هناك مفارقة كبيرة بين شعرها الغزلي وعمرها الزمني؛ فكلماتها دنت من الروح وتربعت بشغاف القلب، وسبرت الأغوار بعفويتها، فلبست أثواباً شعرية ملونة بألوان الحياة. نشرت قصائدها في المنتديات والملتقيات الشعرية، فحصدت الجوائز، آخرها وسام التجمع العالمي للشعراء العرب عن قصيدتها "صدود".

الشعر بالنسبة لها الهواء الذي تتنفسه، وهو الإحساس والمشاعر التي تبوح بها، فيومض كالبرق من دون إذن؛ هذا كان بداية حديث الشاعرة "أميرة صليبه" لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 كانون الأول 2016، وعن بداياتها وتطور موهبتها الشعرية، قالت: «منذ صغري لدي ميول أدبية، وكنت أحفظ الشعر بسرعة، وكان ذلك واضحاً من صياغتي لمواضيع التعبير، ووالدتي كانت تتميز عن قريناتها بأنها تقرأ وتكتب، ولها الفضل الأكبر في توجيهي نحو الأدب؛ فهي تملك حساً إبداعياً شاعرياً، وهي من ورثتني ملكة الكتابة. في المرحلة المتوسطة بدأت بوادر الكتابة تظهر، حيث كنت أشعر بموسيقا الشعر وخلل التوازن إن وجد، وفي المرحلة الثانوية أصبحت موهبة الشعر أكثر نضجاً؛ إذ نشرت قصائدي في المجلات الحائطية والنشاطات المدرسية، لكن في المرحلة الجامعية حدثت أكبر خيبة أمل وأصعب حدث، حيث لم أتمكن من دراسة اللغة العربية ودرست الجغرافية، لكن تفوقت على نفسي، فلم أتخلَّ عن موهبة الشعر، بل زدت من نشاطي وكتاباتي، وأغنيت موهبتي بقراءة القرآن سيد اللغة والبيان، و"محمود درويش" و"السياب" و"نازك الملائكة"، وأحب كتابات "الماغوط"، والتواصل والتفاعل مع الآخرين.

كلماتها راقية ومستواها عالٍ من ناحية اختيارها الموفق للألفاظ، وجريئة في طرحها لمواضيع شتى، وباذخة الكلمات، فهي تكتب عن كل ألوان الحياة بريشة إبداع، تجمع بين الكلاسيك والحداثة، حتى جنون الصبا نجده رزيناً بين كلماتها، فلقبت بأميرة الشعر والبوح الجميل المطرب. كتبت عن الوطن والحب، عن اللقاء والفراق، عن الفرح وعن مناسبات اجتماعية وقومية وإنسانية تهمّ السوريين والعرب، نجدها تتعاطف مع الحالات الإنسانية، وتؤيد الحق، لكنها في الوقت نفسه مرهفة الإحساس، وكتاباتها مزيج من العاطفة الأنثوية وشموخ المرأة

وأهم محطات حياتي وأحلى مراحل العمر هي مرحلة الشباب، وأحلى الأمسيات الشعرية في الجامعة، وأجمل ما حدث معي حضوري أمسية رائعة للشاعر الكبير "نزار قباني" على مدرج جامعة "دمشق"».

تكريم الشاعرة أميرة صليبه

وتتابع حديثها قائلة: «كتبت الشعر الوطني والاجتماعي والرومانسي، لكني أحب كتابة الشعر الغزلي الذي يدفئ القلوب بعفويته. وعلى الرغم من الفرق بين عمري الزمني وعمري الشعري؛ إلا أنني أكتب بلسان شبابي وأتقمص شخصية شبابي ذاتها؛ لأنني أحبها وعشتها بسعادة، كما أحب البساطة والسهولة والوضوح، وأكتب الموزون والقافية والمحكي الذي أشعر بأنه يحاكيني وقريب من قلبي. ولكي يصبح الشاعر مبدعاً عليه أن يكون مرآة للنفس البشرية، وأن يتمتع بحسّ فني وإنساني، إضافة إلى مخزون لغوي يعينه في تجسيد هذه الأحاسيس بقصائد وكلمات؛ فالكلمات تتقمصني وتنسال علي وتلبس الثوب الشعري، ولا أدري كيف تنتابني؛ فأكتبها خوفاً من أن تضيع، ثم أعود وأسأل نفسي كيف تزاحمت هذه الأفكار؟ فأنقّح، وأصحّح، وأزن، وأتأمّل، وأكتب».

