اشتهرت مملكة "ماري"- تلك المملكة التي ترقد آثارها في منطقة "تل الحريري" بالقرب من "البوكمال"- بفنون النحت والتصوير والرسوم الجدارية، فكانت التماثيل واللوحات المكتشفة فيها خير دليل على ذلك، وقد حافظت على روعتها آلاف السنوات لتنقل لنا صورة واضحة عن براعة فناني "ماري" وعظمتهم.

للتعرف على أشهر تلك التماثيل التقينا الأستاذ المهندس "أمير حيو" المدير السابق لمديرية الآثار والمتاحف في "دير الزور"، والذي أفادنا بالقول: «من أشهر التماثيل التي عثر عليها في "ماري" تمثال "ربة الينبوع" وهو تمثال يعود تاريخه إلى الألف الثالث قبل الميلاد وقد وجد مقسوماً إلى قسمين، ويمثل سيدة تحمل جرة ماء في وضعية السكب ولذلك دعيت في بعض المصادر "واهبة الماء" ترتدي ثوبا مزينا بأسماك صغيرة تعتبر رمز الخير والوفرة، والثوب يغطي كامل الجسم بحيث لا تظهر منه سوى القدمين ولها تاج بسيط على رأسها مما يدل على أنها "ربة"، وحين عثر على التمثال كان أنفها مهشم وعيناها خاويتان من تنزيلاتهما بينما الرأس ملقى في حوض في الباحة كنوع من السخرية، والتمثال من الحجر الأبيض الصافي يبلغ وزنه حوالي 200 كغ، ويمكن من تصميم التمثال التأكد من أن كهنة المعبد والعاملون فيه كانوا يوصلون التمثال بمصدر مائي هو عبارة عن خزان بواسطة أنبوب لا يراه المشاهد مما يجعل الماء يتدفق فيظهر للمتعبدين وكأن خروجه عبارة عن معجزة بينما هناك ثقب يمر عبر التمثال والجرة من الأعلى إلى الأسفل.

يلاحظ أن الفنانين في "ماري" أيام "زيمري ليم" لم يكونوا فقط نحاتين ورسامين ومعماريين ممتازين، بل أتقنوا فن التطعيم بالأصداف لصنع اللوحات التزيينية ومن الواضح أنهم اقتدوا بالسومريين سادة هذا الفن ومحبيه والذين وجدت عندهم مشاهد كاملة تم تركيبها من الأصداف والحجارة الصغيرة

  • تمثال "إيشوب إيلوم" وهو ملك "ماري" عبارة عن تمثال من الحجر البازلتي الأسود له لحية طويلة، ويلبس قبعة سومرية وثوباً طويلاً ويضم الملك يديه بوضعية الخشوع كتب اسم الملك على كتفه الأيمن ومعناه "الإله منحة الحياة".

  • تمثال "أورنينا" وهو تمثال متقن وجميل ويمثل مغنية أو راقصة المعبد ويعتبر أول تمثال يجسد مغنية في العالم مما يدل على مكانة الغناء والموسيقى في مملكة "ماري" وهو إجمالاً تمثال صغير الحجم على الرغم من روعته.

  • تمثال "عشتار" و"عشتار" هي ربة الحب والحرب والجمال وهو تمثال يمثل هذه الربة وهي ترتدي قبعة عالية.

  • تمثال "شيبوم" عثر عليه في معبد "نيني زازا".

  • تمثال "إله الشمس شمش" وهو تمثال ينقصه الرأس والأطراف.

  • المهندس أمير حيو

    كما وجد في الحفريات تماثيل في وضعية التعبد أهمها:

  • تمثال "ايدي ناروم" وهو مقدم إلى معبد "عشتار"

  • تمثال "لمجي ماري": وهو تمثال يستر رداء طويل كتفه الأيسر فقط.

  • الآثاري يعرب العبد الله

    كنز "أور" وهو كنز ملك "ماري" واسمه "كانو" يتألف الكنز من جرة فيها نقود ذهبية وحجر لازوردي مثمن كتب عليه بالمسمارية من "ميدا نينبادا" ملك "أور" إلى صديقه "كانو آد أنود" ملك "ماري" وتحتوي الجرة على تماثيل وأدوات لطقوس العبادة وأختام اسطوانية وحلي وأدوات زينة وتمثال من البرونز والذهب وعقد ذهبي فيه حجر كبير ثمين ودبابيس لشبك الملابس بالإضافة إلى بعض الأساور».

    ومن الجدير بالذكر أن فناني "ماري" قد استفادوا من التجارب الفنية لحضارات الأقوام الأخرى ومن ذلك ما ذكره الأستاذ "عبد الله الحلو" في كتابه "صراع الممالك في التاريخ السوري القديم" ص 19: «يلاحظ أن الفنانين في "ماري" أيام "زيمري ليم" لم يكونوا فقط نحاتين ورسامين ومعماريين ممتازين، بل أتقنوا فن التطعيم بالأصداف لصنع اللوحات التزيينية ومن الواضح أنهم اقتدوا بالسومريين سادة هذا الفن ومحبيه والذين وجدت عندهم مشاهد كاملة تم تركيبها من الأصداف والحجارة الصغيرة».

    تمثال ربة الينبوع

    أما الباحث الآثاري "يعرب العبد الله" فقد ألقى الضوء على مكانة الفن عموماً في "ماري" والنحت منه بصورة خاصة حيث قال:

    «رغم قصر الفترة الزمنية التي ظهرت فيها "ماري" على مسرح الأحداث في التاريخ القديم للمنطقة، إلا أنها استطاعت أن تترك بصمة واضحة في مجال الفن عموماً والنحت بصورة خاصة، مما يدل على المكانة الهامة التي حازها الفن في هذه المملكة، والفنانون في "ماري" كانوا يقيمون غالباً بالقرب من المعابد مما يسهل عليهم ترويج إنتاجهم، وهنا يمكننا القول أن ابن "ماري" هو من أوائل من استخدموا "المينا" لتغطية اللون الفخاري، وهذا ما عرف فيما بعد في العصر الإسلامي بالصيني في حضارة الصين».