تشكل الأراضي التي تمتد عليها ناحية "البصيرة" في محافظة "دير الزور" منجماً غنياً للأوابد الأثرية المنتمية لحضارات تعاقبت على هذه المنطقة مما يعطي مؤشراً قوياً على عراقتها وأصالتها.

edeiralzor التقى الباحث التراثي الأستاذ "مازن شاهين" الذي كلمنا بداية عن أهم هذه التلال وهو تل "البصيرة"، "قرقيسيا": «يضم التل مدينة "قرقيسيا" البائدة ويقع على بعد 35 كم من دير الزور عند التقاء نهري "الخابور" و"الفرات" التل واسع المساحة تقوم عليه المدينة الحديثة وفي موقع المدارس وبالقرب من الجسر وجود حفائر مهدمة كثيرة - المعلومات: الحوليات السورية عدد 19 عام 1969 صفحة 54- 62 أجريت به أسبارا عام 1977 برئاسة مدير الآثار والمتاحف في "دير الزور" آنذاك الأستاذ الباحث "أسعد المحمود" ويعود الموقع إلى الفترة الرومانية حيث كان يدعى الموقع " كركيسيوم" تدل اللقى السطحية على وجود دلائل إسلامية في الموقع».

هو اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة، غلب عليه اسمه، فنسبت إليه من البلاد "قرقيسيا"، "وماكسين" و"المجدل" و"عربان"

ثم تابع "الشاهين" حديثه حول تل آخر هو تل "التواليل" بتوضيح مساحة هذا التل وموقعه، ووضع التنقيب الأثري فيه: «تل صغير تحيط به نفخات أرضية بطول نصف كيلو متر تقريبا تتضمن بقايا جدران من الآجر والجص وعلى سطحه كسر فخارية وأشكال من الجص عليها زخارف يعتقد أنها إسلامية يقع على الضفة اليسرى للفرات شمالي قرية "الصبحة" قرب الطريق المؤدي "للبصيرة" -وهو تل صغير المساحة والارتفاع لم يتبق من التل سوى القليل – "الميادين" – "البصيرة" – "الصبحة" ـ لم تجري فيه تنقيبات أثرية».

الباحث مازن شاهين

أما تل "الجبن"، فهو قريب جداً من قرية "الخان" الواقعة على نهر "الخابور" إذ تفضل الباحث" موصفاً وضع هذا التل بالقول: «يقع إلى الغرب من "الخابور" -الضفة اليمنى- يبعد عن النهر 500م يقع قرب قرية الخان يبلغ ارتفاعه 10م تقريبا مستدير الشكل يبلغ قطره 50 م تظهر على سطحه أسس جدران من الآجر والجص - بسيط المساحة والارتفاع ـ لم تجري فيه تنقيبات أثرية».

وبالنسبة لتل "الخان" الأقرب إلى قرية "الخمرية" الواقعة هي الأخرى على ضفاف نهر "الخابور" ففيه إشارات واضحة لقدم إنتاج الفخار في هذه المنطقة الجغرافية، كما بين لنا ذلك "الشاهين" بقوله: «يقع تل "الخان" إلى الغرب من "الخابور" على بعد 500م من النهر- جنوب بلدة "الخمرية" يتضمن أسس جدران من الآجر والفخار وعليه كسر فخارية يعتقد أنها تعود للعهد الإسلامي- قليل المساحة والارتفاع - يتبع لناحية "البصيرة"ـ لم تجري فيه تنقيبات أثرية».

رائد البحث التراثي عبد القادر عياش.

ولمدن "الخابور" مكانة كبيرة في التاريخ، إذ بحسب ما يذكر لنا الباحث التراثي "عبد القادر عياش" في كتاب بعنوان "حضارة وادي الفرات، مدن فراتية، القسم السوري" ، الصفحة 188 ، حيث يبدأ حديثه عن "قرقيسيا" قائلاً: «"قرقيسيا" عند مصب الخابور في الفرات، وهي أقدم مدن "الخابور"، ومن أهمها بالنظر لتميز موقعها ولكونها ميناء على نهري الفرات و"الخابور"، وكانت محطة للقوافل بين العراق و"الرقة"، و"رأس العين"، وبادية "الشام".

كانت مدن الخابور مراكز أدب وعلم منذ القديم، أسهمت بالحركة العلمية في العصور الآرامية، والعصور العربية، وبخاصة في العصر العباسي بما أخرجت من عملاء وفقهاء، وأدباء وكتاب سريان، وعرب، "كالقرقساني" نسبة إلى "قرقيسيا"».

ويؤكد المؤرخ "ياقوت الحموي في كتابه الشهير "معجم البلدان" دور "الخابور" كنهر في وجود هذه الحواضر والمدن التي انتشرت عليه إذ يقول: «هو اسم لنهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة، غلب عليه اسمه، فنسبت إليه من البلاد "قرقيسيا"، "وماكسين" و"المجدل" و"عربان"».