بالقرب من عين "علي" وفوق تلة طبيعية عالية ومنبسطة، تقوم مئذنة شهيرة والتي تشكل الحد الجنوبي القديم لمجرى نهر الفرات وهي مشيدة بالآجر والحجارة الأثرية القديمة، تعرف باسم منارة أو مئذنة "الإمام علي" الذي أمر ببنائها.

يقدر عمر المئذنة بـــ 1355 عاماً تعود لأيام معركة "صفين"، فهي تقع بالقرب من مدينة "القورية" التي تبعد 62 كم جنوب شرق "دير الزور".

إذا كانت المرأة عاقراً حملت وأنجبت، وإذا كان الشاب فقيراً استغنى واغتنى، وإذا كان الأمر عسيراً غدا سهلاً يسيراً

وللتعرف على تاريخ بنائها، التقت مدونة طن "eSyria" بتاريخ 3/1/2013 الباحث "حيد نعيسة" الذي تحدث في كتابه "عين علي" عن المئذنة بالقول: «للمئذنة شكل مثمن الأضلاع، وشرفات مزخرفة وبعض المحاريب، يصعد إلى أعلاها عن طريق الدرج الحجري الحلزوني المبني في وسطها، وبين المئذنة والعين سفح عال تظهر عليه بقايا أساسات وجدران ممسوحة لم يبق منها إلا اليسير، وقد تهدم قسم من المئذنة بفعل مرور الزمن والإهمال.

عين "الإمام علي"

ويروي الناس أن المئذنة بنيت بالقرب من العين في عهد الإمام علي كرم الله وجه، حيث بنى الجامع والمئذنة وفجر عين الماء أثناء مروره في المنطقة وقبل توجهه لمعركة صفين».

يضيف: «تبدو المئذنة كمنارة تدل وتهدي كل قافلة في طريقها من أعماق البادية إلى "تدمر والرقة"، خاصة أن طريق الحرير التاريخية كانت تمر من مدينة ماري الأثرية، ولعل المئذنة أعلى نقطة في المنطقة كلها، من جهة أخرى يقال إن المئذنة أثر أموي خالص وذلك بالنظر للنقوش والزخارف الجصية الواضحة فيها، وقد كان الأمويون أول من استخدم مادة الجص في البناء».

المئذنة

ويسمي البعض هذه المئذنة مشهداً أو منارة أو شاخصاً للصلاة أو للجيش أو للرماة أو مرصداً أو محرساً أو محطة للبريد أو برج مراقبة على خط سير قوافل التجار والحجيج، وهنا يقول الباحث "معين العلي": «يقع هذا الصرح في الشرق، وهو حرم صغير يتألف من بقايا مسجد بمنارة ثمانية الأضلاع، بالإضافة إلى عدة أبنية منهارة كانت ملحقة به ويزوره الناس ويقدمون الأضحيات من الغنم والماعز إبعاداً لسوء الطالع أو لعلاج العقم أو للخلاص من سوء الحال ونيل الحظ والفأل الحسن».

وفي مقابل ذلك يقول السيد "ياسين الغرباوي" المشرف العام على مجمع أضرحة شهداء "صفين": «إن ما يسمى المئذنة هو أثر عباسي، وهو مرصد بناه الخليفة العباسي المتوكل للتمويه على حقيقة معجزة العين، عندما عجز عن إخفائها وكان قد أمر مراراً وتكراراً بردم هذه العين ومحوها عن الوجود، لكنها ظلت تتدفق بإعجاز أكثر من 1355 سنة».

المئذنة من غوغل إرث

ومن أهم العادات التي اعتاد أبناء المنطقة عليها ولا يزالون هي عادة يمكن تسميتها "كشف الفال" والتي تحدث عنها الباحث الاجتماعي "محمود العلي" بالقول: «لا يزال النساء أو الرجال يصعدون إلى أعلى المئذنة عبر سلمها ويرمي الواحد أو الواحدة من علٍ قطعة ثياب أو قماش أو منديل أو قميص أو شيئاً مما يلبس، فإذا سقط الشيء ملفلفاً كلفة أو صرة، فإن الرامي يتشاءم من سنته تلك، أما إذا سقط الشيء مفتوحاً منبسطاً "مرفرفاً" فإنه يتفاءل بالخير ويكون عامه سعيداً وفأله حسناً».

يتابع: «إذا كانت المرأة عاقراً حملت وأنجبت، وإذا كان الشاب فقيراً استغنى واغتنى، وإذا كان الأمر عسيراً غدا سهلاً يسيراً».

وتقوم في منطقة العين آثار ظاهرة ومطمورة كثيرة تحدث عنها الآثاري "عمار كمور" بالقول: «تدل التنقيبات الأثرية على أنها بقايا بلدة مملوكية حملت في عهد المماليك اسم "مشهد"، وكان فيها مسجد صغير وزاوية قد تهدمت مع توالي القرون، وفي عام 1956 أزيل الجامع وتناثرت بقاياه على التل القريب من العين ولم يبق منه سوى أساساته والمئذنة التي لم تهدم، وقد جرت بعض أعمال الترميم على المئذنة عام 2005».