متحف "أفاميا" الأثري هو متحف متخصص باللوحات الفسيفسائية الأثرية التي تم ويتم الكشف عنها في مدينة "أفاميا" الأثرية والمناطق المحيطة بها، وهذا المتحف موجود في "قلعة المضيق"، ويقع في الاتجاه الشمالي الغربي من محافظة "حماة" بحوالي 65 كم تقريباً. موقع eSyria التقى الأستاذ "نديم خوري" بتاريخ 14/5/2009 وهو مدير متحف "أفاميا" للفسيفساء والذي حدثنا عن بناء المتحف القديم بقوله:

«متحف "أفاميا" الأثري هو عبارة عن خان عثماني بني في عهد السلطان العثماني "سليمان القانوني" بأواسط القرن السادس عشر، والغاية من بنائه في ذلك الوقت هو استقبال الحجاج والقوافل التجارية المتجهة باتجاه "الشام" و"مكة"، أو الزوار القادمين على طريق "تركيا، حماة، دمشق" وهذا الخان مربع الشكل طول ضلعه حوالي 83م، وأرضيته مبلطة ببلاط حجري، ويتوسط هذا الخان سبيل للماء، وقد أعيد ترميم هذا الخان من قبل المديرية العامة للآثار والمتاحف في عام 1982م، ومن ثم تم افتتاحه كمتحف خاص بلوحات الفسيفساء الموجودة في مدينة "أفاميا" والمواقع الأثرية المحيطة بها».

يوجد ضمن هذا المتحف مجموعة من شواهد القبور، واللقى الأثرية، وتيجان الأعمدة الحجرية المزخرفة، بالإضافة لبعض التماثيل التي تعود للعصر "الروماني"، وبعض القطع من الأواني الفخارية التي تعود للعصرين "الروماني والبيزنطي"

وعن تقسيم هذا المتحف القديم من الداخل يحدثنا:

لوحة فسيفسائية تمثل "سقراط" وبجانبه بعض الحكماء

«متحف "أفاميا" يقسم إلى جناحين وهما الجناح الشرقي والجناح الغربي، أما الجناح الشرقي منه فيضم بداخله مجموعة من لوحات الفسيفساء الرائعة التي وجدت ضمن مدينة "أفاميا" الأثرية فقط، وأول ما يدخل الزائر هذا الجناح تصادفه لوحة "سقراط" الفيلسوف اليوناني المشهور وعلى جانبيه يوجد 6 حكماء، والنصف الثاني من اللوحة عبارة عن زخارف هندسية تزيينية، ويعتقد بأن هذه اللوحة كانت أرضية منزل ذي أهمية علمية أو مدرسة في زمن العصر الروماني وهذه اللوحة يعود تاريخها إلى 362 ميلادي».

ويضيف: «من اللوحات الموجودة داخل الجناح الشرقي أيضاً لوحة تمثل حوريات البحر وهن يقمن بمباراة للجمال تحت رعاية إله البحر "بوزيدون" المشهور بشوكته الثلاثية، وتضم هذه اللوحة أجمل الحوريات المتمثلة بالميثيولوجية الإغريقية، وهناك "أفروس" جرارون البحر الخرافي تجلس عليه "إيتس" وهي أم الحوريات الجميلة وتهتم بها "دورس"، و"أميمونة" تجلس بالقرب من طاولة عليها تاج ويجلس بجانبها راعي الحفل "بوزيدون" إله البحر، وبجانبها "كاسيوبيا" المنتصرة تضع على رأسها تاج الحورية "نِكا" وتؤرخ هذه اللوحة إلى 362 ميلادي».

