تربع على الطرف الجنوبي من ضفاف الفرات ليقابل مصب الخابور عبر آلاف السنين الماضية مشكلاً قرية نموذجية تعتبر مثالاً للقرى التي تعود للعصر الحجري وفيها يكمن سر جمالية تل "بقرص" الأثري.

وللتعرف أكثر على "تل بقرص" الأثري التقت "مدونة وطن" "eSyria" الباحث التاريخي "حسن الدغيم" الذي تحدث بالقول: «اكتشف التل الهولندي "فان لير دوكونتسون"، وأجرى فيه سبراً تبين منه أن طبقة الاستيطان البشري تضم /8/ مراحل استيطان وتبلغ سماكتها 5م.

توجد أشكال متنوعة أهمها رأس رجل من الطين وامرأة جالسة، دمى الرجال والنساء من العظم، ثور من الألباستر، الحلي الشخصية تشمل غالباً اللآلئ والحلق بأشكال متنوعة، حيث وجدت آلاف اللآلئ من الصدف والحجر في بيت واحد

كما دلت اختبارات الإشعاعات الفحمية على أن الاستيطان بدأ حوالي عام 6400 ق.م واستـمر إلى حوالي5900 ق.م وتغـطي بقايا آخر مرحـلة مساحة أبعادها 275×100م تقريباً، والتنقيب في التل بدأ في عام 1976».

أحد المعالم الآثرية

وعن إنشاء هذه القرية في هذا الوسط الجاف يضيف السيد "الدغيم": «لم يسكن تل بقرص منذ العصر الحجري الحديث، وتعرضت قمته خلال 8000 عام لعوامل الحت حتى ظهرت أحياناً أرضية المرحلة الأخيرة في الاستيطان على السطح مباشرة، ويبدو أن القرية بنيت حسب مخطط محدد فالبيوت متلاصقة وتؤلف صفاً على كل من جانبي الشارع أو الساحة، وأغلب البيوت من الشمال الشرقي موجهة نحو الجنوب الغربي، والبيوت الفردية تتبع مخططاً موحداً، يضم البيت ثلاث غرف طويلة ويتراوح حجمه من12×10م إلى 7×7م ويصادف أحياناً وجود بيوت ذات مخطط طولاني 14-15م، والعرض 5-6م.

كشفت تنقيبات 1976-1977 عن 188 بيتاً كشفاً كاملاً أو جزئياً، وجدت أرضية البيوت في قمة التل على السطح أو مباشرة تحته، الجدران مبنية من اللبن المجفف تحت أشعة الشمس والمرصوف طولاً وعرضاً على التناوب، وتضم قواعد الجدران حتى 13 مدماكاً من اللبن، وقد ملئت الفراغات بخليط من الأنقاض السابقة لبناء الأرضيات الجصية، البيوت على المنحدر الجنوبي الغربي من القمة محفوظة بشكل أفضل يبلغ ارتفاع ما تبقى من الجدران أحياناً 1.70م، أما الجدران والأرضيات فمكسوة بالطين أو الجص ومدهونة في بعض الأحيان بالمغرة الحمراء».

أما بالنسبة للقى والصناعة في التل فأشار الطالب "عامر السعيد" في كلية الآداب- قسم التاريخ بالقول: «نرى أن القمة هي الأكثر غنى باللقى مما كان متوقعاً، إلى جانب الأدوات الحجرية والعظمية وجدت كمية من الأواني الفخارية، ودمى حيوانية وبشرية من الحجر والعظم والطين، فالأدوات الحجرية مصنوعة غالباً من الصوان والمادة الأولية مأخوذة من هضاب الفرات المجاورة أو من مكان آخر يؤلف الأوبسيدن 7% من مجموع الأدوات وهو مستخدم في صنع النصال الصغيرة».

وعن الفخار الموجود في التل يضيف: «يوجد كمية كبيرة من كسرات الأواني الفخارية تسمح بتمييز شكلين رئيسيين من الأواني الأول مفتوح والثاني شكل مغلق والجوانب محدبة أو مخددة ويتراوح القطر بين 10-30سم السطح مصقول أو مطلي بالورنيش أو مدهون باللون الأحمر ثم بالورنيش.

والأواني الحجرية الأكثر غزارة من الأواني الفخارية وهي عبارة عن الزبادي مستديرة القاعدة وصحون صغيرة وأوعية على أربعة قوائم مصنوعة من الألباستر أو الصوان أو الديوريت أو الحجر الأخضر، أما الأواني البيضاء فيمثلها عدد قليل من الأواني الكاملة وعدد كبير من الكسرات معظمها ذات سلال أو أحواض واسعة مصنوعة بضغط من الجص الطري داخل سلة وبعد أن يجف الجص تنزع السلة، ووجد القليل من الطواحين والكثير من حجارة الحك وهي مصنوعة من الصوان وتستخدم في جرش الحبوب».

وأما بالنسبة للدمى والحلي فيذكر بالقول: «توجد أشكال متنوعة أهمها رأس رجل من الطين وامرأة جالسة، دمى الرجال والنساء من العظم، ثور من الألباستر، الحلي الشخصية تشمل غالباً اللآلئ والحلق بأشكال متنوعة، حيث وجدت آلاف اللآلئ من الصدف والحجر في بيت واحد».