت به، ففي عنفوان الشباب كانت رسوماتي تأخذ منحى محباً للحرية، والآن بعد مرور الأعوام على سكة الزمن، ووصولي محطة ما بعد الأربعين من عمري اتجهت بشغفٍ لإحياء التراث بألواني، فهو يمدني بالأفق لتفريغ ما بداخلي من طاقات كامنة».

دروب الحقيقة

أما عن هدفه كرسام يقول: «الفن رسالة والرسام حامل رسالة نبيلة كغيره من العاملين في هذا المجال، فكلف نفسه جمال إيصالها للناس، أعتقد أن لوحاتي تعبر عن فكرة لحالة حزن، أو فرح، كالرقص، والموسيقا، لكل أسلوبه في إيصال فكره».

ويتابع حديثه قائلاً: «عندما أبدأ برسم لوحة لشعراء كبار أمثال "محمود درويش" أو "محمد الماغوط" تأخذني ريشتي من حيث لا أدري وتبدأ بالرسم وكأنها تقرأ ما بداخلي».

لؤي أمين

وعن شعوره أثناء وجوده في مرسمه يقول: «المرسم وطن للذي ليس له وطن فهو أجنحتي التي أحلق بها، عندما أرسم "فيروز" أشعر بنفسي كطائر نورس يغازل أمواج البحر، أما "الماغوط" فهو يرسمني بكتاباته وأنا أكتبه برسوماتي كعشق الوطن لأبنائه، و"درويش" في رسوماتي كزهرة "جلنار" في قمة جبل لا يرتاده إلا من أراد البحث عن الحرية، ولأننا ولدنا دون أجنحة فإننا نعشق الطيران».

ويعترف أن الرواية ولدت عنده حالة من البحث عن الحقيقة، مما ساعده في ذلك في البحث عن رسومات استمد أفكارها من أحداث تلك الروايات، ويضيف قائلاً: «إن أول قراءة في حياتي كانت حواراً بين روايتين الأولى "الشيخ والبحر" للروائي "أرنست همنغواي" والثانية رواية "الياطر" للكاتب "حنا مينه"، فالرابط بين هاتين الروايتين وما أظهرتاه من علاقة الإنسان مع البحر، ولد عندي حب البحث عن الحقيقة في الطبيعة، كـ"زوربا" الذي بحث عن الحرية في الطبيعة، فعندما قرأت الروايتين قمت بحوار بينهما، كانت نتيجته لوحة تعبيرية تعزز علاقة الإنسان بالطبيعة المكرسة للطرفين».

تحية للإنسان

ولأن "دمشق" كانت ملاذه التي عشق، فإنها كانت حاضرة في رسوماته، وفي ذلك يقول: «"دمشق" تلك الزهرة التي أعطتني بريق الأمل برائحتها المعطرة بالياسمين فاحتضنتني بغوطتها منذ الصغر، حيث كان منزلنا لا يبعد عنها إلا أميالاً قليلة، ونهر "بردى" الذي روى أرض الحرية، ومثله جبل "قاسيون" ومقهى"الهافانا"، و قهوة "أبو شفيق"، كلها ذكريات أرسمها على لوحات من الزمن الذي مرَ كضيف يهوى لقاء العشاق في الغابات».

الفنان "رافع قدور" يقول في "لؤي": «بالرغم من عدم أكاديمية الفنان "لؤي" إلا أنه اجتاز الحالة النقدية التي تواجه الفنان، واستطاع بعبقرية متواضعة أن يضع نفسه على الطريق التي سار عليها "براك" و"غوغان" و"بول سيزان" و"غويا"، هؤلاء الذين عاشوا حياة متواضعة، ولم يطرقوا أبواب الجامعات، والأكاديميات، فأبدعوا وشدوا العالم إلى لوحاتهم. "لؤي" هذا الفنان المحاصر بحجارة من صنع الطبيعة يحاول بمطرقته تكسيرها للخروج إلى العالم منتصراً على جميع أطياف اللون، والمنظور، والمساحات البيضاء "يا لهُ من انطباعيّ حزين"».

أما الفنان "صفوان العكش" فقال: «في لوحات "لؤي أمين" تتجلى القيم الإنسانية التي نفتقدها في عصر التكنولوجيا، والحياة المادية، رهافة الحس، والمشاعر لديه دعّمت موهبته الفطرية في الرسم، فهو يمتلك ريشة جميلة تبدع لوحات تبهج الناظرين، وتدخل القلوب دون استئذان».

أما المحامي "سري كحيل" فيقول": «في لوحاته سحر خالد طال حتى عانق الشموخ على صفحة الخيال المجنح، وإحساس مرهف كملمس الياسمين، رسالة ألم ممزوج بعبق التاريخ أرسلها عبر ألوانه التي تحاكي كل النفوس، والتي اختلطت في بوتقة التراث الجريح فخلدت الذاكرة أبداً».

أما الأستاذ "إسماعيل كحيل" فقال: «رسالته صادقة رغم ذلك الحزن الذي يعصف بها، والروح الثورية التي تظهر كحمامة بيضاء تصارع القضبان دون صدى».

الفنان "لؤي أمين" من مواليد "دمشق" لعام 6 نيسان 1962 انتقل إلى بلدة "تلدرة" عام /1982/ وله العديد من المشاركات في معارض جماعية مع عدد من الفنانين في المركز الثقافي في "الرقة"، ومعارض جماعية في المركز الثقافي في "سلمية"، وجميع معارض الربيع التي تقام سنوياً في بلدة "تل الدرة"، ومعارض فردية في "مصياف".