أثناء موسم التنقيب سنة «1956» عثر في الباحة رقم «26» من قصر الألف الثالث ق.م، على أحد أهم اللقى الأثرية في ماري، فقد وجدت جرة سليمة فيها مجموعة أثرية قيمة، أسماها المنقب «كنز أور - Le Tresor d’ Ur» وأهم ما كان في داخل الجرة، خرزة من اللازورد عليها كتابة مسمارية تعد من أهم الكتابات التاريخية في سورية من ذلك العصر، وقد أثار هذا الكنز تفسيرات مختلفة بسبب الاختلاف في قراءة الخرزة نفسها، وطبيعة المواد الأثرية الأخرى التي رافقت هذه الخرزة، ففي بعض هذه المواد تأثيرات رافدية، بينما حملت الأخرى صفات محلية بحتة.

لتسليط الضوء على الأهمية التاريخية والفنية لهذا الكنز، التقى edair-alzorالباحث الآثاري يعرب العبد الله، الذي استعرض لنا أهم محتوياته قائلاً: تلك اللقى لها أهمية كبيرة وتحتوي على خرزة من اللازورد ثمانية الوجوه «17.8 × 1.9سم» كتب عليها بخط مسماري أنها هدية من «ميزانيبادا» ملك أور، إلى إله ماري في زمن «غانسور/آنسور» ملك ماري، كما تقرأ هذه الخرزة من قبل «Y.Boese» بشكل مختلف، على أنها هدية من «ميزانيبادا ابن ميسكلام دوك» ملك كيش إلى الرب «آنو».

وتابع العبد الله: بينما تشير القراءة الأولى إلى علاقة مباشرة بين ماري وملوك أور، تشير القراءة الثانية إلى أن الأمر محصور بملوك أور وحدهم، وإذا اقتنعنا بالقراءة الحديثة رغم تآكل الكتابة واحتمال خطأ هذه القراءة، تكون الكتابة على هذه الخرزة قد أقامت تسلسلاً زمنياً بين «ميزانيبادا» مؤسس سلالة أور الأولى، وبين «ميسكلام» الذي نعرف اسمه من ختم اسطواني في المقبرة الملكية في أور، ويبقى التساؤل عن الظروف التي أدت إلى وصول هذه الخرزة إلى ماري، وفي كل الأحوال فإن العلاقات بين ماري وأور الأولى كانت قوية، ورغم هذا فإن الكنز يشكل وديعة فيها تجهيزات عبادة، أثبت البحث أنها صنعت في ماري نفسها.

أثار ماري

ومن المحتويات أيضاً، نسر برأس أسد «آنزو» صمم بشكل أمامي، الرأس والذيل من الذهب والعيون منزلة وبقية الجسم من اللازورد المحزز على شكل معينات وعليه ثقوب كان يثبت بها النسر بخيط، وهذا الشكل كما نعرف هو شعار الرب «ننجرسو» الرافدي، وكذلك تمثال بروزي لإمرآة إلهة « 11.3 × 3.2 × 0.3سم» عريضة الأكتاف والأرداف، خصرها نحيل وساقاها رفيعتان، ذراعاها يمتدان إلى الأمام، ربما كانت تحمل بيدها شيئاً ما، وقد طلي جسمها بطبقة رقيقة من الألكتروم «خليط من الفضة والذهب» وعلى رأسها قرون الإلوهية، وشعرها من الفضة مصفف مثبت بالقار تحيط بها عصابة من الألكتروم، ملامحها مبسطة وتجريدية عيونها واسعة جداً ومنزلة بالصدف والبؤبؤ من حجر اللازورد، سرتها منزلة بالذهب، وكانت تلبس أقراطاً تدل على أن آذانها كانت مثقوبة.

وأضاف العبد الله: هذا النوع من التماثيل غير معروف في بلاد الرافدين، وهو سوري الأصل وهذه القطعة تمثل الربة «عشتار» وهناك أخيراً تمثال من العاج لامرأة عارية واقفة يشبه السابق «8.4 × 2سم» ترفع نهديها بيديها، معالم وجهها دقيقة وشعرها معصوب من الخلف، وهي أيضاً تعكس فناً سورياً محلياً، إضافة إلى تمثال آخر صغير جداً من العاج لامرأة عارية أيضاً.

تمثال أثري