مع دخول عصر الكمبيوتر والتكنولوجيا الرقمية والتي دقّت نواقيس الخطر على أبواب بعض الفنون والمهن، ودعتها إلى التنحي والاندثار، ولعلّ أبرزها فن رسم الخط العربي، فبالرغم من تاريخها الطويل والتطور الذي مرّت به عبر عدد من القرون، إلا أنها وهي الشاهد الحي على هذه الثقافات قد تتحول إلى مجرد مهنة للتراث فقط.

موقع مدونة وطن eSyria زار الخطّاط "عبد الناصر الدلّي" في مكان عمله في مدينة "طيبة الإمام"، والذي تحدث عن تأثير دخول الكمبيوتر على فن الخطّ العربي: «نتيجة للتطور السريع كان لابد من دخول الكمبيوتر لتوفير الوقت وخاصة في بطاقات "الفيزيت" والإعلانات الضوئية، إلا أنني لم أستغن ولم أترك الريشة التي هي الأساس، إذ إنّ رسم الخطّ بالريشة فيه روح، بينما هو جامد في الكمبيوتر الذي لا يستطيع كتابة جميع أنواع الخطوط».

هي قطعة من أصابعي لا بل هي أصبعي السادس ولا أستطيع الاستغناء عنها

وعن بداية اكتشافه لموهبته يقول: «نلت الثناء من المدرسين في المراحل الدراسية الأولى من عمري لاعتنائي بتزيين دفاتري وجمال خطي، وفي الصف الخامس درّسنا أستاذٌ يكتب عناوين الدروس بخطوطٍ مميزةٍ لم نعتدْ عليها فتأثرتُ به على غير درايةٍ بأسماء هذه الخطوط، وأصبحتُ أقلّد العناوين والخطوط والعبارات حتّى وصلت إلى الصف العاشر فاقتنيت كتاب "قواعد الخطّ العربي" وبدأت أمارس الهواية في جميع أوقات فراغي وأثناء كتابتي لوظائفي المدرسية، وبعد تخرّجي من معهد المراقبين الفنيين في "حماة" عام 1990م، قمت بافتتاح محل، وجعلت من الهواية حرفة».

الخطّاط عبد الناصر الدلي

"ناصر الدلّي" اعتمد على نفسه في تطوير الخطوط يقول: «أنا لم أدخل معهداً أو كلية للخط معتمداً على موهبتي وكيفية التطور من خلال ممارستها».

لكنه يستطرد فيشير إلى أهمية المراكز والمعاهد التدريبية: «لكن إذا وجدت الموهبة وصقلتها الدراسة سيكون الخطّاط بارعاً جداً، وهذا ما حدث مع أخي، فقد تعلّم الخطّ منّي وانتسب إلى أحد المعاهد فنال المركز الثالث في مهرجان الشبيبة وعمره 13عاماً، بينما حصدت أنا المركز الأول وشاركت في المعرض التشكيلي السنوي في "دمشق" ببعض اللوحات التكوينية».

الكمبيوتر أداة مساعدة

وعن أنواع الخطوط التي يتعامل معها قال الخطّاط "الدلّي": «الخطّاط يرسم الحروف ولا يكتبها، وأنا أجيد رسم الخطوط بجميع أنواعها، فالفضول يمنع الخطّاط من ترك أي خطٍّ بدون تجريب، لدي علاقة مع كلّ الخطوط "النسخ، الرقعة، الديواني، الفارسي، الكوفي، المسماري"، وأرسم الخطوط على المعدن والمرايا والزجاج كإعلانات وواجهات للمحال، وبعد فترة من العمل أدخلت بطاقات "الفيزيت" والمطبوعات بشكل عام واللوحات التكوينية إلى مجال عملي».

وعن مدى استيعاب الزبون للأنواع المختلفة من الخطّ العربي أوضح "ناصر الدلّي": «أحياناً يطلب الزبون نوعاً محدداً من الخطوط لإعلانه أو في بطاقاته، فأوافق على الصحيح منها وأنصحه ببعض الأنواع وخاصة عندما يتعلق الأمر ببعض الخطوط الصعبة القراءة، والقرار النهائي لي وخاصة في اختيار الألوان وما يناسبها من الأرضيات "الخلفيات"، وإذا كانت الكتابة على المعدن فاللون يزيد من جمالية الخطّ».

مع بعض اللوحات التكوينية

وعن علاقته بريشة الخط يقول "الدلّي": «هي قطعة من أصابعي لا بل هي أصبعي السادس ولا أستطيع الاستغناء عنها».

من الجدير بالذكر أن السيد "عبد الناصر الدلّي" من مواليد مدينة "طيبة الإمام" عام 1968 وهو خريج من معهد المراقبين الفنيين بحماة عام 1990.