في المنطقة المحاذية تماماً لنهر الفرات في مملكة "ترقا" الأثرية كشفت الفيضانات المتكررة عن مجموعة من البيوت السكنية والتي تعرض قسم كبير منها للدمار بسبب تلك الفيضانات التي كانت أساساً السبب في الكشف عنها وإخراجها إلى النور ولعل البيت الذي حافظ على تماسكه بصورة كبيرة، هو ما عرف فيما بعد ببيت "بوزوروم" نسبةً إلى مالكه، حتى صار فيما بعد نافذة تطل منها البعثات الأثرية على بعضٍ من تاريخ مملكة "ترقا" التي ظهر إلى العلن جزء منه وما زال القسم الأعظم يحاول أن يظهر على استحياء.

للحديث عن سبب التسمية والوصف الأولي للمنزل قبل الحديث عن القيمة الأثرية لهذا البيت أي بيت "بوزوروم" التقينا أولاً الأستاذ "أمير حيو" المدير السابق لدائرة آثار "دير الزور" فأفادنا بالقول:

تم العثور خلال أعمال التنقيب على عدد من العقود داخل أغلفة مما يدل على أنها كانت تحفظ بهذه الطريقة أما عن تنظيم العقود ذاتها فقد كانت العقود تحدد مساحة العقار المبيع وموقعه وتذكر بوضوح أسماء البائع والمشتري وأسماء الشهود والشروط الجزائية لمن يخل بشروط العقد المبرم بين الطرفين بالإضافة إلى تاريخ إبرام العقد، ووضع الأختام الاسطوانية التي كانت منتشرة في "ترقا"

«في البداية لابد من ذكر سبب التسمية والتي تعود إلى اسم صاحب البيت وهو "بوزوروم"، ويتكون البيت من ثلاث غرف يتقدمها فِناء متسع يتميز بوجود عدد من الصخور ويبدو أنه كان مدخلاً إلى الغرفتين الأولى والثانية، وقد مرت عملية بناء بيت "بوزوروم" بثلاث مراحل.

المهندس أمير حيو

أما المرحلة الأولى فقد تضمنت عملية بناء الأرضيات في الغرفة الأولى وبقية أجزاء البناء وذلك في عهد الملك "يديخ - أبو" الذي حكم حوالي 1725 ق.م، ويتضح من الدراسة أنه قد تعرض في السابق لحريق التهم كل الغرف.

وفي حين لم يعثر في الغرفة الثانية على لقى أثرية تمكن الباحثون من معرفة وظيفة الغرفة، فقد تبين من خلال بعض الأواني الموجودة في الحجرة الثالثة أنها استخدمت الغرفة كمخزن أو مستودع.

الباحث ماهر دهمش

أما عن المرحلة الوسطى ففي هذه المرحلة أُعِيد بناء الغرف في البيت وبعد نهايتها تم تحويل الغرف إلى مقبرة أما عن الشواهد الأثرية المكتشفة فيه فهي قليلة.

وفيما يخص المرحلة الأخيرة فهناك دلائل تشير إلى وجود "حثي" في هذه المرحلة من خلال العثور على ختم حثي حول أحد القبور، وقد استمر استخدام البيت فيها كما في نهاية المرحلة السابقة على أنه مقبرة».

وحول الأهمية التاريخية لهذا البيت التقينا الآثاري "يعرب العبد الله" الذي أفادنا بالقول: «إن أهمية بيت "بوزوروم" تنبع بالتأكيد من عدة أمور أولها الكم الكبير من الرقم المسمارية التي تم العثور عليها في البيت وتحديداً في الغرفة الأولى ويصل تعدادها إلى حوالي 58 رقيماً، كان جزء كبير منها عثر عليه وهو في حالة جيدة، وتأتي أهمية الأرشيف من تسليطه الضوء على مجموعة من العلاقات المالية وعلى النظام الاجتماعي في "ترقا" بالإضافة إلى التعرف على أسماء عدد كبير من الشخصيات البارزة في "ترقا" من خلال عقود شراء أراضٍ وبيوت في المنطقة وكذلك الإجراءات القانونية والإدارية في عهد الملك "يديخ - أبو"، كما أن هناك اكتشاف توقف عنده الكثيرون ويتعلق بنمو نبات "القرنفل" في المنطقة والذي لم يذكر من قبل أنه كان ينمو فيها وذلك من خلال العثور على بعض بذوره في أوانٍ وجدت في إحدى غرف البيت».

وحول وصف عقود البيع والشراء المكتشفة وطريقة تنظيمها التقينا الأستاذ "ماهر دهمش" أستاذ التاريخ في "جامعة الفرات" والذي أفادنا بالقول: «تم العثور خلال أعمال التنقيب على عدد من العقود داخل أغلفة مما يدل على أنها كانت تحفظ بهذه الطريقة أما عن تنظيم العقود ذاتها فقد كانت العقود تحدد مساحة العقار المبيع وموقعه وتذكر بوضوح أسماء البائع والمشتري وأسماء الشهود والشروط الجزائية لمن يخل بشروط العقد المبرم بين الطرفين بالإضافة إلى تاريخ إبرام العقد، ووضع الأختام الاسطوانية التي كانت منتشرة في "ترقا"».