ينبض بالعمل ويضج الشباب به، يتواصل ويبحث ويمحص ليصهر ثقافته مع ثقافة الآخر؛ اتجه إلى الدراسات الشرقية لينسج فن العبور بما يحمله من هذا الشرق إلى حضارة غريبة بكل تفاصيلها وعمومياتها.

أتقن "عبدالعزيز أسعد باشوري" اللغة "الألمانية" بعد دعوة عمه "الدكتور أيمن باشوري" له لدراسة الطب "البشري" في مدينة "دريسدن الألمانية"، لكنه انسحب من الطب بعد سنتين نظراً للصعوبات التي تنتمي إلى تعقيدات اللغة ومحتوى الدراسة، ووافقت هواه الدراسات الشرقية، وتدريس اللغة "الألمانية" (الأرابيستك والداف) ضمن جامعة "لايبزغ" ليتميز ويتفوق في دراسته العلمية والعملية كما في تعليم اللغة "العربية" والتعريف "بسورية" وحضاراتها في "أوروبا".

بعد حصولي على جائزة "الدااد" كأفضل طالب أجنبي في جامعة "لايبزغ" لعام 2012، تم قبولي في مؤسسة "فريدريش ايبرت"؛ فهذه المؤسسة تختار أفضل وأنشط الطلاب اجتماعياً على مستوى "ألمانيا"، وتقوم بإعدادهم ومتابعتهم حتى ينتهوا من دراسة الماجستير أو الدكتوراه. تقوم المؤسسة بدعم الطلاب مادياً واجتماعياً وثقافياً وتعد حلقات بحث وورشات عمل على مدار السنة، وتدعو طلابها إلى مؤتمرات عالمية ومحلية في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية. فمثلاً: المستشار الألماني السابق "شرويدر"، وأعتقد وزير الخارجية الحالي "شتاين ماير"، والعديد من الشخصيات المعروفة كانوا في هذه المؤسسة خلال دراستهم، ويقومون بمساعدة الطلاب الموجودين بالمؤسسة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وفي آذار هذا العام 2014، تم اختياري لأكون ممثلاً للطلاب الأجانب. بهدف التعبير عن وجهة نظر المؤسسة في دعمهم ضمن "ألمانيا" ضد أي شكل من أشكال التمييز أو العنصرية

