شاعر الصحراء.. هذا ما أحب أن يكون، شاغله الحب، وحده هذا الإحساس من يحرك الوجود، لا تهمه رتب، ولا مناصب، فقط يعرف جيداً أن الكلمة الرقيقة يجب أن تصل وبسرعة إلى القلب.. إنه "أنور الجندي".

مدونة وطن "eSyria" حضرت أيام العاديات الثقافية بتاريخ 6 أيار 2014، التي كانت تحية إلى الشاعر الراحل "أنور الجندي".

"أحبك" خبئيني، خبئيني... بصدرك، خبئي أمني ورعبي... هو الحب الذي رعبٌ وأمنٌ... وليس سواه من أمن ورعب... أحبك والهوى مرض عضال... وليس مريضه يشفى بطب

في مرة كتب "الجندي" نفسه، أراد البوح عن مكنون دواخله، فقال: «يا انعتاق الهوى وهيمنة الألحان، غني مع الصباح الجديدِ... لستِ مني ولستُ منك ولكن أنا طير خلقت للتغريد... عشت للشعر والكآبة والأوهام في ظل عالم محدود... فتنكرت للحياة وهدمت سدوداً يا ذلها من سدود».

أيام العاديات الثقافية

بدأت تحية الأيام الثقافية عندما قدم الشاعر "باسل الشيخ ياسين" قصائد متنوعة في الشعر العمودي، حاول مقاربة روحه العاشقة مع ذات "الجندي" الشاعر المتيم، فقدم قصيدته "سلمية وهدايا العيد"، قال فيها: «سلمية يا رؤىً، ملأت رؤيا... ويا حرماً سما بدم الضحايا... أتتك زلازل الآلام تعدو... وفي فمها تراتيل المنايا... صدى الأحزان في دمنا يدوّي... لصرخته تصدعت المرايا... ألا يا طفلة الماغوط... أخاف عليك من سحب الرزايا... ففي عينيك ما يدمي فؤادي... وقد سقطت كدمعتك الهدايا... نزيفك للغروب غدا نشيداً... جراحك أصبحت وتراً ونايا... ورود العيد إن ذبلت فدمعي سيسقيها وتسقيها دمايا».

أما الشاعرة "نصيرة عيسى" فقد كتبت تقول: «وحيداً.. وحيداً.. ستسقط سهواً.. كرمح تعب من اختراق الهواء.. كقفزة طويلة فاجأتها الزانة المرتفعة.. كورقة شجر لم ينتبه لخفتها الهواء.. ما أصدقك أيها الموت فحين يصير القلب نجمة.. يُخطئ الشمال.. والريح تكذب.. ستسقط سهواً.. تفترش حزنك المدبب.. وبصوتك الخشن تدندن ضحكة.. تدندن غصة الصمت.. الجارحة أيضاً كموال عراقي.. وحيداً.. مع أطيافهم تقتسم المساء.. تدير أطراف الحديث.. تحركهم بخيوط أصابعك.. تحاول رسم ابتسامات ملونة على صورهم.. وحين يكتمل الصمت.. تتبادلون أنخاب الوداع».

تحية إلى "أنور الجندي"

وكان الشاعر "أيمن رزوق" على موعد خاص به، يكتب لونه الذي تميز به، وطريقة الإلقاء التي تشد المستمع إلى كلماته: «كنت على وقت قليل.. فاجأني طول شوقك.. فارتميت... النهد المشدود بقميصه.. لا أزرار تألفه.. ولا أصابع... ليس مطراً.. حين تمرين على شجري.. وترتمين.. غصناً.. على غصن... وليس خريفاً.. حين تلمين.. قميصك الأصفر.. وترتمين.. قصاصات فرح على رصيف... كيف وأصابعك العشرة.. تنقذ بحراً من العطش... كيف.. وأنت أخضر الكلام... على مرتفعات أوراقي تزنرين خصرك بالصمت.. وترحلين».

أما الشاعر "بشار الجرف" فقدم قصيدة واحدة "قصائد تختال بفكر مجنون" عبّر فيها عن ألمه، وعذابات الروح الخاشعة: «للروح إذا سجدت

خشوع يتناوب ما بين الصلوات والتسبيح

فترنيمة الصلوات

في محراب تعبد ألوهية الحس

عزفت على أوتار خشوعها الخريفي

ترتجي غيث هطلها

من غمائم الإدراك ومشاعر الحنين».

وفي مجال القصة القصيرة كان الحضور على موعد مع القاص "معز الشعراني" الذي تميز بأسلوب عرضه لقصته "البقرة والدور" مستعرضاً بأسلوب كوميدي بعض المفارقات الاجتماعية، خاصة منها الانتظام في الدور، والمحسوبيات.

وقدم الشاعر "عدنان سيفو" قصائد غزلية، اقتطعنا مقطعاً يقول فيه: «"أحبك" خبئيني، خبئيني... بصدرك، خبئي أمني ورعبي... هو الحب الذي رعبٌ وأمنٌ... وليس سواه من أمن ورعب... أحبك والهوى مرض عضال... وليس مريضه يشفى بطب».

من مفردات هذه التحية الخاصة والمقدمة إلى شاعر أبى النجومية والانتشار، مفضلاً البقاء في مدينته الصغيرة:

ــ قدم الأستاذ القاص "محمد عزوز" موجزاً عن حياة الشاعر "أنور الجندي" الذي ولد في "سلمية" عام 1917، وتوفي فيها عام 2001، وما بين الميلاد والرحيل قصة عشق رواها بخفة دم، وقصر الكلام، وكان وهو الذي قال: "حسبي وحسبك أن أموت... وفي فمي عبقُ الحبيبْ".

ــ كانت مشاركة للشابة الواعدة "يمار حيدر" في مقطوعة شعرية وحيدة.

ــ ولـ"مايكل نجلو" نصيب من خلال عرض قدمه الإعلامي "إسماعيل اليازجي".

ــ عمل على تقديم المشاركين: السيدة "إيمان شربا"، والآنسة "هلا اليازجي".

يذكر أن، هذه الفعالية تقيمها اللجنة الثقافية في "جمعية العاديات - فرع سلمية".