ليس بالغريب عن هذه البلدة التي تخطت حاجز الأمية خلال فترة قصيرة قياساً إلى عمرها، فازهرت فيها الثقافة، والحضارة، أن تصبح مثلاً يحتذي به أهالي القرى المجاورة، وما كل هذا التطور السريع إلا نتيجة الاهتمام من قبل سكان هذه القرية بالشأن الثقافي، وانكباب شبابها على نهل العلم من المعاهد والجامعات. إنها "تل الدرة"».

موقع eSyria زار "تل الدرة" التي تبعد عن مدينة "حماة" /23/ كم، وإلى الغرب من "سلمية" بـ/12/ كم.

تقع بلدة "تل الدرة " في منطقة شبه صحراوية، وهي ذات أراضٍ سهلية، ويغلب عليها المناخ المعتدل إذ لا يتجاوز معدل الأمطار السنوي /300/ ملم في السنة

ولمعرفة المزيد التقينا الأستاذ "نوار دلول" رئيس مجلس البلدة، فحدثنا عن المكون البشري والاقتصادي لهذه البلدة، فقال: «عدد سكان "تل الدرة" حوالي /13ألف نسمة/ حسب إحصائية عام /2008/ ولا يوجد فيها وافدين من خارجها، ويعتمد الوضع الاقتصادي عند معظم الأهالي على الزراعة البعلية (قمح وشعير)، والأشجار المثمرة خاصة الزيتون والكرمة، وحالياً بدأ التركيز على زراعة الفستق الحلبي، إضافة إلى تربية الأغنام و الماعز، في مزارع القرية، فيما اعتماد أهلها بشكل رئيسي على الوظائف الحكومية، إلى جانب الأعمال الحرة».

السيد نوار دلول رئيس بلدة تلدرة

أما من الناحية العمرانية التي تميز هذه البلدة يقول: «أبنية البلدة مبنية من البيتون المسلح، كما هو في المدن، وهناك تطور لافت على المستوى التقني لطريقة البناء، فظهرت المباني الحديثة "الفيلات"، وتعتبر الأراضي الواقعة داخل المخطط التنظيمي هي ملكية خاصة، وموجودة داخل المخطط منذ عام /1974/، وجميع العقارات تم فرزها، ولا يوجد فيها أراضٍ من أملاك دولة، وتصل مساحة المخطط التنظيمي للبلدة بحدود 370 هكتاراً تم توسعه بهذا الشكل

عام 1999».

وبصفته رئيساً لمجلس البلدة فقد تحدث عن الخدمات الموجودة في بلدة "تل الدرة"، حيث قال: «ترتبط البلدة بطريق رئيسية مع مدينة "حماه"، وآخر مع مدينة "سلمية"، كما أن هناك طرقاً فرعية تربطها بالقرى المجاورة، مثل: "الكافات" و"الرملية"، إضافة إلى عدد من القرى المجاورة، وتخدم القرية من قبل عدد من السيارات الناقلة الخاصة، كما ويوجد فيها: مدرسة أساسية حلقة أولى، ومدرسة أساسية حلقة ثانية، ومدرسة ثانوية، ومدرسة فنون نسوية».

ساحة بلدة تلدرة

ويضيف: «أما مياه الشرب فالبلدة مخدمة بشبكة مياه للشرب، إضافة إلى شبكة خطوط كهربائية، وهاتف سلكي، ومفتاح القرية للأرقام الثلاثة الأولى (819 و 820 و822)، أما شبكة الصرف الصحي فهي بطول /85 كم/، تم تنفيذ ما مقداره /29 كم/ وبنسبة تخديم 95%».

وانتقلنا إلى الباحث التاريخي الأستاذ "غسان قدور" ليحدثنا عن "تل الدرة" تاريخياً، فذكر لنا حادثة لها علاقة بسبب هذه التسمية فقال: «إن وجود التل بجانب معبر مياه أدى إلى استثمار الأراضي من قبل السيدان "حيدر وتد" و"محمد قهوجي" وهما أول من حاول إعمار البلدة، ففي عام 1876 قاما بزرع الذرة حول التل من جهته الشمالية، وبنيا كوخين بجانب هذه المزروعات، لكن البدو القادمين من "جبال العلا" كانوا يقتحمون حرمة هذه الأراضي بمواشيهم من جهة "السعن الغربي" فما كان من الاثنين "حيدر وتد" و"محمد قهوجي" إلا الدفاع عن ممتلكاتهما، فحدثت مشاجرة بينهما، و"الرعاة البدو"، فأطلق "القهوجي" النار على أحدهم فأرداه قتيلاً، فكان الرد من قبل البدو أن قتلوا "القهوجي" والذي دفن في قمة التل الموجود في هذه القرية، وبذلك فشلت أولى محاولات إعمارها، وفي عام 1883 أي بعد سبع سنوات من الحادثة جاء "علي شربا" من منطقة "نهر الخوابي" في محافظة "طرطوس" حالياً، ومن ثم تدفقت العائلات كعائلة "عسكور"، و"وردة "، و"الدبيات" وهؤلاء من أوائل سكان البلدة».

