يعتبر أحد المقاهي الشعبية في "دير الزور"، أغلب رواده من كبار السن أو من هم في عجلة من أمرهم، ومن الطريف فيه أن أسعاره ثابتة ولو تعددت الطلبات.

مدونة وطن eSyria التقت بتاريخ 26/5/2013 السيد "مروان الخضر" الذي تحدَّث عن مقهى "كرمز" بالقول: «يعتبر أحد المقاهي الشعبية في دير الزور، والذي يطلق عليه قهوة "كرمز"، وسبب تسميتها يعود إلى قُصر أرجل الكرسي، إذ يبلغ ارتفاعه ما بين 40 إلى 50 سم، والذي يكون مصنوعاً من الخشب أو الحديد، وهناك "الطبلة" والتي تعني طاولة يوضع المشروب عليها، وتكون أعلى من الكرسي بقليل».

يعتبر أحد المقاهي الشعبية في دير الزور، والذي يطلق عليه قهوة "كرمز"، وسبب تسميتها يعود إلى قُصر أرجل الكرسي، إذ يبلغ ارتفاعه ما بين 40 إلى 50 سم، والذي يكون مصنوعاً من الخشب أو الحديد، وهناك "الطبلة" والتي تعني طاولة يوضع المشروب عليها، وتكون أعلى من الكرسي بقليل

أضاف: «قديماً سُميت "الكرمز" لعدم توافر كراسي الجلوس، إذ كان روادها يجلسون القرفصاء بشكل دائري إذا كانوا جماعةً أو بشكل منفرد منتظم إذا كان القاصد وحيداً، يمتاز ذلك النوع من المقاهي برخص مشاريبه، ومن الطرافة أن بعض هذه المقاهي يأخذ مبلغاً موحداً من أي شخص يرتاده سواء طلب كأس شاي واحدة أو عشر كؤوس».

قهوة كرمز بريشة الفنان صبحي شباط

وأشار مدرس اللغة العربية "محمد الحمود" عن تلك المقاهي وسبب التسمية بالقول: «عرفت "دير الزور" بمدينة "الجراديق" (وهي المطاعم الشهيرة على النهر وتحت الجسر المعلق)، ومدينة المقاهي؛ لكثرة ما تضم من مقاه حتّى قيل: إن بين كل مقهى ومقهى هناك مقهى، وهذا الأمر لم يأت من عبث، بل فرضته طبيعة المحافظة التي تتميز من باقي المحافظات "السورية" بطابعها الاجتماعي والعشائري، فجميع أبناء المحافظة مترابطون بعضهم ببعض في نسيج غريب يقلّ مثيله في باقي المحافظات، فأواصر القربى والمصاهرة تجعلهم أكثر قرباً واتصالاً، والجميع متعارفون هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإن الأعمال والعادات تفرض التواصل واللقاءات اليومية خارج البيوت؛ بسبب مناخ المحافظة القاسي، ومن هنا نشأت ليكون اللقاء منتزهاً وفسحةً لتبادل أطراف الحديث».

أمّا عن سبب التسمية فيقول: «يظنّ الكثير أنّ أصل الكلمة تركي؛ لوجود هذا النوع من المقاهي في تركيا من أيام العثمانيين ولتشابه الكلمة ببعض الكلمات التركية الموجودة حالياً في لهجتنا، ولكن الأصح أن أصل كلمة چرمز هو "قعفز" باللغة العربية الفصحى: «يقولون جلس القعفزى وهي جلسة المستوفز أي المستعجل كما ورد في معجم لسان العرب، ومع مرور الزمن تحولت الكلمة إلى قعمز أو قرمز أو كرمز والكلمة ذاتها موجودة في بلدان عربية عديدة وببعض المناطق الصحراوية يقولون قعمز باستبدال الفاء ميماً والمعنى واحد».

يتابع: «ويمتاز مقهى "كرمز" باستقبال زبائنه منذ الصباح الباكر، والسبب يعود إلى نشاط كبار السن واستيقاظهم باكراً، لتروى بين كراسيها أحاديث وقصص ما يدور من نسيج المدينة الاجتماعي والذاكرة الشعبية بين أبنائها حتّى إن متحف المدينة الجديد يضم قاعة خصصت لعرض نموذج للمقهى الديري الشعبي».

ويختم: «كان للمقاهي سابقاً روادها وزبائنها المعروفون، وعلى سبيل المثال نجد أن مقهى "السرايا" سابقاً كان محطة لوجهاء "دير الزور" والسياسيين الذين يجلسون فيه ويتبادلون الأحاديث المفيدة، ولا يستطيع صغار السن أو من خارج هذه الشرائح دخوله والجلوس فيه، ولم يكن يوجد فيه لعب للورق، حيث يمارس رواده لعب الشطرنج وطاولة الزهر فحسب، ويسيطر على المقهى جو من الهدوء والاحترام، وكذلك الأمر في مقهى "عصمان بيك" والذي كان يعتني بزبائنه، فقد كان الكرسي مرتبطاً باسم مريده الذي يأتي يومياً ويجلس عليه، وبالمقابل كانت توجد مقاهٍ مخصصة للعمال الذين يجتمعون فيها للتحضير للعمل، وموقع معروف لمن يقصد هؤلاء العمال بغاية تشغيلهم أو بحاجتهم لأي أمر كان.

وهناك قسم آخر من المقاهي يدعى باسم "غبِّيني" أي خبِّئني واجعلني مختفياً، وهذا النوع من المقاهي قليل يلجأ إليه بعض الأنام في رمضان، فقد كان قديماً يمنع الإفطار في فترة الصيام فيلجأ الناس ممَّن لا يستطيعون الصيام إلى تلك المقاهي.

وهناك أيضاً مقاهي الحمام وروادها حصراً ممن يملكون الطيور أو أصحاب خبرة في هذا المجال، إذ يتم فيها مناقشة أنواع الطيور وأفضلها وأسرعها في التحليق، بالإضافة إلى أنه يتم فيها أيضاً بيع وشراء الحمام، كما يلجأ زوارها إلى إقامة عروض لأنواع الحمام يتم من خلالها دراسة الطير من الناحية الجمالية والقوة والنسب».