الآن يستكمل ابن مدينة الفداء "حماة" السنة الأخيرة للماجستير في عمر الثامنة والعشرين، وهو مساعد مدرس في جامعة "لايبزغ" ويدرّس الصوتيات "العربية" "للألمان" منذ أكثر من سنتين، وأشرف على أمسيات شعرية موسيقية مجتمعية بين شباب مغتربين ونظائرهم الألمان، في متاحف "دريسدن" عاصمة ولاية "ساكسونيا" وغيرها خلال السنوات الثلاث الماضية. شارك المغترب "باشوري" في كثير من الأنشطة التي تقدم للطلاب من الطرفين العرب والألمان ضمن اتحاد "الطلاب الأجانب" في لقائه مع مدونة وطن "eSyria" في 2 أيلول 2014قلّبنا صفحات الماضي عبر الإنترنت؛ يقول عن لحظاته التي مرت على عجل: «أستطيع حتى الآن أن أتذكر ليلة الخامس والعشرين من كانون الثاني عام 2005 التي غادرت فيها بلدي الحبيب، والحزن والحماسة اللذان كانا يملآن قلبي، ولا تزال تلك اللحظات الحميمية العائلية تدفئ روحي، بيت جدي يوم الجمعة، أصدقاء طفولتي، وجيران حارتي، ويبقى صوت النواعير الموسيقا الأطرب لأذني. وصلت "ألمانيا" حاملاً في ذاكرتي كل مفردات بلدي التي دفعتني لأصون تفاصيلها، تعلمت اللغة الألمانية في العام الأول ونصف العام من الثاني. بعد تغيير دراستي من الطب البشري إلى الدراسات الشرقية، استمتعت باكتساب المعرفة والتواصل مع الثقافة الألمانية من خلال مجتمعها، وفي السنة الثانية خلال دراستي البكالوريوس تم انتخابي كمتحدث رسمي باسم "اتحاد الطلاب الأجانب" في جامعة "لايبزغ"؛ وهذه الانتخابات فتحت لي الباب لدخول مجال جديد في الجامعة وتمثيل الطلاب "الأجانب" في البرلمان "الطلابي". كانت مهمتي في الاتحاد أن أتحدث باسم الطلاب الأجانب في أكثر من مناسبة، وكنت أذكر في كلماتي دائماً أن كل طالب "أجنبي" يعتبر سفيراً لبلده في هذه الجامعة، لكي يعرّف بثقافته وحضارته. بصراحة العديد من الطلاب خلال دراستي الطب لم يكونوا على معرفة بمكان "سورية" على الخريطة، بل والأخطر من ذلك بناء الرأي الخاطئ من وجهة نظر خاطئة أصلاً؛ فنحن في "سورية" نعتز دائماً بالتعايش بين الأديان "السماوية" وبالتناغم الطيفي؛ فأنا مثلاً تربيت في روضة أطفال كنا نحتفل بها معاً بالأعياد الدينية كافة. لا يتصور الألمان أن هكذا أمثلة موجودة في "سورية". الإعلام الغربي يصور "سورية" والعالم العربي والإسلامي على أنه "أفغانستان". عندما لاحظت هذه المغالطات قطعت على نفسي عهدأ أن أبدأ بنفسي وأقرأ الكتب والمراجع التي شرحت تاريخنا، وقد قمت بنشاطات فردية وجماعية للتعريف بحضارتنا "العربية والإسلامية والمسيحية" في "سورية". ووجهت نظر العديد من الأدباء والكتاب وحتى الناس البسطاء في "ألمانيا"، وبما أن هذا يحتاج إلى طريقة لإيصال الفكرة بالشكل الأمثل سعيت لاكتساب طريقة التدريس وإلقاء المحاضرات من المهندس "عماد أدهم باشوري" رئيس الغرفة "الفتية" في "حماة" "الجي سي إي" الذي سهر معي ليالي طويلة عبر الإنترنت ليعلمني طريقة الإلقاء وطريقة إيصال الفكرة للمستمع».

المغترب باشوري يتسلم جائزة الدااد

ترجم المغترب "عبد العزيز" خطواته على أرض الواقع، وتشابك التبادل الثقافي واللغوي بين الطلاب العرب الذين يتعلمون اللغة الألمانية والطلاب الألمان الذين يتعلمون اللغة العربية، لذلك أوضح السيد "باشوري" قائلاً: «بعد سنتين من عملي في اتحاد الطلاب الأجانب تم انتخابي في مجلس رئاسة الجامعة "كسيناتور" لتمثيل أكثر من ثلاثين ألف طالب، وخلال هذه الفترة كنت عضواً في لجنة التطوير والتحديث لجامعة "لايبزغ"؛ قمنا فيها بتحديث قانون الجامعة هنا ليتطابق مع المعايير الأوروبية والعالمية، وفي أكثر من مقابلة معي في "الراديو" والجرائد الرسمية كنت أحفز الطلاب الأجانب على إتقان اللغة "الألمانية"، وأدعو دائماً لتعزيز التبادل الثقافي مع الجامعات العالمية. فأهم المشاريع التي قمت بها تنظيم الأسبوع "الطلابي العالمي" في الجامعة؛ ألقيت فيه أكثر من محاضرة عن "سورية"، كما أعددت برنامجاً تحت عنوان "كن صديقاً للتبادل اللغوي" بين الطلاب العرب الذين يتعلمون اللغة الألمانية، والطلاب الألمان الذين يتعلمون اللغة العربية. النتائج على أرض الواقع كانت جيدة جداً فالعديد من الطلاب السوريين والعرب، استفادوا من هذا التبادل وكانوا على تواصل مباشر مع الطلاب الألمان، مع العلم أن البنية الاجتماعية في "ألمانيا" صعبة جداً لأن بعض الناس ليسوا منفتحين كما هو الحال عندنا. لذلك يعاني العديد من الطلاب العرب من قلة الاحتكاك والتواصل، وخصوصاً في فترة تعلم اللغة».

