اختلفت طرق دفن الموتى في حضارة الفرات وفق المعتقدات الدينية والذهنية لكل فترة تاريخية عاشتها تلك الحضارات، حيث كانت توضع الجثث بعناية فائقة تدل على الاعتقاد "بحياة ما بعد الموت" والخلود في العالم الآخر.

موقع eSyria التقى بتاريخ 13/2/2012 الباحث الآثاري "ياسر شوحان" للتعرف على أسرار دفن الموتى في حضارات الفرات الأوسط والذي قال: «اكتشفت أول ظاهرة للدفن في منطقة الفرات الأوسط تعود للألف الخامس قبل الميلاد، حيث كان الدفن يتم تحت أرضيات المنازل أسفل الجدار ويراعى أن يتجه الوجه للجدار بالوضعية الجنبية، وتدفن إلى جانب الميت مرفقات جنائزية مثل الأواني المنزلية التي كان يستخدمها والأسلحة والحلي».

عُثر على قبر ضمّ هيكل طفل مدفون داخل جرة، الرأس باتجاه الجنوب، وقد ضمّ القبر مجموعة من الصدف وقطعا صغيرة من الزجاج الأزرق وحجارة جصية، وقرطين برونزيين

وأضاف "شوحان" بالقول: «بعد أن توضع المرفقات يتم إغلاق القبر "بالمخاريط" وهي قطع طينية صغيرة على شكل البيضة تستخدم لقفل الخزائن الخاصة وهي أشبه بوظيفة ختم الشمع الأحمر في وقتنا الحالي».

قبر الاناء المزدوج الروماني -تل شيخ حمد.

وأوضح "شوحان": «إن تمجيد الموت لدى القدماء جعل من ظاهرة الموت الطبيعية ظاهرة ثقافية تنبع من الرفض لواقع الموت ولذلك تعددت الأساطير حول الخلود في العالم الآخر وهو ما يفسر وجود الجثث في وضعيات رمزية مختلفة بين حقبة تاريخية وأخرى».

وعن اختلاف دفن الموتى بين الأغنياء وعامة الناس التقينا الآثاري "عمار كمور" والذي قال: «في الألف الثالث قبل الميلاد المعروف أثريا بفترة "الشكناكو" أي فترة حكم الأكاديين كان الدفن يتم في قبو مبني بجدران من القرميد ومسقوف على شكل جملون السقف المائل وتعود هذه المدافن للأغنياء وللميسورين ماديا أما حالات الدفن الشعبي لعامة الناس فكان يتم دون أي وقاية ويكون محاطا بطبقة من الجرار الصغيرة تحوي مرفقات جنائزية للميت».

الباحث الأثاري ياسر شوحان

وتابع "كمور" قائلاً: «في الألف الأول قبل الميلاد شاع نموذج آخر للدفن وهو الدفن داخل جرار فخارية حيث كان يتم وضع الميت إذا كان صغيرا داخل جرة وتسد فوهتها بالجص وتدفن في التراب أما إذا كان الميت كبيرا فيؤتى بجرتين تقص قاعدتيهما ويتم وضع الميت داخلهما ويلحم الوسط بالجص وتسد الفوهتان أيضا به وتدفن تحت التراب».

وأشار "كمور" بالقول: «تم العثور في موقع الشيخ حمد على هيكل عظمي لفتاة مدفونة داخل جرتين وتظهر بعض الحلي المصنوعة من البرونز والخرز تحيط بعظام الرقبة والمعصم، وهيكل عظمي آخر لطفل صغير داخل جرة».

الدفن داخل الجرة

وأوضح الآثاري "رامز علوني" بالقول: «عثر في موقع "حلبية وزلبية" على مدافن بشكل أبراج مربعة ينزل إليها بدرج، كما تم العثور على مدافن طابقية مشكلة من قبرين أحدهما فوق الآخر ومدافن برجية مربعة الشكل على ارتفاع عشرين مترا يصعد اليها بدرج إلى الأعلى والقبورعلى شكل فجوات مرتبة على ثلاثة صفوف لكل طابق».

الآثاري "يعرب العبد الله" تحدث على تلك المدافن والقبور في تل "العشارة" فقال: «تعود أهم القبور المكتشفة في "تل العشارة" إلى فترتين زمنيتين الأولى هي الألف الثالث قبل الميلاد والثانية هي الألف الأول، ومن تلك المكتشفات القبر الذي ضم هيكل امرأة بالغة، وإلى جانبها عدد من الخرزات، ودبوسان لهما رأس كروي، مع خاتم مصنوع من البرونز وصدفتين، ومجموعة من الأواني الفخاريـة المخروطية الشكل، مرصعة بالصدف، وقد دُفِنت المرأة على جانبها الأيسر في وضـعية القرفصاء وكانت تحتضن إناء وُجِد فيه خرزتان وخاتم مصنوع من البرونز».

وأضاف "العبد الله" بالقول: «عُثر على قبر ضمّ هيكل طفل مدفون داخل جرة، الرأس باتجاه الجنوب، وقد ضمّ القبر مجموعة من الصدف وقطعا صغيرة من الزجاج الأزرق وحجارة جصية، وقرطين برونزيين».

  • الصورة الرئيسية زودنا بها الباحث "ياسر شوحان" من متحف دير الزور.