تقع "تيرقا" في وسط المسافة بين ماري ومصب الخابور على الفرات في محافظة "دير الزور" وتبعد عن ماري 60 كم إلى الشمال فوق تل يطلق عليه اسم تل العشارة وعثر فيه على معبد الآلهة عشتار ربة الحب والخصب والحرب والماء.

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار "يعرب العبد الله" بتاريخ 20/11/2012 للتعرف على الموقع الأثري "تيرقا" يقول: «كانت "العشارة" مدينة عامرة وكانت تابعة لمدينة "ماري"، وقد سميت "تيرقا"، وتقع على تل اصطناعي شرقي بلدة الميادين /15/ كيلو متراً، وقد عثر فيها على معبد الآلهة "عشتار"، وبدأ التنقيب الأثري في تل العشارة "تيرقا" في سنة /1923/م عندما جاء الفرنسيان "بدورم – تورو دنجان" إلى تل العشارة وقاما بأعمال تنقيب سريعة ومحدودة اظهر خلالها الطبقات الأثرية التي تعود إلى أوائل الألف الثالث قبل الميلاد وفي عام / 1975 / م، قامت بعثة أثرية أمريكية من جامعة "جونز هوبكنز" بالتنقيب، وفي عام /1976 / تابعت البعثة الأمريكية من جامعة "لوس انجلوس" بإدارة (جورجيو بوتشيلاتي) عمليات التنقيب حتى عام / 1987/ م، ثم تابعت البعثة الفرنسية جامعة "ليون" الثانية، ثم التحقت بها بعثة ايطالية من جامعة "بافيا"، وتوسعت أعمال التنقيب بدءاً من سنة /2000/م لتشمل موقع المصابخ المجاور لتل العشارة، ويعتبر عام /2005/ م انعطافه مهمة بالنسبة للتنقيب بهذا التل بسبب تشكيل بعثة سورية- فرنسية مشتركة يترأسها من الجانب الفرنسي "روو"، ومن الجانب السوري مدير دائرة آثار دير الزور الأسبق "ياسر الشوحان"».

المكان رائع، ويشدك إليه منذ الدقيقة الأولى لزيارته، وقد أتيت مع زوجي إلى هذه المنطقة للعمل، لكني لا أترك مكاناً أثرياً إلا وآتي إليه في هذه المنطقة الغنية

وأضاف: «كانت "تيرقا" في الألف الثالث قبل الميلاد تشكل مركزاً مدنياً، والدليل على ذلك وجود سور دفاعي حصين وضخم يحيط بالمدينة، يبلغ محيط السور 2كم وسماكته 20 م، ويتألف من ثلاثة أطواق من اللبن المتين، الطوقان الداخلي والأوسط مصفحان عند قاعدتهما بالحجر الكلسي، ويتقدم الطوق الخارجي فراغ يدور حول السور مشكلاً ممراً، وثمة أبراج تبرز إلى الداخل والخارج، وأحيط السور بخندق عريض، ومن منتصف الألف الثالث قبل الميلاد أصبحت "تيرقا" مركزاً للفاعلية التاريخية كمملكة ماري التي كانت تسيطر على منطقة الفرات الأوسط وحوض الخابور من /2100 – 1760/ قبل الميلاد، ويؤكد ذلك ما جاء في محفوظات "ماري الملكية" إذ عثر على حوالي /200/ رسالة من "تيرقا" موجهة إلى البلاط في ماري، ومن المحتمل أن تكون "ماري" هي التي أسستها كحصن دفاعي يحميها من الشمال بالإضافة إلى كونها مركزاً دينياً مهماً في منطقة الفرات الأوسط، وتشير المعطيات إلى مساهمتها في تأسيس وتنظيم النشاط والفاعلية الاقتصادية لمدينة ماري حيث تحولت إلى احد المراكز الأساسية لمقاطعة مملكة ماري وتشترك ماري و"تيرقا" في أن سيد الأرباب في كلتيهما هو الإله "دجن"».

وشرح "العبد الله" كيف أن للقى الأثرية في "تيرقا" أهمية ومنها الوثائق الرقم المسمارية المكتشفة التي قدمت معلومات مهمة تغطي فترة تمتد من سقوط ماري عام /1760 – وحتى 1600/ قبل الميلاد وهي فترة انتابها بعض الغموض لعدم توافر الوثائق التي تدل عليها ولا سيما في منطقة الفرات الأوسط وحوض الخابور الأدنى، وقدم التنقيب دليلاً اثرياً مهماً عن أضخم سور دفاعي للمدينة من الألف الثالث قبل الميلاد في منطقة الهلال الخصيب بأسرها، وبعض اللقى الأثرية التي عثر عليها في المدينة وقدم دليلاً على وجود تجارة مع الشرق الأقصى، تؤكد على أن زمن نشوء "تيرقا" يعود إلى /3000 / قبل الميلاد ولم يعثر على لقى تعود إلى ما قبل ذلك.

من الزوار الذين زاروا "تيرقا" السيدة "كاتيا البغجاتي" وقالت: «المكان رائع، ويشدك إليه منذ الدقيقة الأولى لزيارته، وقد أتيت مع زوجي إلى هذه المنطقة للعمل، لكني لا أترك مكاناً أثرياً إلا وآتي إليه في هذه المنطقة الغنية».