انتخب السيد "عبد العزيز" كمتحدث باسم مكتب "الطلاب الأجانب" على مستوى "ألمانيا" في "مؤسسة فريدريش ايبرت"، في حديثه أشار بالقول: «بعد حصولي على جائزة "الدااد" كأفضل طالب أجنبي في جامعة "لايبزغ" لعام 2012، تم قبولي في مؤسسة "فريدريش ايبرت"؛ فهذه المؤسسة تختار أفضل وأنشط الطلاب اجتماعياً على مستوى "ألمانيا"، وتقوم بإعدادهم ومتابعتهم حتى ينتهوا من دراسة الماجستير أو الدكتوراه. تقوم المؤسسة بدعم الطلاب مادياً واجتماعياً وثقافياً وتعد حلقات بحث وورشات عمل على مدار السنة، وتدعو طلابها إلى مؤتمرات عالمية ومحلية في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية. فمثلاً: المستشار الألماني السابق "شرويدر"، وأعتقد وزير الخارجية الحالي "شتاين ماير"، والعديد من الشخصيات المعروفة كانوا في هذه المؤسسة خلال دراستهم، ويقومون بمساعدة الطلاب الموجودين بالمؤسسة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وفي آذار هذا العام 2014، تم اختياري لأكون ممثلاً للطلاب الأجانب. بهدف التعبير عن وجهة نظر المؤسسة في دعمهم ضمن "ألمانيا" ضد أي شكل من أشكال التمييز أو العنصرية».

باشوري رياضي سوري

كثر هم أصدقاء المغترب "عبد العزيز باشوري"، واتفق الجميع على أنه الصديق الصدوق الذي يعمل بعطاء العارف المتابع، يقول صديقه طالب الدكتوراه "حسين عيد": «"عبد العزيز باشوري" شخص عصامي مكافح بكل معنى الكلمة، يتحدث اللغة الألمانية باحتراف، ولم أجتمع بشخص غريب عن ألمانيا ويتقن اللغة بهذه الطريقة. قبل أن ينتخب "عبد العزيز" كمتحدث وممثل للطلبة الأجانب في جامعة "لايبزغ" لم يكن أي طالب أجنبي أو ألماني يعرف أن هناك في الجامعة مكتباً خاصاً لمشكلات ومشاريع الطلبة الأجانب، ولكنه من خلال المؤتمرات والمشاريع التي نظمها خلال سنتين جعل من منصب ممثل "الطلبة الأجانب" حلماً لكل طالب أجنبي في الجامعة، مع العلم أنه انتخاب وليس تزكية، أهم المشاريع التي يتطرق إليها قضية "مكافحة العنصرية" التي ذاع صيتها ليس فقط في مدينة "لايبزيك"، وإنما في "ألمانيا". ويوم القصيدة "العالمي" التي تعرف من خلاله كثيرون من الطلاب الألمان والعرب على الشعر العربي، وأهم شعرائه ومنهم الشاعر الدمشقي "نزار قباني". تعرفته لحسن الحظ أول قدومي إلى ألمانيا، وكان لي شرف العمل معه في عدة مشاريع حتى استطعت أن أحصل على مودة وثقة الطلاب، وتم انتخابي بعده لأمثل الطلبة الأجانب، وأن أتابع قضية مكافحة "العنصرية" في المدينة؛ هذه القضية التي حاربنا من أجلها أكثر من ثلاث سنوات، والتي سيكمل بها شخص آخر لأنها طويلة الأمد. بالنهاية أستطيع أن أقول إنه المغترب "باشوري" فخر الصناعة السورية».

باشوري يشارك في الأمسيات الشعرية الموسيقية