لعبت البيئة التي ترعرع فيها، إلى جانب حبه للمطالعة وشغفه بجمع الكتب دوراً في تكوين بصمة أدبية بمجال الشعر والزجل والقصة القصيرة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "كمال عيزوق" بتاريخ 7 حزيران 2017، وقال: «في "تلدرة" القرية الوادعة بريف "السلمية"، خزان الذاكرة الذي أنهل منه دائماً، والذي له الأثر الأكبر في حياتي حيث الانتماء وحب الأرض، وعلى الرغم من سنوات الترحال والغربة بحكم العمل، إلا أن الحبل السري لم ينقطع بيننا، وحنيني إليها يعتمر قلبي، في مدارسها تلقيت تعليمي، ونلت الشهادة الثانوية الفرع العلمي من ثانوية "علي بن أبي طالب"، انتسبت إلى جامعة "دمشق"، كلية الزراعة لمدة عام، ولظروف خاصة دخلت صفوف القوات المسلحة، وتم إيفادي إلى الاتحاد السوفييتي، أنهيت خدمتي العسكرية برتبة عميد عام 2009».

شخصية وطنية وقامة ثقافية نعتز ونفتخر بها، يتمتع بأسلوب لغوي قوي، يتنوع بكتاباته بطريقة أدبية سلسة رائعة، صوره البيانية جميلة مترابطة، يصور المشهد بصدق وشفافية تشد القارئ، له حضور رائع بين أصدقائه والمقربين منه، يحب الجميع، وله مكانته الاجتماعية والأدبية

وعن بداياته الأدبية، يضيف: «علاقتي مع الأدب قديمة، كان لدي شغف شديد بالمطالعة وجمع الكتب، ولربما البيئة المحيطة لعبت دوراً في ذلك؛ لكون "السلمية" تتميز بكثرة الأدباء والشعراء فيها، وربما طبيعة البادية والجو الساحر للمنطقة لعب دوراً في ذلك، وأذكر أول قصة قرأتها كنت في المرحلة الابتدائية، وهي: "تحت ظلال الزيزفون" للمنفلوطي، دائماً لدي خربشات في مجال الشعر والقصة القصيرة، لكن أول محاولة كانت قصيدة زجلية نشرت في مجلة "جيش الشعب"، بعنوان: "صباح الخير يا بلدي"

من منشوراته

(صباح الخير يا بلدي

الشاعرة نجاح سلوم

ويا عطرا بوادينا

الكاتب أحمد جبر

وأحلى ما في ماضينا

ويا عصفورة غسلت

جناحيها بجدولنا

وطارت في مهب الريح

تجوب السهل والوادي)

كنت أميل منذ سنوات الشباب الأولى إلى قراءة أشعار "نزار قباني"، و"محمد الماغوط"، و"محمود درويش"، و"طلال حيدر"، وكان لهم الأثر فيما أكتب من خلال رقة العبارة، وهذه الأيام أتابع من خلال مواقع التواصل الاجتماعي الكثيرين من الشعراء، مثل: "عبد الكريم الناعم"، و"كمال سحيم"، وغيرهما.

لم يكن الشعر الجنس الأدبي الوحيد الذي خضت غماره، بل الزجل المحكي أيضاً، ولدي محاولات في القصة القصيرة، وأربعة مخطوطات جاهزة للطبع.

الشعر حالة وجدانية تراود الإنسان وتستولي على كيانه، وتنطلق من واقع معاش قد تكون حالة حب، أو حالة وطنية، أو اجتماعية، أو إنسانية، تأخذه في رحلة حالمة عبر الموسيقا والنغم والكلمة والصورة، وبالنهاية يسكب هذه الأحاسيس على الورق على شكل خاطرة أو قصيدة، وتلعب مقدرته اللغوية دوراً كبيراً في صياغة ما تمخض عنه تفكيره. أسلوبي هذه الأيام ينطلق من تأثري بالواقع والأزمة الحالية؛ فكل يوم لدينا حدث يحفز كل إنسان للتعبير عما يجول في خاطره، هناك مساحة كبيرة لذكريات الماضي، والغزل، وهموم الحاضر، أعتمد الكلمات والعبارات البسيطة الرومانسية التي تداعب مشاعر القراء، لدي إصدار، وهو ديوان بعنوان: "رومنسيات"، ومجموعة قصص قصيرة "أشعار من وحي الأزمة"، "زجل بالمحكي"، و"أربعة"».

