ضمن مشغل صغير لا تتجاوز مساحته ستة عشر متر مربع أوجد الشاب "علي سلوم" بمساعدة تنموية صغيرة، فرصة عمل أمّنت له الدخل الجيد لحياة كريمة، فكان قرص "المشبك" هو العنوان.

الفكرة كانت من الحاجة إلى تأمين دخل يتناسب وحاجيات الأسرة التي بدأت تكبر بهدوء، وتكبر معها حاجياتها، وتوفر القدرة على العمل والطموح بالإنتاج المتميز، وهنا قال صانع الحلوى "علي سلوم" ابن قرية "حورات عمورين" في منطقة "سهل الغاب" لفريق مدونة وطن "eSyria" الاستكشافي: «بدأت التفكير بعمل يومي مناسب يقدم دخلاً جيداً يتناسب والأوضاع الحالية، فكان محل وجبات سريعة، وبدأت الفكرة تأخذ أبعادها المحسوبة لها، لكن الاستمرارية مقارنة مع أوضاع وأحوال الناس صعبة، فتوقف المشروع على الرغم من النجاح.

بعد تجربتي وتذوقي للكثير من حلوى "المشبك" عند خبراء ومختصي صناعتها، أدركت أن لكل حرفي تميزه، لذلك جهدت على صناعة تميز خاص بي من خلال المكونات التي يمكن إضافتها والطريقة التي يمكن اتباعها كسرّ للمهنة، الذي لم أبخل به على كل طالب خطوة انطلاقة للعمل

ومن تلك التجربة اكتسبت خبرة التعامل مع الزبائن ووجبات الطعام، وفكرت أن يكون عملي الجديد بنفس المنحى لكن باختصاص الحلويات، وهنا طُرحت فكرة الاستفادة من قرض تنموي صغير من قبل لجنة التنمية في القرية، فقبلت وسعيت بالأمر مباشرة، والحمد لله العمل جيد ومناسب وفق النتائج الواقعية».

خلال عملية التحضير في المحل

ويتابع: «أحضرت تجهيزات وأدوات العمل البسيطة وبدأتُ، لكن كانت المشكلة بعدم معرفتي لمبادئ وقواعد العمل، فحاولت أن أدركها من العاملين مسبقاً فيها على الرغم من الفاصل الزماني والمكاني عن قريتي "حورات عمورين"؛ لكن محاولاتي باءت بالفشل حتى فترة معينة، تمكنت بمساعدة أذواق الأصدقاء والجيران من التوصل إلى الطبخة المتميزة».

التصميم على أن يكون صانع "المشبك" "علي" إنساناً منتجاً كان وراء النجاح، وهنا قال: «بعد تجربتي وتذوقي للكثير من حلوى "المشبك" عند خبراء ومختصي صناعتها، أدركت أن لكل حرفي تميزه، لذلك جهدت على صناعة تميز خاص بي من خلال المكونات التي يمكن إضافتها والطريقة التي يمكن اتباعها كسرّ للمهنة، الذي لم أبخل به على كل طالب خطوة انطلاقة للعمل».

خلال لقاء مدونة وطن مع "سلوم"

المكان ساعد الشاب "علي" على كسب الزبان وأنتج حالة وفرت له مزيداً من المردودية المالية، وهنا قال: «بحكم موقع منزلي بجانب الطريق العام ضمن القرية والواصل إلى القرى المحيطة وإلى خارج السهل والمحافظة، وضعت "بسطة عرض للمشبك" بجانب الطريق، فأصبح كل عابر سبيل هو زبون لدي بعد تذوقه لنكهة "المشبك"، حتى إنني بدأت أتلقى طلبات مسبقة عبر الهاتف لتكون جاهزة عند عبور الزبون من هنا، وهذا وسع انتشاري كصانع لـ"المشبك" وزاد من دخلي اليومي والحمد لله».

وعن طريقة صناعة "المشبك" قال: «نبدأ من المكونات الأساسية وهي: سميد خشن وناعم، وزيت، وخميرة، وماء الورد، تخلط وفق نسب وطريقة خاصة، وتترك نحو عشرين دقيقة حتى ترتاح، وهنا يكون الزيت بدأ الغليان، ونبدأ وضع العجينة بالقالب الخاص وتفريغه بطريقة مناسبة ضمن الزيت لينتج قرص "المشبك" الكبير، بعد نضجه يرفع ويوضع بالقطر المحضر من السكر والماء وبعض المنكهات الطبيعية، لنحو عشر دقائق، ليكون قرص "المشبك" جاهزاً للتناول، وأنا أنتج يومياً وجبة واحدة وفق حاجة السوق تؤمن لي ربحاً صافياً نحو 1500 ليرة سورية والحمد لله».

بسطة البيع على الطريق العام

وفي لقاء مع مشرف لجان التنمية في القرى الأشد فقراً في منطقة "سهل الغاب" "أكرم العفيف" قال: «تمكنا من منحه قرضاً تنموياً صغيراً يساعده على الانطلاق في مشروعه الجديد بعد محل الوجبات السريعة، والإصرار الذي امتلكه منذ انطلاق الفكرة كان حافزاً على المجازفة التي ولدت في الوقت الحالي التميز الذي كان ينشده، وذلك من مبدأ أنه تذوق كحيادي أو زبون حتى يتوصل إلى الطعم والنكهة المناسبة والمتميزة، حتى إنه كان يحصل على آراء الجميع في الطعم بعد أن يوزع الكمية التي ينتجها من "المشبك" عليهم، وهكذا حتى توصل إلى الطبخة المميزة، وليس لنا الفضل في القرض لأننا وجدنا فيه القدرة والتصميم على الإنتاج وإعالة أسرته، وهذا ما نسعى إليه ليكون الإنسان منتجاً وليس مستهلكاً».

أما الشاب "منذر شلهوم" وهو من أبناء القرية فيقول: «في كثير من الأوقات نلتقي بعض الأشخاص المبدعين لكونهم منتجين في حياتهم اليومية، والشاب "علي سلوم" واحد منهم، أبدع في كل عمل قام به، وأنتج من قرض صغير فرصة عمل له جذبت الزبائن وقدمت مردودية مالية مناسبة، وإن تصميمه وإصراره على الإنتاج هو سر إبداعه، وهذا جذب الكثيرين نحوه حتى إنه أصبح قدوة لبعضهم».