وعن عدم طباعتها لأعمالها الشعرية في ديوان، أضافت: «لم أفكر من قبل بطباعة ديوان شعري يجمع نتاجي. لدي قاعدة اجتماعية مثقفة ومن أعمار مختلفة، وخاصة أن نتاجي غزير؛ لكنني حالياً في طور تنقيح مجموعة وطنية، وثانية عاطفية اجتماعية، وثالثة أعمل عليها حالياً وهي المحكية. لست من رواد الملتقيات، حيث تمر الكلمات سريعاً وتنسى سريعاً، ويطير الشعر في الهواء، ولا يستطيع المتلقي متابعة الشاعر، وقد ينشغل أو يشرد أو لا يستسيغ الكلام؛ لهذا أحب الشعر المكتوب؛ إذ نقرؤه بتمعن ونعيده كما نشاء، ونسقط إحساسنا على حالات نريدها، لكنها جيدة إذا كانت بمستوى جيد وبعيدة عن التملق والادعاء والإبداع، فأنا لا أحب المجاملة الكاذبة. آخر تكريم لي عن قصيدة "صدود" تحكي عن حبيب يصدّ حبيبته إلى حدّ الألم والوجع، ثم الحبيبة التي ترفض الخنوع، والقصيدة تحمل أنفة وكبرياء أنثى تُحب ولا تفرض نفسها».

وسام التجمع العالمي للشعراء العرب

ومن قصيدتها "صدود":

مدير مؤسسة فنون وهاب السيد حيث تنشر الشاعرة قصائدها

صدودك فاق الحد والصد موجع... ومنك غدا الهجران منك التمنع

قصدتك في قلبـــي حنين أزفّــه... وها أنت من هجر فــؤادي تلوّع

الشاعرة "لين قنجراوي" المتابعة لشعر "صليبه"، قالت عنها إنها شاعرة عتيقة بمعنى الأصالة، وعفوية تخاطب كل الناس بمختلف مستوياتهم، وأضافت: «كلماتها راقية ومستواها عالٍ من ناحية اختيارها الموفق للألفاظ، وجريئة في طرحها لمواضيع شتى، وباذخة الكلمات، فهي تكتب عن كل ألوان الحياة بريشة إبداع، تجمع بين الكلاسيك والحداثة، حتى جنون الصبا نجده رزيناً بين كلماتها، فلقبت بأميرة الشعر والبوح الجميل المطرب. كتبت عن الوطن والحب، عن اللقاء والفراق، عن الفرح وعن مناسبات اجتماعية وقومية وإنسانية تهمّ السوريين والعرب، نجدها تتعاطف مع الحالات الإنسانية، وتؤيد الحق، لكنها في الوقت نفسه مرهفة الإحساس، وكتاباتها مزيج من العاطفة الأنثوية وشموخ المرأة».

يذكر أن "أميرة صليبة" من مواليد قرية "تلدرة" في ريف " السلمية". وتنشر قصائدها في عدد من الملتقيات الأدبية العربية، كمجلة هزيم للشعر، ومؤسسة فنون الثقافية، إضافة إلى تكريم من أكثر من مؤسسة وصحيفة أدبية، منها: فنون العربية للإبداع، وجائزة "رضوان الفرخ" للتميز، وتكريم من منتدى "كلمات"، وآخر تكريم وسام التجمع العالمي للشعراء العرب.