قصر ميرزا بن مصطفى تامر

وهنا يؤكد أن سبب تسمية هذه القرية جاء بسبب زراعة "الذرة" بجانب التل من الجهة الشمالية، وبسبب وجود ممر مياه أدى إلى تسميتها بـ"تل الذرة" والكلمة المتداولة لاسم البلدة "تلدرة".

وعن التكوين الطبيعي، والمناخي يقول: «تقع بلدة "تل الدرة " في منطقة شبه صحراوية، وهي ذات أراضٍ سهلية، ويغلب عليها المناخ المعتدل إذ لا يتجاوز معدل الأمطار السنوي /300/ ملم في السنة».

سألنا السيد "أحمد رحمة " عضو مجلس البلدة عن الواقع الثقافي، فقال: «نسبة الأمية شبه معدومة في القرية، ونسبة الشهادات الجامعية عالية حيث لا يوجد منزل يخلو من خريج جامعي أو أكثر، ومع ذلك فهم ينتظرون الوظائف لتهب عليهم رغم فسحة الأمل، إضافة إلى وجود نسبة عالية من المهتمين بالشأن الثقافي، حيث يوجد مركز ثقافي يدعو الكتاب والشعراء، والباحثين المميزين، كما أنه يستقبل الفرق المسرحية، ويعرض حلقات بحث، مثل قراءة في كتاب، ويتم الحوار والنقاش مع مقدم المادة، إضافة إلى الدور الكبير الذي يقوم به "المجلس الإسماعيلي المحلي" في استقطاب الجماهير عن طريق المحاضرات، والعروض المسرحية، والمعارض الفنية لأبناء البلدة».

وعن المرافق الأخرى يقول: «يوجد مركز صحي واحد، و8 صيدليات، و 6 عيادات سنية و 1 عيادات طبية علماً أنه يوجد أكثر من 80 طبيباً بجميع الاختصاصات خارج البلدة، وفيها وحدة إرشادية تهتم بالزراعة، والمزارع، ووحدة مياه شرب، ونادٍ رياضي، ومركز طوارئ للكهرباء، وصالة تدريب رياضية، ومركز أعلاف يقدم خدماته لمالكي الثروة الحيوانية، كما وتوجد فيها روضة أطفال واحدة عامة، وحالياً يتم إنشاء روضة أطفال على الطراز الحديث، وفيها مجموعة من الحدائق العامة وهي: "حديقة الساحة العامة"، و"حديقة الزهور"، و"حديقة التل"، أضف إلى ذلك وجود محطتين للمحروقات تخدمان البلدة، والقرى المجاورة».

أما السيد "وحيد كحيل" عضو مجلس المحافظة في "حماه"، فقد حدثنا أهم المعالم الأثرية الموجودة في البلدة، فقال: «عثرت مديرية الآثار بـ"حماة" على تمثال من حجر البازلت يمثل الرجل الجالس بجانب "التل" الذي تنسب تسمية البلدة إليه، كذلك قصر "ميرزا" نسبة لباني القصر "ميرزا بن مصطفى تامر"، إضافة إلى ذلك هناك "قناة العاشق" القادمة من "سلمية" باتجاه "أفاميا" والتي تمر من شمال البلدة، وهي عبارة عن آبار توصل بينها أقنية، يصل طول القناة من منبعها إلى مصبها حوالي /150كم/ بعرض /60 سم/ و عمق /1متر/».

وعن الوضع الاقتصادي وتطوره يقول: «يتركز العمل الاقتصادي على العمل الوظيفي بشكل خاص، بالإضافة إلى ممارسة الأعمال الزراعية، وهناك عدد من المحلات التجارية، وعدد من المحلات الصناعية، كذلك من المداجن ومكابس البلوك التي تقع (داخل وخارج) المخطط التنظيمي».