شخصيته المرحة والصادقة جعلته يحلق بسامعه بعيداً، والأهم تمكّنه من تطويع آلته النفخية الغربية ليقدم ألحاناً شرقية أصيلة تبهر متابعها، ونال فرصته الحقيقية عندما اشترك مع الفنان "زياد الرحباني" في عدة حفلات، وتسجيله لعدد من أغاني السيدة "فيروز".

فإضافة إلى تدريسه العزف على آلة "الترومبيت" في "المعهد العالي للموسيقا"، يقوم بتعليم الأطفال العزف بطريقة جميلة ومعاصرة، فيعلمهم التحدث مع الآلة بخفة وسلاسة وبساطة، ومن دون بذل أي جهد، حيث يقول الموسيقي "نزار عمران" الذي التقته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 12 شباط 2017، عن بداياته بهذا المجال: «لاحظت عائلتي حبي لسماع الموسيقا، فسجلوني بمعهد لتعليم العزف على آلة "الأكورديون"، وتعلمت بعدها العزف على آلة "العود"، وحين كنت طفلاً ظننت أن للنغمات أجنحة تحملنا وترفعنا إلى عالم سحري ليس له حدود أو قيود. عام 1980 تمّ اختياري من قبل أستاذ الصف لألتحق بالمدرسة الفنية التطبيقية التابعة لمنظمة "طلائع البعث"؛ التي تعنى بالموهوبين بمجالات مختلفة "كالفصاحة والخطابة والرياضيات والفنون"، كنا نتلقى تدريباً لمدة 3 أيام في الأسبوع من قبل أساتذة مخضرمين بالموسيقا، مثل: "أحمد ضرغام"، و"يونس ناصيف" الذي اختار لي آلة "الترومبيت"، وعلّمني العزف عليها. كوّنّا عدة فرق موسيقية شرقية ونحاسية للعزف بالمناسبات الوطنية والثقافية، وكنت رائداً على مستوى القطر من الصف الرابع حتى السادس، وفي الصف الخامس سافرت إلى "رومانيا" لقضاء معسكر ترفيهي، وللتعرف إلى الثقافات الموسيقية المختلفة».

في السنة الأولى للمعهد العالي للموسيقا تلقينا الدروس على يد خبراء روس، وضمني أستاذي "فاليري لوبانوف" إلى فرقته الموسيقية "خماسي دمشق النحاسي"، وأثناء سفره إلى "روسيا" كان يرشحني لأحلّ محلّه ضمن فرقة "البيغ باند"، التي ضمت عازفين من جنسيات مختلفة، وكنّا نعزف في السفارات بالمناسبات الدولية والأعياد الوطنية

واستكمل حديثه بالقول: «في السنة الأولى للمعهد العالي للموسيقا تلقينا الدروس على يد خبراء روس، وضمني أستاذي "فاليري لوبانوف" إلى فرقته الموسيقية "خماسي دمشق النحاسي"، وأثناء سفره إلى "روسيا" كان يرشحني لأحلّ محلّه ضمن فرقة "البيغ باند"، التي ضمت عازفين من جنسيات مختلفة، وكنّا نعزف في السفارات بالمناسبات الدولية والأعياد الوطنية».

الموسيقي نزار عمران

الموسيقا لغة تحرّك المشاعر، وتأسر القلوب الصادقة، وهو يعزف ما يحب سماعه بطريقة خاصة وأسلوب ميّزه عن غيره من العازفين، حيث قال: «الآلات النفخية تظهر جانباً من شخصية العازف، أنا مع الموسيقا الصادقة، وأسمع كل الأنماط. تعلمت العزف على آلة "العود" التي أعطت الدفء إلى ألحاني، والتي علقت رائحتها بدمي؛ فطوعت آلة "الترومبيت" الغربية لتصدح بالنغمات الموسيقية الشرقية، وأصبحت تضاهي آلتي "الناي" و"البزق" في الحفلات الموسيقية، وحين تنتابني مشاعر مختلفة من حزن وفرح وقلق أشعر باشتياق روحي لآلة "الترومبيت" التي عشقتها، وأحيطها بمشاعر الحب والصدق من صغري. اختصاصي كموسيقي عازف "ترومبيت" ثانٍ داعم للعازف الأول، فأنا أعطيه بقوة أكثر مما أسمع صوتي؛ أي أكون له قاعدة ليحلق، وأملك القدرة على تغيير صوت آلتي ومحاكاة أي صوت آلة أسمعه، وهذا نتيجة الخبرة التي اكتسبتها من اختلاطي مع عدد كبير من العازفين».

