«الشعر حالة من الوجدان يعيشها الشاعر ليعبر عن مواقف متعددة فيجد نفسه منقاداً إليها فيفجرها على الورق، هو القلق الدائم، والسحاب الذي يتطاير بفعل الريح، إن أدركتها عينك الثاقبة سجلت منظراً خلاباً، وإلا فقد فاتك ذاك المنظر، وذهبت الكلمة أدراج الرياح».
قول عبر فيه الشاعر الشاب "سامر إسماعيل" عن قلقه الدائم، وعشقه الأول. موقع eSyria التقى به يوم الجمعة 22/5/2009 بمناسبة إصدار ديوانه الأول والذي يحمل عنوان "عاشق من الدرجة الأولى".
الرحيل محطة أتوقف عندها قليلاً لأنفض الغبار عن روحي الخاطئة، علّني أعود من جديد
هو من مواليد "سلمية" في العام 1973.
المرأة كما يراها البعض جسد، روح، عقل متهم بالنقص، غير أنه يعارض هذا التوجه فيقول: «المرأة هي الحياة، في الوقت الذي يأخذك الرجل إلى الحرب، تودعك المرأة وأنت تاركٌ حضنها الدافئ، هو يصنع الرصاص، في حين تأخذك هي إلى الشعر، إلى الحلم، هي الحب الذي يصنع منك رجلاً، لتصنع منك أباً».
غير أن الشعر حالة من الوجدان، وهو يراه حالة من القلق، ويضيف: «بساط الريح الذي يأخذك إلى هواجس وانفعالات فيها الكثير من التوتر والهذيان، تجد نفسك في لحظة ما أمام ورقة بيضاء تجبرك فيها هذه الحالة على كتابة كلمة، مقطع، أو قصيدة، تفجر فيها هواجسك، وأفكارك مترجمة على صفحات هذه الأوراق».
ومتى تفلت القصيدة من قريحة الشاعر، فإنها تتحول إلى عدو حميم، غير أن لها وحسبما يقول: «لها وقع خاص في نفسي، تلك القصيدة التي كتبت في لحظة كنت فيها أحوج ما أكون لأن أكتب، لتتحول القصيدة إلى جسر أعبر عليه من القلق إلى الانفعال، ومنه إلى الهدوء».
ولأنه عاشق من الدرجة الأولى كتب جسد وروح المرأة، ليحول هذا الجسد المنفلت على سجيته إلى ورقة بيضاء وحبر ومشاعر، يقول "سامر": «أكتب قصائدي على جسد المرأة أو بجسدها لا فرق، لتصبح قصيدتي أكثر خصوبةً، وقداسة، فمتى عجزت كلماتي نتيجة يأس أصابني، عن حياكة القصيدة، وبشكل أنيق، تنتابني رغبة عمياء برمي كل شيء وراء ظهري، مستلقياً تحت سمائها متأملاً، كي لا تنتحر الكلمات، لأني أرى المرأة تشبه الوطن.. فلا تقال، ولا توصف، ولا تكتب، باختصار هي الحرية».
عشقه أدخله في تحدٍّ مع نفسه، مع الآخرين، فماذا ترك لفرسان الحب العذري، فيقول: «تركت لهم كل شيء لأنهم أصدقائي، ولأننا جميعاً نشكل حالة خيبة، كان لا بد وأن نعيش وهم أننا عشاق من الدرجة الأولى، فالحب يأتي.. يسير.. ببطء.. بتسارع.. بلمح البصر، إن كنت قوياً امتلكته، إن كنت متردداً صرعك، إن كنت خائفاً.. أحالك إلى مغاور النسيان».
هجر الشاعر لسانه، ونسي قلمه، ودخل الفيافي ليبحث عن ظله، بأي شيء تراه سيحكي قصته التي هجرته، وهنا يقول: «على الشعراء أن يتحولوا إلى قطاع طرق، يستخلصون اللغة من سارقيها، ليعيدوها إلى موقعها، لن تموت هذه اللغة طالما هناك حياة، وشعراء يلونون تفاصيلها ويدعونها للرقص بتشكيلات جديدة، طالما أن هناك أملاً بأن كل شيء آتٍ بفعل العزيمة.
الشاعر بمعنى آخر، هو جزار نفسه، ضحية نفسه، عاشق لنفسه، مخلّد غيرَه».
ولأن نهاية المطاف رحيلٌ بلا عودة، نوم بلا يقظة، غيمة أرخت حمولتها، يجد في الرحيل حكمة، فيقول: «الرحيل محطة أتوقف عندها قليلاً لأنفض الغبار عن روحي الخاطئة، علّني أعود من جديد».
الحب مضروب بثلاثة، والعشق موسوم بالخجل، والقبلة تطبع في ديوان، وحبيبته كما يقول: «تكونت من رغوة العطر، من ندى العشب، من رائحة البن، ومن كل ما في العالم من طيب، وقصائد عشق».
وكل صدّاح يخاف، والخوف يعانق وجنتيه، ويداعب جفنيه، لذا فهو يرى أن لا بد من السقوط، ويكمل قائلاً: «وليكن هذا السقوط عن ظهر خيل، لأن الحياة تحمل في طياتها شيئاً من الغدر، والإنسان في حال الخوف يخشى الطعنات التي تغافله من الخلف، وهذا الزمن غارق بالقتل والخراب».
من ديوانه الأول "عاشق من الدرجة الأولى" هذه القصيدة هدية لقراء eSyria وفيها يقول:
حبيبتي عاصمة الجمال/ أميرة يشرق منها الكمال/ الوجه من بلاد القمر/ والشعر من جزر الذهب/ الخد من مملكة الورد/ والعينان من مدن الحزن/ الأنف من دولة المرجان/ والشفتان من ولاية الفجر/ حبيبتي تكونت من رغوة العطر/ عذبة كالطفولة/ دافئة كالصيف في آب/ تنمو على صدرها عرائش الياسمين/ وعلى خصرها شقائق النعمان/ حبيبتي معجزة الألف الثالث قبل الميلاد/ عذراً حبيبتي/ فأنا لا أحاول تحنيط جمالك/ في هرم الكلمات/ فمن يجرؤ على العبث/ بجمال السماء.