على على السفح الشرقي لجبال "اللاذقية" تقع قرية "عين الكروم"، فتبدو كأنها قطعة من السماء، حيث يعطيك الجبل الحاضر بانحداره الشديد مع السهل المنبسط ذي التربة الحمراء الخصبة إحساساً بالتحليق والحرية؛ لتبدو القرية معلّقة على الجبل.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 12 آذار 2017، التقت "أحمد علي حسن" الرئيس السابق للبلدة، ليحدثنا عن المنطقة قائلاً: «تتبع قرية "عين الكروم" إلى ناحية مركز "السقيلبية" التابعة لمحافظة "حماة"، وتبعد عنها مسافة ستين كيلومتراً، وتبلغ المساحة التنظيمية للمنطقة نحو 600 هكتار، وقد تم دمج البلدات التابعة لها إدارياً بالمرسوم رقم 107؛ لتصبح قرية واحدة مكونة من خمس بلديات، هي: "عين الكروم"، و"عبر بيت سيف"، و"طاحونة الحلاوة"، و"ساقية نجم"، و"عناب". ويبلغ عدد سكانها نحو 22 ألف نسمة تقريباً، وتحتوي مركزاً صحياً ومركزاً للهاتف الآلي ومخفراً للشرطة. وقد تضمن القرار رقم 209 استحداثها كناحية، لكن لم يتم تطبيقه حتى تاريخه».

تشتهر بينابيعها العذبة، وأشهرها نبع "الفوّار"، و"طاحونة الحلاوة"، ونظراً إلى العدد الكبير من الآبار الارتوازية التي حُفرت في المنطقة تجف الينابيع صيفاً، وهي مُخدمة بشبكة من قنوات ري، إضافة إلى مصب العاصي، وهناك قنوات صرف فرعية تربط القنوات الرئيسة بعضها ببعض

وتابع الحديث عن طبيعة القرية وأراضيها: «فرضت الطبيعة الخلابة التي تتميز بها البلدة هيبةً وحضوراً قوياً، من خلال إطلالتها على سهل "الغاب" والسفوح الشرقية لسلسلة جبال "اللاذقية" المعروفة بجبال "اللكام"؛ (أي السحاب الأسود المتراكم)، وأشجار الغار والسنديان والشوح والبطم والدوام والبلوط الدائمة الخضـرة، إضافة إلى المحاصيل الزراعية التي تشكل غطاءً نباتياً كثيفاً، لكن الغابات تعرضت إلى الكثير من الحرائق والتحطيب الجائر، وقد أثرت في توزع الغطاء النباتي، وتسعى الجهات المعنية بالتعاون مع الأهالي إلى مكافحة هذه الظواهر».

جانب من البلدة والجبل

ويتابع: «تشتهر بينابيعها العذبة، وأشهرها نبع "الفوّار"، و"طاحونة الحلاوة"، ونظراً إلى العدد الكبير من الآبار الارتوازية التي حُفرت في المنطقة تجف الينابيع صيفاً، وهي مُخدمة بشبكة من قنوات ري، إضافة إلى مصب العاصي، وهناك قنوات صرف فرعية تربط القنوات الرئيسة بعضها ببعض».

وأهم ما يميز البلدة -إضافة إلى طبيعتها- موقعها الجغرافي، وأضاف: «تعدّ البلدة منطقة سياحية جذابة؛ فهي تمتاز بشدة برودة مياهها، وهوائها العليل، حيث يتعرض الشريط الغربي من منطقة الغاب عموماً إلى رياح محلية تُدعى علمياً برياح الجاذبية "Gravity winds"، وتستمر مـن أوائل حزيران حتى أواخر آب، وتصل سرعتها أحياناً إلى 100كم/سا ، بسبب الانحدار الحاد في السـفوح الشرقية لسلسلة الجبال الساحلية، إضافة إلى فرق الارتفاع عن سـطح البحر بين سـهل الغاب (200م) والسلسلة الجبلية (1250م)؛ وهذا ينتج عنه تباين كبير في درجات الحرارة صيفاً بيـن ذروة الجبل وسهل الغاب من جهة، وذروة الجبل والبحر من جهة أخرى، فتبرد الكتل الهوائية على قمة الجبل وتصبح ثقيلة الوزن، ثم تنحدر تحت تأثير ثقلها مسببة رياحاً عليلةً».

بعض الآثار في الغابة

"مرهج جامع" مدرّس اللغة العربية المعروف في البلدة، تحدّث عن عمل الأهالي فيها بالقول: «تمثّل الزراعة الحرفة الرئيسة في القرية، وخصوصاً القمح والقطن والشوندر السكري والبطاطا وعباد الشمس، ويتوافر عدد من النباتات والحشائش والأزهار، وقد توجه المزارعون إلى زراعة الزيتون في المدة الأخيرة، خصوصاً في المنطقة الجبلية، حيث استثمروا في البداية نوعين، هما: الزيتون "القيسي"، و"الصوراني"، وقد تم إدخال أصناف جديدة من الغراس ذات الإنتاجية العالية».

ويتابع: «يمارس عدد من السكان مهنة التجارة، وتنتشر بعض الصناعات المنزلية، كالألبان والأجبان، وتجفيف الخضراوات كـ"الملوخية والبامية"، والتين و"الزبيب"، وتمارس بعض العائلات صناعة الحلويات والبوظة، إضافة إلى العاملين في مؤسسات الدولة، كما يقوم معظم سكانها بتربية الحيوانات، كالأبقار والأغنام والماعز والدواجن».

أحد الينابيع

وأكمل حديثه عن بعض المطالب الحياتية للسكان: «تحتاج البلدة إلى توسيع وتعبيد الطرق السيئة، حيث تكثر فيها الحفر، وقد شهدت القرية حركة عمرانية قوية ضمن المخطط التنظيمي ابتدأت من عام 2000 وما بعد، وهناك مخطط لقرية نموذجية في "عين الكروم"، لكن لم يتم العمل فيها أو استثمارها حتى تاريخه، وأغلب المواطنين يعقدون آمالاً عليها لتأمين السكن، كما تحتوي عدداً من المقامات الدينية الخاصة بأهالي المنطقة، أبرزها "تشريفة للنبي تمليخة"، وتشهد المنطقة حركة سياحية دينية، خصوصاً في فصل الصيف».

وختم حديثه عن أهم المواقع الأثرية المكتشفة فيها بالقول: «لقد تم اكتشاف مدفن هرمي يعود إلى العصر البيزنطي؛ يقع في الجهة الغربية من قلعة "الجراص"، ويبعد عن مدينة "أفاميا" نحو 20كم، وهو بقايا لأساسات بناء قديم وجميل جداً يشبه المدفن الهرمي الذي عُثر عليه في موقع "رشا" الذي يبعد نحو 10كم، وهو غاية في الجمال والشكل الهندسي ومن الطراز النادر؛ وهذا هو حال معظم مباني العصر البيزنطي عموماً».

يُرجّح سكان المنطقة أن مصدر التسمية التاريخية للبلدة آتٍ من إشارة إلى كثرة الينابيع والكروم فيها.