جَمَعَهمُ التعاون في أحد المواقف، فبادر آل "القصير" لإنشاء صندوق شبيه بـ"مطمورة الأطفال" لينتشلهم من المواقف المحرجة في واجبات العزاء، وليكون جاهزاً للتدخل السريع درءاً للحاجة، فكان بذلك نموذجاً للمبادرات العائلية.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 14 آب 2015، "سامي القصير" الذي بلغ الستين من عمره، ليحدثنا عن فكرة التأسيس، يقول: «أُسِّسَت هذه الجمعية (الصندوق) في مدينة "سلمية" عام 1979، وكان سبب إنشائها وفاة أحد أبناء العائلة، إذ سافر الأهل من "دمشق" إلى السلمية للقيام بواجب العزاء، ولم تكن التجهيزات هناك كما يجب، وهو ما دعا إلى اجتماعٍ بعد الانتهاء من مراسم العزاء، ضم كبار العائلة الذين قرروا أن يقوموا بهذه المبادرة، وتم طرح الفكرة على الجميع؛ منهم من وافق واشترك، ومنهم من لم تعجبه الفكرة فاعتذر.

أُسِّسَت هذه الجمعية (الصندوق) في مدينة "سلمية" عام 1979، وكان سبب إنشائها وفاة أحد أبناء العائلة، إذ سافر الأهل من "دمشق" إلى السلمية للقيام بواجب العزاء، ولم تكن التجهيزات هناك كما يجب، وهو ما دعا إلى اجتماعٍ بعد الانتهاء من مراسم العزاء، ضم كبار العائلة الذين قرروا أن يقوموا بهذه المبادرة، وتم طرح الفكرة على الجميع؛ منهم من وافق واشترك، ومنهم من لم تعجبه الفكرة فاعتذر. آنذاك كان عدد المنتسبين بحدود مئتي شخص، وكان الاشتراك السنوي 100 ليرة سورية، وحين جُمِع المبلغ الأول تم شراء خيمة عزاء، مع ملحقاتها: "كراسٍ، تجهيزات القهوة المرة، الماء، تمديدات كهربائية"، وتبرع أحد الأشخاص بوضع هذه التجهيزات في منزله الكبير

آنذاك كان عدد المنتسبين بحدود مئتي شخص، وكان الاشتراك السنوي 100 ليرة سورية، وحين جُمِع المبلغ الأول تم شراء خيمة عزاء، مع ملحقاتها: "كراسٍ، تجهيزات القهوة المرة، الماء، تمديدات كهربائية"، وتبرع أحد الأشخاص بوضع هذه التجهيزات في منزله الكبير».

سامي القصير

عن كيفية إدارة هذه المبادرة وشروطها، انتقلنا بالحديث إلى "سامر القصير" أحد المشتركين ليقول: «التبرعات ترتفع كل مدة حسب مستوى أسعار البضائع، فقد ارتفعت منذ التأسيس وحتى اليوم لتصل إلى 1700 ليرة سورية سنوياً، يدفعها كل بالغٍ منتجٍ من الذكور، وحين تحصل حالة وفاة لأحد أبناء العائلة المشتركين، يقوم شباب متطوعون من آل "القصير" بنصب خيمة العزاء وتجهيز معداتها، ويدفع لذوي المتوفى مبلغ مالي مخصص لمصاريف الدفن وإطعام المعزين، وبذا تغدو هذه الإجراءات ميسَّرة، تحمل عن كاهل العائلات الصغيرة أعباء هذا الأمر.

أما آلية العمل، فلهذه المبادرة ما يسمى اصطلاحاً "مجلس إدارة"، يضم رئيساً وأمينَي صندوق، وهي مسؤوليات تطوعية متنقلة؛ يدير رئيس الجمعية أمور جمع الأقساط، ويتقاسم أمينا الصندوق صلاحية صرف المبالغ التي تودع في حساب بنكي، ويحق لأيٍّ منهما أن يسحب المبلغ المطلوب بإيعاز من رئيس الجمعية عند حصول حالة وفاة، وقد تم الاتفاق على وضع أميني صندوق اثنين تفادياً لمشكلة انشغال أحدهما أو غيابه أو مرضه.

سامر القصير

وبسبب توزع العائلة في كل من "سلمية" و"دمشق" ومحافظات أخرى؛ فقد تم الاتفاق في وقت سابق على إنشاء جميعة فرعية لسكان العاصمة، تنوب عن الجمعية الرئيسة في مساعدة الأهل في حالات مشابهة، وتأخذ على عاتقها مصاريف نقل الأفراد إلى مدينة "سلمية" وعودتهم، وهذا ما حصل معنا حين توفي والدي مؤخراً، إذ لم ينتابنا خوفُ التقصير مع الناس، فالعائلة معتادة على وجود أشخاص يتبارون لتقديم واجباتهم في حالات كهذه».

وللوقوف عند آراء عائلات أخرى، كان لمدونة وطن لقاء مع "محمد الحاج"، وهو طالب حقوق من أهالي مدينة "سلمية"، يقول عن هذه المبادرة: «هي نموذج جد متقدم من نماذج التكافل الاجتماعي، وتتجلى أهميتها اليوم في ظل ما يشهده سلم القيم من تراجع، وفي ظل الروابط التي تبدو عليها علامات التفكك جلية.

فيما يخص المبادرة؛ حين تحصل حالة وفاة في أي عائلة ترى الأهل منهمكين في تأمين متطلبات الموقف، منشغلين بذلك عن ضيوفهم المعزين، عدا الحالة النفسية السيئة التي يعيشونها نتيجة تأثرهم وحزنهم، أما بوجود مبادرةٍ كهذه فترى الهمّ ملقى على عاتقها منذ 30 عاماً، وترى طقوس العزاء مكتملة، تسير بوتيرة واحدة ومتناسقة، من دون تقصير أو خوف منه، فقد تعدت هذه الجمعية حالة تحصيل الاشتراكات، لتغدو حالة انتماء تحكمها النخوة، ويدعمها الواجب.

وأنا أشدّ على أيدي العائلة، وأؤيد بشدة تعميم هذه الفكرة، وأهل هذه المدينة ليسوا بغرباء عن مبادرات كهذه».

ما يجب الإشارة إليه هو أن مبادرة آل "القصير" قد تعدّ الأقدم في "سلمية" بحكم أن تعداد العائلة كبير ومتوزع على معظم المحافظات، لكن هذه المبادرة ليست هي الوحيدة، فثمة عائلات أخرى تسير على ذات النهج.