يعدّ العازف الموسيقي الأكثر مشاركة للموسيقار "زياد الرحباني" في حفلاته، الذي أطلق على مقطوعة "سيف وترس" اسم "دبكة نزار" لتميزه وتفرده بتقديمها على آلة "الترومبيت"، وعن هذه التجربة الفريدة قال: «هناك موسيقي ماهر، وموسيقي صاحب فكر ومشروع مثل الفنان الكبير "زياد الرحباني"، فهو "أرشيف" حيّ، عزفت معه الغربي والشرقي، وعندما كنت في المعهد سجلت عدداً من المقطوعات الموسيقية للصديق "باسل داؤود"، وسمعها "الرحباني" وطلبني للعمل معه عام 1997، تمكنت من السفر إلى "لبنان" عام 2004، وسجلت معه في أغلب أعماله الموسيقية، مثل ألبوم الفنانة "لطيفة التونسية" الذي حمل عنوان: "بنص الجو"، وسجلت فيلم "يوميات ونصف الألف خمسمئة"، وشاركت معه بتسجيل مسرحية "صح النوم"، وألبوم السيدة "فيروز" بعنوان: "في أمل"، وعام 1990 كتب مقطوعة أسماها "ديار بكر"، فعرضها عليّ وسجلتها بعد أن قيل له إنها مستحيلة. عملت على توزيع العديد من المقطوعات الموسيقية والغنائية للسيدة "فيروز"، وتحويلها إلى الخماسي النحاسي كأغنية "ع هدير البوسطة"، و"نحنا والقمر جيران"، و"بحبك ما بعرف".

مع الرحباني

الموسيقا أعطت معنى لحياتي، فهي الشيء الحقيقي الوحيد الذي أمتلكه، فمن خلالها وجدت مكاني في هذا العالم، وعام 2010 أخذت قراراً وهو أن أكون قريباً من الناس، ولم يكن اهتمامي عزف موسيقا جميلة وغريبة تعجب بها الفئة النخبوية فقط، فعزفت أغنية "تعب المشوار" و"دبكة عرب" وسجلت "هيهات يابو الزولف" بطريقة إخراجية معاصرة، فانتشرت، وأصبحت أسمعها كرنّات لأجهزة الهواتف المحمولة. حالياً نعاني ولادة متعسرة للموسيقا السورية؛ لأن المناخ والأرضية لا يساعدان لولادتها التي تحتاج إلى أدوات ومقومات، على الرغم من أنه عادة في ظل الأزمات تولد موسيقا تحاكي الأزمات، ويمكن القول عن القدود الحلبية موسيقا سورية، و"الدلعونا" وأنماط أخرى موجودة سابقاً».

قائد الفرقة الوطنية للموسيقا العربية "عدنان فتح الله"، قال: «"عمران" من أهم عازفي "الترومبيت" على مستوى الوطن العربي، ومن أهم خريجي المعهد العالي للموسيقا، تميّز بعزف ربع "التون" الذي تتميز به الموسيقا الشرقية، فهو عازف من خمسة عازفين على مستوى العالم ممن يمتلكون هذه القدرة، وهذه التقنية المميزة، وهو موسيقي خلاق، ففي كل مرة يمتّعنا بأفكار جديدة وأساليب مميزة في العزف، وهذه أحد الأسباب التي جعلت الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية تستضيفه كعازف "صولو" منفرد في إحدى حفلات الفرقة عام 2014».

الصورة لفرقة "فتت لعبت" في مهرجان عمان لموسيقا الجاز

وأكمل الدكتور "بيان السيد" المتابع لعزف الموسيقار "عمران" بالقول: «شخصيته المرحة تطبع موسيقاه بطابع مرح، ويتسم بالفرح والإيجابية، وطبعه الذي يحب التحدي وتخطي الحدود يفتح له قمماً جديدة بعد كل قمة يصل إليها، وهو ركن أساس في أي حفل يقام بـ"دمشق"، وأتابعه عازفاً في الفرقة الوطنية، ومنذ ثلاث سنوات تشرفت بمعرفته، وازداد إعجابي بتواضعه وشخصيته المحببة والمبدعة.

لست متعمقاً في الشأن الموسيقي، لكنني أعلم صعوبة عزف المقامات الشرقية على آلة الترومبيت، وهو صاحب تجربة رائدة في هذا المجال، وله بصمته الخاصة التي تعدّ إنجازاً يدعو إلى الفخر من عازف سوري له اعتباره العربي والدولي. آخر ما تابعت له حفله المنفرد في "دار الأسد"، حيث قدم مزيجاً فريداً بين الشرق والغرب».

يذكر أنّ الموسيقي "عمران" من مواليد "مصياف" عام 1975، خريج المعهد العالي عام 2000، وأستاذ آلة الترومبيت في المعهد منذ عام 2010، وحاصل على ماجستير في التربية الموسيقية من جامعة "دمشق"، وله العديد من المشاركات الدولية بمهرجانات عالمية وعربية، وتميز بعزفه مع الفنان الرحباني منذ عام 2004، وعازف مع الأوركسترا الوطنية السيمفونية، ومع الأوركسترا الوطنية للموسيقا الشرقية و"كلنا سوى"، وأسس فرقتي "فتت لعبت"، و"خماسي سورية النحاسي". شارك بعدة مقطوعات في ألبوم "ريان الهبر"، وأميزها "تحية إلى وردة" التي خصه باللحن الأساسي، فغدا عملاً خالصاً لآلة "الترومبيت" الشرقي بمرافقة الفرقة. وشارك مؤخراً في عزف مقدمة أغنية "زنوبيا" للمغنية السورية "فايا يونان"، وله مشاركة مع الفنانين "زياد سحاب"، و"جان مدني" في مسرح المدينة في "بيروت" مع المغني التانزاني "يحيى حسين" صاحب المقدرات الصوتية.