لوحة فسيفسائية لبعض النسوة الأمازونيات

ويتابع الحديث عن اللوحات الموجودة ضمن جناح المتحف الشرقي فيقول: «توجد غرفة تسمى بغرفة "الوعل" أي غرفة "الغزال" فوق أرضية نباتية ويعود تاريخ هذه اللوحة إلى القرن الخامس الميلادي، وتوجد لوحة تمثل كاثدرائية القديس "بولس" فيها مجموعة من الحيوانات والرسوم الهندسية التزيينية وبالوسط توجد كتابة يونانية تتحدث عن القديس "بولس" وتؤرخ هذه اللوحة للقرن السادس الميلادي،

ولوحة تدعى بلوحة "الأمازونيات" وهي عبارة عن أسطورة يونانية ممثلة بمجموعة من النساء يسكن بأواسط آسيا، ويحاربن ويركبن الخيل ويجتمعن بالرجال مرة واحدة في السنة، وكان إذا أتى أحداهن مولود ذكر كن يقمن بقتله أو بإهدائه خارج بلادهن حتى يحافظن على نسلهن، ففي هذه اللوحة توجد إحدى الأمازونيات تركب خيلها وترمي النمر بسهمها، وتؤرخ هذه اللوحة إلى القرن السادس الميلادي».

مدخل سبيل الماء داخل المتحف

أما عن الجناح الغربي للمتحف يحدثنا الأستاذ "نديم": «إن الجناح الغربي للمتحف يضم عدة لوحات فسيفسائية رائعة تم اكتشافها من مناطق أثرية خارج مدينة "أفاميا"، فهناك موقع يدعى "حورته" وهذا الموقع يبعد عن مدينة "أفاميا" 12 كم باتجاه الشمال، وجدت فيه عدة أرضيات فسيفسائية لكنائس قديمة،

وأول ما يصادف زائر الجناح الغربي الجنوبي لوحة الرواق الشمالي لكنيسة "ميخائيل" التي تضم بداخلها مجموعة من الحيوانات المفترسة وهي تصطاد طرائدها، والنصف الثاني منها عبارة عن هودج محمول على "بغلين" يجر أحدهما شخص، ويعود تاريخ هذه اللوحة إلى القرن الخامس الميلادي».

ويضيف: «أما الرواق الأوسط من كنيسة "ميخائيل" فهناك لوحة، بداخلها أيقونة السيد "المسيح" وهو يجلس على كرسيه ويحمل بيده اليسرى "كدامه" وفي اليد اليمنى يحمل إشارة التقديس، وكتب فوق رأسه "آدم" باللغة اليونانية وحوله تتآلف مجموعة من الحيوانات والطيور، وتاريخ هذه اللوحة يعود إلى القرن الخامس الميلادي، ومن اللوحات التي يحتويها الجناح الغربي أيضاً لوحة مستخرجة من قرية "خربة المجدلية" التابعة لبلدة "مورك" يوجد بداخل هذه اللوحة مجموعة من الطيور والحيوانات وتلافيف تزيينية متناظرة، وبالوسط يوجد 3 طواويس وتؤرخ هذه اللوحة للقرن السادس الميلادي».

وعن أرضية الكنيسة الكبرى في موقع "حورته" يقول: «توجد هذه الأرضية الآن في متحف "أفاميا" للفسيفساء وقد كتب على الباب من الجهة الغربية كتابات يونانية تذكر من كان يقوم بإدارة هذه الكنيسة، وبوسطها حيوانات مفترسة تصطاد طرائدها، وإطار نباتي.. ضمن كل نبتة طير وثمرة تختلف كل واحدة عن الأخرى، وإطار هندسي يختم اللوحة، ودالية عنب موجودة في الهيكل حولها مجموعة من الطيور التي كانت توجد في المنطقة و"غزال" و"أرنب" تأكل حبات العنب و"خروفين" متقابلين، وتؤرخ هذه اللوحة للقرن الخامس الميلادي».

وأنهى الأستاذ "نديم" حديثه عن هذا المتحف الأثري بقوله: «يوجد ضمن هذا المتحف مجموعة من شواهد القبور، واللقى الأثرية، وتيجان الأعمدة الحجرية المزخرفة، بالإضافة لبعض التماثيل التي تعود للعصر "الروماني"، وبعض القطع من الأواني الفخارية التي تعود للعصرين "الروماني والبيزنطي"».