عند التقاء الفرات بالخابور، وعلى بعد 42 كم، تقع مدينة "كركسيون" في الجنوب الشرقي من محافظة "دير الزور"، والتي تعني في اليونانية القلعة المحصنة، و"كاركا" في الآرامية أي المدينة.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 11/5/2013 الباحث الآثاري "عدنان بدر الدين" الذي تحدث بالقول: «قيل إن اسم المدينة القديمة هو"نابا كاث" ثم "شوبورا" أي المدينة الكائنة على الخابور، وسميت "ميلدا" أو ميلد، وفي عهد الملك "سرغون" الأول ملك آشور في القرن التاسع قبل الميلاد أصبح اسم المدينة "سركي"، وكانت تابعة لمملكة "آشور"، وفي سنة 878 قبل الميلاد امتنعت "سركي" وغيرها من مدن الخابور عن تأدية الخراج إلى ملك "آشور" (ناصر بال) فاجتاحها وخرب كل البلاد الواقعة على طول مجرى الخابور والفرات الأوسط فاحرق المدن وذبح السكان».

بعد ثلاثمئة سنة ادخل "دارا الأول" العاهل الفارسي المنطقة الواقعة ما بين الخابور والفرات في ولايته الـ23، وجعلها منطقة غنية بديعة بفضل طرائق فنية من الري، حيث أنشأ ترعاً تصل ما بين النهرين، ومن آثار تلك الأعمال العظيمة من الري ما زالت باقية "ترعة نهر دورين"

أضاف: «بعد ثلاثمئة سنة ادخل "دارا الأول" العاهل الفارسي المنطقة الواقعة ما بين الخابور والفرات في ولايته الـ23، وجعلها منطقة غنية بديعة بفضل طرائق فنية من الري، حيث أنشأ ترعاً تصل ما بين النهرين، ومن آثار تلك الأعمال العظيمة من الري ما زالت باقية "ترعة نهر دورين"».

عبد القادر عياش

ويشير الباحث "عبد القادر عياش" في مجلة "صوت الفرات" بالقول: «كانت لمنطقة الخابور سواء العليا أو السفلى أهمية استراتيجية كبيرة بين الشرق والغرب تمر منها تجارات ومواصلات العالم القديم، وكانت منطقة الخابور نقطة حدودية بارزة وخاصة بين الحدود الفارسية والرومانية والبيزنطية، ولذلك قامت الحصون على ضفاف الخابور، ومازالت التلول الاصطناعية القديمة قائمة عليها».

يتابع: «في العهد الروماني سميت "كركسيون" أو "كيركيسون كاسترون" و"كاسترون" تعني في اليونانية القلعة المحصنة، و"كاركا" في الآرامية تعني مدينة، وأولى الإمبراطور الروماني "دقلسيان" مدينة "كركسيون" اهتمامه بالنظر لأهميتها وحسن موقعها، فجعل منها حصناً قوياً على الدول الأكثر تقدماً للإمبراطورية الرومانية في بلاد ما بين النهرين الجنوبية».

قرقيسياء

يضيف: «تقوم أنقاض المدينة القديمة "قرقيسياء" فوق تل مرتفع، وإلى اليوم يرى سور المدينة وقد نقضه السكان الحاليون منذ عشرات السنين ليأخذوا الآجر القديم لبناء منازلهم، وفي شمال بلدة البصيرة هناك رؤوس أعمدة رخامية رومانية.

ففي أواخر القرن التاسع عشر قامت البعثة الألمانية، والبعثة الإنكليزية ببعض الحفريات، وقاموا بدراسة الكتابات المنقوشة، فأسفرت هذه الأبحاث عن أن حوض الفرات والخابور كان أيام إبراهيم الخليل سنة 1050 قبل الميلاد مقسماً إلى إمارات صغيرة لكل إمارة ملك لا تتعدى مملكته بعض القرى».

التقاء نهر الفرات والخابور

وأوضح الباحث "رامز علوان" بالقول: «في مطلع السنة الثالثة عشرة للهجرة عام 634 الميلادية أواخر عهد الخليفة أبي بكر الصديق توجه القائد "خالد بن الوليد" الذي كان يحارب في العراق إلى الشام مدداً إلى القائد العربي "أبي عبيدة" الذي كان على أطراف الشام وقد سلك "خالد" بتوجهه إلى الشام طريق الفرات متوجهاً من الحيرة فمر بـ"كركسيون" فأغار على ما حولها وأخذ الأموال وحاصر أهلها حتى أجابوه الصلح حسبما جاء في كتاب "الخراج لأبي يوسف"».

وقال "حمزة الأصهابي": «"قرقيسياء" معرب من "كركيسيا" وهو مأخوذ من "كركيس" وهو اسم لإرسال الخيول المسمى بالعربية "الحلبة"، فالعرب عربوا اسمها القديم اليوناني "كركسيووم" الذي كان الغالب على المدينة إلى "قرقيسياء"، وفي عام 1903 مر" ارنست هرزفيلد" (رحالة وعالم آثار ألماني) بمنطقة تشكل رأس المثلث عند التقاء نهر الفرات برافده الخابور وتوقف "هرزفيلد" عند قرية صغيرة شرق سورية تدعى "قرقيسياء"، وشاهد فيها قلعة عسكرية مربعة الشكل مشيدة بالآجر لها أبراج في زواياها».