من يتخيل أن متعة الرياضة مرتبطة بالمشاهدة البصرية، وأن الإثارة بالنسبة للاعبين تترافق دائماً مع معاينة الحدث بالرؤية المباشرة عليه أن يدخل ملعباً تمارس فيه لعبة كرة الهدف للمكفوفين، وسيجد أن بعضاً من قناعاته بحاجة للمراجعة، فهي لعبة بالرغم من أن ممارسيها هم غالباً من المكفوفين أو ضعاف البصر إلا أن من لم يدخل عالمها يكون قد فوت على نفسه الكثير من المتعة لما فيها من تشويق وإثارة.

وللتعرف على هذه اللعبة أكثر التقينا بالشاب "محمد رمضان كرجسلي" الذي يمارس هذه اللعبة منذ 5 سنوات فحدثنا عنها قائلاً: «"كرة الهدف" لعبة خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر تلعب من قبل فريقين يتكون كل فريق من ثلاثة لاعبين أساسيين وثلاثة من لاعبي الاحتياط ولكل منهما الحق في استبدالات ثلاثة. ومهمة كل فريق من الفريقين تتمثل في صد الكرة ومنعها من الوصول للمرمى الخاص بالفريق وتسديد الركلات باتجاه مرمى الفريق الآخر من أجل إحراز الأهداف، وأما الزي الخاص باللاعبين فهو عبارة عن زي يشبه زي الحارس في كرة القدم ومزود باسفنج للحماية عند المرفق والركبة، ويحظر ارتداء أية نظارات أو عدسات لاصقة أثناء المباراة. كما أن الاتحاد العالمي لرياضات المكفوفين يلزم اللاعبين بتغطية أعينهم بغطاء العين عند خوض أي مباراة من هذا النوع.

أنا أحد الأعضاء المبصرين في الجمعية شدتني هذه اللعبة حين شاهدتهم يمارسونها، وحين قررت أن أجربها وجدت فيها متعة لا تقل عن المتعة في أي رياضة أخرى من رياضات المبصرين

تؤدَّى مباراة كرة الهدف على أرضية صالة رياضية، ويجب أن يكون خط المرمى ثابتاً وواضحاً ولا يتجاوز 15 سم، أما الكرة فتزن حوالي الكيلو وربع الكيلو غرام ويكون بداخلها جرس وفيها ثمانية ثقوب، وتتألف المباراة من شوطين مدة كل شوط عشر دقائق تتخللهما استراحة لمدة 5 دقائق».

الشاب محمد رمضان كرجسلي

أما الملعب وأبعاده فقد بينها قائلاً: «يبلغ طول ملعب كرة الهدف 18 متراً بينما يبلغ عرضه 9 أمتار، ويقع المرمى في نهاية المنطقة المخصصة لكل فريق، ويتوزع لاعبو الفريق في هذه المنطقة ويلتزم كل منهم بمكانه وهو يقف على ركبتيه».

وفيما يتعلق بالحكام في هذه اللعبة سألنا الشاب "محمود أحمد غدير" الذي يمارس هذه اللعبة أيضاً منذ عدة سنوات: «حكام هذه اللعبة من المبصرين وعددهم 6 حكام، أربعة للزوايا، وحكم رئيسي، وحكم للتبديل.

الشاب محمود أحمد غدير

ويجب أن يكون أي خط أو علامة من العلامات الموجودة في الملعب واضح التخطيط لتسهيل الرؤية».

وعن بعض قواعدها أضاف: «أهم القوانين في هذه اللعبة هو الصمت لأن حاسة السمع هي أساس اللعبة، والصمت يجب أن يلتزم به اللاعبون والحضور وإصدار أي ضجيج من أحد اللاعبين يعاقب عليه بضربة جزاء، ووضع أي لاعب يده على واقي العينين يتسبب أيضاً بضربة جزاء، كما أن قذف الكرة على ارتفاع كبير يستلزم العقوبة السابقة أيضاً».

وحول انتشار هذه اللعبة بين المكفوفين في "دير الزور" أجابنا: «لعبة "كرة الهدف" لعبة لها شعبيتها ولا تقل أهمية عن الرياضات الأخرى عند المكفوفين مثل الشطرنج وألعاب القوى إلا أنها لعبة حديثة نسبياً في "دير الزور"، ولدينا فريق يمارس اللعبة بإشراف "جمعية رعاية وتأهيل المكفوفين" وشاركنا في عدة أنشطة منها الدوري السوري لكرة الهدف وحصلنا بحمد الله على المركز الأول في دوري الذهاب ونطمح للحصول على البطولة، وهي لعبة إلى الآن في "دير الزور" يلعبها الذكور فقط، بين سن 15 وسن 30».

ومن الجدير بالذكر أن متعة هذه اللعبة قد قادت الكثير من الشباب المبصرين للعبها مع المكفوفين بعد تغطية العينين؛ مثل الشاب "جمعة الأشرم" الذي حدثنا عن هذه التجربة بالقول: «أنا أحد الأعضاء المبصرين في الجمعية شدتني هذه اللعبة حين شاهدتهم يمارسونها، وحين قررت أن أجربها وجدت فيها متعة لا تقل عن المتعة في أي رياضة أخرى من رياضات المبصرين».