يقع "تل السن" الأثري على بعد 11 كم جنوب شرق "دير الزور"، بالقرب من قرية "مراط" على الضفة اليسرى لنهر الفرات ويظهر على شكل قلعة تحيط به مدينة أثرية.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 28/1/2013 الآثاري "عمار كمور" ليحدثنا عن "تل السن" الأثري فقال: «إنّ المكتشفات الأثرية التي تمت في الموقع ضئيلة جداً، وتتمثل بسبر منطقة السور، بينما تركزت أغلب أعمال التنقيب والدراسة ضمن قطاع المدافن، ومع هذا فقد قدمت هذه الأسبار معلومات تشير إلى فترات استيطان الموقع ووجود مدينة محصنة تعود للعصر البيزنطي، أي إن البقايا الأثرية للموقع الحالي مؤرخة على القرنين الخامس والسادس الميلادي، كذلك تم التأكد من وجود سويات مؤرخة على عصر النيوليت».

تعود للعام 1978 من قبل دائرة آثار دير الزور وذلك ضمن منطقة المدافن، ومن ثم كانت هناك أعمال أخرى أيضاً ضمن منطقة المدافن في عام 2003 عندما كانت بلدية قرية مظلوم تقوم بشق طرق لتنفيذ المخطط التنظيمي، وقد أسفرت هذه الأعمال عن كشف عدد من المدافن، وبناء على هذا الاكتشاف تم تشكيل فريق أثري من دائرة آثار دير الزور الذي تابع أعمال تنقيب المدافن المكتشفة خلال العام نفسه

وأضاف "كمور" بالقول: «قدمت الأبحاث بخصوص الأسبار على السور نتائج مهمة تتعلق بتقنية بناء التحصينات في تلك الفترة والمواد المستخدمة التي كانت في أغلبها من اللبن، ومن جهة أخرى فإن أعمال التنقيب والدراسة التي شملت المدافن كانت في غاية الأهمية، ولاسيما أنها احتوت على عدد كبير منها بلغ 170 مدفناً جماعياً، وهذه المدافن قدمت الكثير من المعلومات المتعلقة بالسكان في ظل غياب المعلومات الكتابية».

جانب من سور تل السن

ومن خلال البحث في كتب ومراجع التاريخ وجد العديد من المؤرخين مروا بالموقع وكتبوا عنه، فقد ذكره "ياقوت الحموي" في "معجم البلدان" على أنه تل أثري قديم، ويأخذ الموقع شكل شبه مستطيل وتبلغ مساحته 25 هكتاراً ويتألف من قسمين: الأكرُبول ويتوضع في الجزء المرتفع، ومنطقة منخفضة، يحيط بالموقع سور من ثلاث جهات في حين شكل المجرى القديم لنهر الفرات حماية طبيعية لباقي أجزاء الموقع، وخارج الأسوار تتوزع المدافن في الجهة الشمالية والشمالية الشرقية وتمتد على مساحة كبيرة جداً وتضم العديد من النماذج ذات الأشكال المختلفة.

كما ذُكر "تل السن" في البداية من خلال الرحلات الاستكشافية لنهر الفرات عام 1898 من قبل "ب. بيتر" الذي تحدث عن وجود موقع يحتوي بقايا أثرية هامة، أما في عام 1911م فقد وصل "هيرزفلد" إلى الموقع وكان أول من أرخ الموقع على العصر الروماني البيزنطي، وزاره من بعده "دوفيرتي" الذي تجول في الموقع والتقط عن السطح العديد من العينات الفخارية وأرخ بعضها على عصر البرونز والعصر الروماني والبيزنطي والعربي، وقد وصف "بوادبيرد" الموقع بأنه مدينة محصنة لها مخطط خماسي الأضلاع، يتوضع بالقرب من مدينة "دير الزور".

موقع التل على خريطة غوغل

أما بخصوص أول أعمال التنقيب فأشار الباحث المرحوم "أحمد شوحان" بالقول: «تعود للعام 1978 من قبل دائرة آثار دير الزور وذلك ضمن منطقة المدافن، ومن ثم كانت هناك أعمال أخرى أيضاً ضمن منطقة المدافن في عام 2003 عندما كانت بلدية قرية مظلوم تقوم بشق طرق لتنفيذ المخطط التنظيمي، وقد أسفرت هذه الأعمال عن كشف عدد من المدافن، وبناء على هذا الاكتشاف تم تشكيل فريق أثري من دائرة آثار دير الزور الذي تابع أعمال تنقيب المدافن المكتشفة خلال العام نفسه».

وأضاف "شوحان" بالقول: «هذه المدافن امتدت على مساحة تزيد على هكتار ونصف، وتقسم إلى مجموعتين الأولى مدافن عادية عبارة عن حفرة مستطيلة تضم معزباً واحداً أو معزبين ويتم إغلاقها بواسطة لوح من القرميد ويبدو أن هذا النوع تم هجره لاحقاً بعد أن ساد نوع جديد وهو عبارة عن مدافن أرضية مؤلفة من درج وفي نهاية الدرج مدخل يفضي إلى حجرة جنائزية منحوتة ضمن الصخر تحتوي على ثلاثة قبور حجرية معقودة تأخذ شكل صليب».

ويتابع "شوحان" بالقول: «قدمت هذه المدافن معلومات مهمة عن سكان المدينة وعاداتهم، وبينت الكسر العظمية التي تم العثور عليها نسبة الوفيات العالية للشباب مقارنة مع كبار السن والأطفال، أما بخصوص الطقوس الجنائزية فقد أمكن التعرف على بعضها من خلال اللقى، فقد تبين استخدام توابيت خشبية وعثر على مسامير معدنية وبقايا من مادة الخشب ضمن معازب الدفن، كما تم العثور على لقى وحلي كانت مدفونة مع أصحابها، ورغم أنها بسيطة إلا أنها ذات قيمة للدلالة على الاعتقاد بالحياة الأخرى وهذه اللقى كانت تقدم للمتوفى باعتبار أنه سيحتاجها مثل الأواني الفخارية والزجاجية وأدوات تجميل كالمرايا ومكاحل ومشابك عظمية بالإضافة إلى الخواتم والأساور».