أديب "حماة" وراويتها؛ وأحد سدنة تراثها وصائني جمالها، والمأخوذين بحبها ومفاتنها، ماءً وتراباً وتاريخاً وفكراً، أعطاها من حبه وعمله ونشاطه وتفكيره، حتى أضحت حياته مسيرة جهود غايتها صون تراث "حماة" وإظهاره ناصعاً، إنه "وليد قنباز".

الأستاذ "تمام قنباز" المقيم في "السعودية" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 1 حزيران 2014 عبر أحد مواقع التــواصل الاجتـماعي عن حيـاة والده الأديـب الراحل "وليد قنباز" قـائلاً: «ولد في مدينة "حماة" عام 1935، تلقى دراسته الابتدائية في دار "العلم والتربية"، والإعدادية والثانوية في ثانوية "أبي الفداء"، أتم تحصيله العالي في جامعة "دمشق" كلية الآداب - قسم اللغة العربية، ثم في كلية التربية، فحصل على شهادة الدبلوم فيها، عين مدرساً للغة العربية في ثانويات: "معرة النعمان"، و"سلمية"، و"حماة". وتسلم إدارة ثانوية "ابن رشد"، قصد "الجزائر" في البعثة التعليمية لتعريب التعليم واستقر في مدينة "باتنة" بين عامي 1967-1972، وكان لهذه السنوات أثر واضح في حياته وشعره وزار أوروبا واطلع على آثارها وأوابدها وحضاراتها ومتاحفها ما أغنى تجربته وآفاقه، عاد إلى "حماة" ليستأنف عمله في التدريس وانتقل بعدها إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش مفتشاً ثم مديراً لفرع الهيئة، متزوج وله خمسة أولاد».

الشاعر "وليد قنباز" من الشخصيات الأدبية المعروفة في "سورية" مارس الأدب تدريساً ورواية وإبداعاً ونقداً، كتب مئات الدراسات والمقالات ونشر في معظم الصحف والمجلات العربية، كما حاضر في عدد كبير من المراكز الثقافية والنوادي الأدبية في القطر وخارجه، وتميز بذاكرة واعية وثقافة واسعة، وإلقاء معبر رائع وحديث جذاب، ساهم في برامج التلفاز العربي السوري وإذاعة "دمشق"، ومعظم القنوات الفضائية العربية والغربية

وفي حديثه للمدونة، عضو اتحاد كتاب العرب الدكتور "موفق أبو طوق" يقول: «بيني وبين الأديب الكبير "وليد قنباز" أواصر متينة وصلات حميمة وصداقة موغلة في القدم، وذكريات تعود إلى ربع قرن أو يزيد، كان اسمه مرافقاً لمخيلتي منذ نعومة أظفاري، فقد تردد في مجالس الكبار وعلى ألسنة الطلاب والمعلمين، وفي الأمسيات والمحاضرات والندوات الأدبية، وعلى صفحات جريدة "الفداء" منذ مطلع الستينيات، وعبر مقالاته المتكررة عن النواعير في "حماة" التي أحبها وأحبته وبادلته وفاء بوفاء، حتى أصبح الوجه المرتبط بل الملتصق بها فـ"وليد" شاعر مجيد وناثر مبدع، ومؤرخ بارز وخطيبٌ مفوه، وناقد لاذع وباحث لا يشق له غبار».

موفق أبو طوق

ويضيف: «توجه "وليد" أواخر السبعينيات إلى كتابة التحقيقات المصورة في مجلة "الفيصل"، فبدأ بمدينته التي خصها بموضوع مطول، استعرض فيه نشأة المدينة وجغرافيتها وتاريخها وسورها وأبوابها وأوابدها ومنتزهاتها ومساجدها وقصورها ونواعيرها وأسواقها وأدبائها ومكتباتها وصناعاتها، وكان لهذا التحقيق صدىً كبيراً لدى الأوساط المثقفة في "حماة"، كان أسلوبه متميزاً ونفسه الأدبي امتزج بنفسه المعلوماتي، وكانت تحقيقاته مرفقة غالباً بنماذج شعرية أو مقاطع نثرية تؤكد المعلومة».

بدوره الشاعر "معاوية كوجان" تحدث لنا قائلاً: «الشاعر "وليد قنباز" من الشخصيات الأدبية المعروفة في "سورية" مارس الأدب تدريساً ورواية وإبداعاً ونقداً، كتب مئات الدراسات والمقالات ونشر في معظم الصحف والمجلات العربية، كما حاضر في عدد كبير من المراكز الثقافية والنوادي الأدبية في القطر وخارجه، وتميز بذاكرة واعية وثقافة واسعة، وإلقاء معبر رائع وحديث جذاب، ساهم في برامج التلفاز العربي السوري وإذاعة "دمشق"، ومعظم القنوات الفضائية العربية والغربية».

معاوية كوجان

ويضيف: «كتب الراحل الشعر الكلاسيكي العمودي؛ وتميز بقوة نسجه ومتانة ديباجاته، فله قصائد في الغزل والمديح والوطنيات والوجدانيات، بعضها من القصائد الطويلة والأخرى مقطوعات خفيفة، كما نلحظ في نتاجه نصاعة شعره واستقامة تعبيره الشعري، وفي ديوانه "الحبيبة والعشيقة" أظهر تعلقه الشديد بمدينته "حماة" التي خصها بأكثر من قصيدة، فوصف نواعيرها وبساتينها وأشاد بأعلامها، فيقول:

"يا درة العاصي وأنت عجيبةٌ.. يا سحر روضٍ في العوالم يورقُ

دواوينه

مــن لا يراكِ أميرةً ومليــكة.. فالطـــرفُ منه أحولٌ أو ضيقُ

أو مــا رأى تلك النواعير التي.. ما مثلها قدٌ أدقُ وأرشـــقُ".

وأثناء إقامته في "الجزائر" لم تغب "حماة" ونواعيرها عن مخيلته، فكتب قصيدة "وداع ولقاء" قال فيها:

"قالت: متى عودُنا والعين دامعةٌ.. فقلت: حسبُكِ، قد هيجت أشجاني.

قالت: لقد بعدت عنا مرابعنا.. فأين أهلي، وأحبابي، وخلاني

وأين ناعورة العاصي ومقصفها.. وأين نبع الشذى في عشنا الهاني؟".

رحل الشــاعر والأديـب "وليد قنباز" عام 2005 تاركاً لنا العديد من الإصدارات، منها: خمس دراسات في الأدب، إضافة إلى عدة دواوين مطبوعة، منها: "ديوان من القلب"، "ديوان الحبيبة والعشيقة"، "ديوان ألوان" وهو مازال قيد الطبع، "رجال من بلدي" ترجمة، "محمد العيد"– أمير شعراء الجزائر – دراسة في حياته وشعره، "الدكتور وجيه البارودي كما عرفته" دراسة أدبية ونقدية، "أفامية عبر التاريخ"، "شيزر عبر التاريخ" دراسة تاريخية وأثرية وسياحية، وهناك الآلاف من المقالات والدراسات في الصحف والمجلات السورية والعربية.