وفي إجابته عن سؤالنا إلى أي درجة يعدّ الشاعر قادراً على أن يكون صوت حال بيئته ومجتمعه، يقول: «لا يمكن للشاعر أو القاص أن يكون بعيداً عن بيئته، وإلا سيكون خارج السياق، ولا بد للكلمة المكتوبة من هدف اجتماعي أو سياسي أو إنساني، وإذا كانت المقطوعة الأدبية لا تحمل هدفاً محدداً، فستكون عندها مجرد كلام منسق لا معنى له، كل ما أكتبه مجبول بالواقع المعيشي والبيئة وهموم الوطن والناس، وبحكم طبيعة عملي، كانت مشاركاتي محدودة، ولا شك أن اللقاءات الأدبية فرصة للتفاعل وتبادل الأفكار وتسليط الضوء على المتميز من الناتج الأدبي، وغدونا نلحظ في المدة الأخيرة وجود المنتديات الأدبية الإلكترونية التي لعبت دوراً مهماً في تسليط الضوء على العديد من المواهب الواعدة التي لم يتسنَّ لها الظهور على مسرح الحياة الثقافية، وإن الإنتشار الواسع لهذه المنتديات وإمكانية النشر والاطلاع على نتاج الأدباء الكبار في كل المجالات، إضافة إلى غلاء ثمن الكتب المطبوعة وعدم قدرة الناس على شرائها، كل ذلك ساهم في الإقبال على مواقع المنتديات الأدبية والتواصل معها؛ لكونها الأرخص والأسهل، وساهم ذلك بتشجيع هذه المواهب الأدبية، وأنا عضو ناشط في موقع "نبع العواطف الأدبية" في "الإمارات العربية المتحدة"».

ويختتم حديثه بنصيحة للكتاب الناشئين: «القراءة ثم القراءة، والتروي في النشر؛ فالهواية لا تكفي، والشعر والقصة والمقالة صنعة أدبية لها قواعد وأسس، ويجب الإحاطة بكل ذلك من خلال المطالعة والبحث، وزيادة المعرفة بالاطلاع على تجارب المتميزين في كل مجال، وأعدّ ما وصلتُ إليه بفضل الموهبة أولاً، وبفضل القراءة المتواصلة والاطلاع على نتاج الشعراء والكتاب، فمن يحب أن يخوض في بحر الكتابة، يجب أن تكون لديه ذخيرة كبيرة، وجعبة مترعة بالثقافة الأدبية كي لا يغرق في بحورها، ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة».

عنه قالت الشاعرة "نجاح سلوم": «شخصية وطنية وقامة ثقافية نعتز ونفتخر بها، يتمتع بأسلوب لغوي قوي، يتنوع بكتاباته بطريقة أدبية سلسة رائعة، صوره البيانية جميلة مترابطة، يصور المشهد بصدق وشفافية تشد القارئ، له حضور رائع بين أصدقائه والمقربين منه، يحب الجميع، وله مكانته الاجتماعية والأدبية».

وأضاف الكاتب "أحمد جبر": «عرفته مذ كنا أطفالاً، ذكياً لمّاحاً، فطناً سريع البديهة، برع بكتابة المقالات العسكرية والتحليلات للمواقف والأحداث العسكرية في الصحف المحلية، تميّز بالكتابة الساخرة والإسقاطات الناقدة كدبوس سياسي اجتماعي، وكانت إسقاطاته لاذعة أغلب الأحيان، لكنها جميلة تتمتع بفن السرد القصصي اللافت للانتباه، حيث أتقن فن السرد، فتراه تارة يفاجئ القارئ بما يتمنى مباشرة، وأحياناً أخرى يماطل بهدف التشويق، إضافة إلى فن (الطرفة) وطريقة سردها، وغيرها من الأجناس الأدبية».

يذكر أن "كمال عيزوق"، من مواليد عام 1951.