ليست الموهبة مرهونة بالوقت أو بوضع معين، وإنما هي وليدة إحساس داخلي عالي التصور، لا تقنع بما هو مسلم، بل تخوض غمار المجهول وتجمح لتقديم الأفضل، وفي معرض حديثنا عن الموهبة وجدناها شاهداً ينبض بالحياة في مجموعة من اللوحات التشكيلية المشاركة في معرض "خطوة الألف ميل" والتي نطقت بروحانية الرسام ذوي الاحتياج الخاص التواقة للحياة.

موقع eHama زار المعرض المقام على هامش فعاليات المهرجان الأول لذوي الاحتياجات الخاصة في مديرية ثقافة "حماة" يوم الاثنين في الخامس عشر من شهر "شباط" 2010 وأجرى لقاءات موسعة حول المعرض.

المعرض أكثر من جميل لأنه ركز على قضايا ذوي الاحتياج الخاص وهذا ما لم نعتد عليه في المعارض الفنية، إضافة إلى أنك تشعر بزهاوة الألوان في بعض اللوحات الطبيعية والتي تشعرك بتفاؤل موجود منبعث من روح غنية لدى الفنان عاشقة للحياة وعناصرها

تقول "رهف نعمة" المشاركة بالمعرض: «أنا سعيدة جداً بمشاركتي الأولى في معرض فني على مستوى مهرجان، وعموماً هو نشاط نعبر من خلاله عن مشاعرنا وأحاسيسنا التي غالباً لا نبوح بها إلا بالريشة واللوحة البيضاء، وهما ما أعتبرهما فضائي الخاص أجول فيه بحرية دون قيد الكرسي والعكاز، ولوحاتي تصور محورين أساسين الأول يتناول "الطبيعة" وفضائها الأرحب، وعلاقتي بالطبيعة هي علاقة شفافة شفافية الضوء والألوان التي أرسم بها، لأنها تمنحني الأمل والحرية كما ذكرت فأسرح في عالم الجبال والوديان التي يصعب مع وضعي المقعد الوصول إليها، لذا اشعر بحرارة جماليتها من بعيد لكن بعيون ولهفة قريبة».

الفنانة "رهف نعمة"

وتتابع قائلة: «أما المحور الآخر فهو مرتبط "بالمرأة" والتي صورتها في لوحاتي من علاقتي بوالدتي الشخص الأكثر قرباً إلى قلبي والمفرج عن همومي، لذا تناولت المرأة الحنونة والعطوفة والطموحة والمتحدية والرافضة، وأعتقد أن هناك شيئاً مشتركاً بين المرأة وبين ذوي الاحتياج الخاص فكلاهما متحدٍّ وصامد ومظلوم في المجتمع».

كما التقينا "إيناث حبال" زائرة للمعرض وتقول: «المعرض أكثر من جميل لأنه ركز على قضايا ذوي الاحتياج الخاص وهذا ما لم نعتد عليه في المعارض الفنية، إضافة إلى أنك تشعر بزهاوة الألوان في بعض اللوحات الطبيعية والتي تشعرك بتفاؤل موجود منبعث من روح غنية لدى الفنان عاشقة للحياة وعناصرها».

"إيناث حبال" زائرة للمعرض

أما "مرهف علي" زائر للمعرض فيقول: «أكثر ما لفت نظري في المعرض هو طريقة الحفر على الخشب، والتي تنم عن ذوق رفيع وحرفية عالية جداً وهذا ما نلمسه في جميع اللوحات الخشبية والتي تضم خطوطاً دقيقة، تدل على صبر طويل في حفرها، وليس هذا غريباً على ذوي الاحتياج الخاص فهم الأكثر فناً والأكثر صبراً، ولكن أرغب بالإشارة إلى أن بعض الرسومات تناولت المرأة بطريقة شبه عارية وهذا ما لا يروق لي».

وتقول "رويدة عطار" مدرسة في روضة للمكفوفين وهي زائرة في المعرض: «من خلال عملي أعرف أن ذوي الاحتياج الخاص يمتلكون إرادة كبيرة وعزيمة ثاقبة فضلاً عن حدة الذكاء، وهم يعتمدون كثيراً على حواسهم الأخرى كاللمس والسمع في حياتهم العادية أكثر من غيرهم، وأي عمل يقومون به لابد أن يكون مشبعاً بالإبداع، وهذا ما أراه حقيقة في جميع لوحات المعرض، وأكثر ما لفت نظري هو الأحاسيس التي تنبض بها هذه اللوحات الفنية ولاسيما الزيتية التي أتت في مجملها معبرة عن حالة ووضع ورغبة في التحرر».

لوحتان تصوران البحر والطبيعة

أما "رزان وردة" مدرسة في مدرسة الصم وهي زائرة للمعرض فتقول: «من النظرات الأولى في لوحات المعرض تستخلص الكثير من العبر والحكم، حتى إن اللوحات الأثرية تم توظيفها لتخدم الغرض ذاته، وهو حب الحياة والرغبة بالتحرر، فمثلاً لوحة لتمثال "كوديا" آلهة الحكمة والخير والحياة والسعادة لدى "السومريين"، وظفت في اللوحة الفنية لتعبر عن نفس الدلالات التي يحتاجها ذوو الاحتياجات الخاصة في مجتمعهم وربما لتنطق عنهم، كذلك لوحة القائد "بشار الأسد" كانت الأجمل لأنها صورت توحد صفوف الناس من مختلف الأديان والعقائد تحت رعايته، وكذلك من الأشياء التي لفتت انتباهي هي أن "الحمامة البيضاء" وقد شاهدتها في أكثر من صورة، وترمز للسلام والطيبة والصدق والحب الذي يشعر به ذوو الاحتياج الخاص ويرغبون في نشره بين الناس».

يذكر أن المشاركين بالمعرض ثلاثة فنانين ذوي احتياج خاص وهم "رهف نعمة" و"رائد صباغ" و"حسن الأصفر".