فكرة قديمة متجدّدة، لكن تنفيذها يحتاج إلى مبادرة وإقدام، وتكاليفها بسيطة إذا ما قورنت بالعائد الناتج عنها، وهذا ما ميز أهالي سهل الغاب الذين يفكرون بالأمر من منطلق تنموي.

فريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي زار "سهل الغاب" في 15 تموز 2015، والتقى في قرية "نهر البارد" الطبيب "حسان محمد" أول من نفذ فكرة البيوغاز المنزلي، وعنها تحدَّث: «وجدت في هذه الفكرة اليوم مسؤوليةً وطنية إن صح التعبير، عدا الفوائد المادية، فأنا أرى أن من واجب المواطن أن يسعى لإيجاد حلول بديلة تساعده في تأمين الغاز، وتزيح عن كاهل الجهات الحكومية بعض المسؤوليات؛ وهذا ما دفعني إلى تنفيذ هذا المشروع بالدرجة الأولى.

أي إجراء تنموي يعود حكماً على الجميع بالفائدة والديمومة، وهذه التقنية البسيطة من شأنها أن تحافظ على الغابة من التحطيب الجائر، وتعيد لأراضي "سهل الغاب" رونقها وخصوبتها نتيجة استخدام السماد الطبيعي والاستغناء عن الكيماويات، كما تخلِّص القرى من مكبات المخلفات الحيوانية وروائحها والحشرات الضارة التي تستجلبها

لدى أهلي قطيع صغير من البقر، يتفاوت بين بقرتين وثلاثة، اعتمدت على مخلفاته في تأسيس وحدة بيوغاز منزلي صغيرة، تقوم فكرتها على وضع بعض هذه المخلفات في برميل معدني سعة 200 ليتر، وتركها لمدة زمنية حتى تتخمر وتبدأ الغازات الناتجة الانطلاق منها، هذا الغاز هو "الميتان"؛ ذات الغاز المستخدم في الأسطوانات المنزلية، وقد أثبتت التجربة أن مخلفات بقرة واحدة تكفي لتأمين الغاز لمنزل واحد على مدار العام».

نموذج الخزان المعدني

"أكرم العفيف" مشرف لجان التنمية في القرى الأشد فقراً في "سهل الغاب"؛ قال في هذا الشأن: «تعدّ هذه الفكرة فكرةً تنموية بحتة، فهي تؤمن الغاز المنزلي مجاناً من جهة؛ ومن جهة أخرى تستخدم المخلفات -بعد نفاد الغاز- كسماد طبيعي للأرض، ومجانية أيضاً؛ فعملية التخمير هذه ذاتية المصادر، ولا تحتاج إلى أي إضافات أخرى.

وقد تنوعت أنواع المخمرات واختلفت وفقاً لقدرة الشخص المادية، فالفكرة بدأت من حفرة في الأرض يتم تجهيزها بالإسمنت، ووضع أنبوب داخل يتم من خلاله تزويد الحفرة بالمخلفات، وأنبوب خارج موصول بدولاب هوائي ينقل الغاز الناتج عن عملية التخمير، وتكون الحفرة مغلقة إغلاقاً تاماً لضمان نجاح العملية.

المهندس نادر أسعد

والنموذج الثاني الذي نفذه الدكتور "حسان" هو البرميل المعدني، كما استخدمت خزانات الماء المعدنية والبلاستيكية أيضاً، إضافة إلى النموذج الأنجح المتمثل بالكرة المطاطية، وقد أثبتت التجربة أن اختلاف الطرائق لا يؤثر في النتيجة إلا مع اختلاف حجم المستوعب، وبالتالي كمية الغاز الناتجة.

أما عن التكلفة المادية؛ فتكلفة الحفرة تتراوح ما بين 150 - 200 ألف ليرة سورية، في حين يكلف البرميل -عدد2- مع المعدات 15 ألف ليرة سورية، أما خزان المعدن أو البلاستيك فتكلفته 50 ألف ليرة سورية، وتبقى الصدارة من حيث الجودة والسهولة والتكاليف للكرة المطاطية التي تكلِّف 15 -20 ألف ليرة سورية.

الطبيب حسان محمد

وقد يبدو الأمر مكلفاً بعض الشيء إذا ما تم النظر إليه من زاوية فردية، لكن تعميم التجربة ينتج أسطوانة غاز لكل بيت في قرية تضم 1000 منزل؛ أي ما يعني 1000 أسطوانة شهرياً ثمنها الفعلي اليوم مليون وسبعمئة ألف ليرة سورية، وعلى مدار العام تكون قيمة الوفر 20 مليوناً و400 ألف ليرة سورية، هذا عدا السماد العضوي الناتج عن العملية -5كغ يومياً- الذي يبلغ ثمنه على مدار العام 45 مليوناً و625 ألف ليرة سورية، أي إننا نستطيع توفير مبلغ 66 مليون ليرة سورية تقريباً، إن دفعنا ثمن الوحدات المطاطية 10 مليون فقط لهذه القرية الافتراضية، وهنا مكمن التنمية وجوهرها.

وقد انتشرت الفكرة مؤخراً بكثرة في قرى "سهل الغاب"، وهذا مؤشر تنموي جيد، نسعى إلى استكماله، وتعميمه على مختلف القرى السورية».

المهندس الزراعي "نادر أسعد" يقول عن هذه الفكرة: «أي إجراء تنموي يعود حكماً على الجميع بالفائدة والديمومة، وهذه التقنية البسيطة من شأنها أن تحافظ على الغابة من التحطيب الجائر، وتعيد لأراضي "سهل الغاب" رونقها وخصوبتها نتيجة استخدام السماد الطبيعي والاستغناء عن الكيماويات، كما تخلِّص القرى من مكبات المخلفات الحيوانية وروائحها والحشرات الضارة التي تستجلبها».