بدأ شتاء "دير الزور" يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليستقبل المواطن "الديري" فصل الربيع صاحب العمر القصير الذي لا يتجاوز عادة مرحلة المهد.

التنزه في بادية "دير الزور" أو ما يطلق عليها باللهجة المحلية "الشول" تعد الملجأ الأساسي لمعظم العائلات في المحافظة، خاصة في عطلة نهاية الأسبوع يومي الجمعة والسبت، حيث نشاهد تمركز عدد كبير من العائلات على أراضي البادية المجاورة لطريق "ديرالزور- دمشق"، ابتداء من مدخل المدينة "دوار الدلة"، وحتى منطقة الشولا على بعد 30 كم من المدينة.

هناك بعض الشاب يعمدون إلى المبيت إلى يوم أو يومين أو حتى لبضعة أيام إن صادف وجود عطلة رسمية في أحد الأيام تترافق مع عطلة نهاية الأسبوع، وأثناء المبيت تبقى النار مشتعلة حتى الصباح وهي كفيلة بالشعور بالاستئناس معها

موقع eSyria التقى بتاريخ 1/4/2012 الشاب "محمد عدي" أحد الأشخاص المهتمين "بالشول" أو كما يسمى لدى أبناء "دير الزور "بالجول" وسألناه عن رأيه فيه، فقال: «تمتلك "دير الزور" العديد من المقومات السياحية الطبيعية والتراثية، وفي فصل الربيع تتحول المدينة إلى مصيف جميل يقصده الزوار من أبناء المحافظة المقيمين في الخارج إضافة إلى أبنائها في الداخل، فهذه الأيام تعتبر من أفضل الأيام لدى الكثير من المواطنين للخروج إلى المتنزهات البرية "الجول" والاستمتاع بالهواء النقي حيث يتدفق معظم أهالي المدينة للخروج والترويح عن النفس».

محمد حسن

لا يزال الكثير من شباب المحافظة يقومون بالمبيت في "الجول" ويكون ذلك منذ ظهر يوم الخميس حتى عصر يوم السبت والذي تحدث عنه الشاب "محمد حسن" بالقول: «هناك بعض الشاب يعمدون إلى المبيت إلى يوم أو يومين أو حتى لبضعة أيام إن صادف وجود عطلة رسمية في أحد الأيام تترافق مع عطلة نهاية الأسبوع، وأثناء المبيت تبقى النار مشتعلة حتى الصباح وهي كفيلة بالشعور بالاستئناس معها».

وأضاف "حسن" بالقول: «عادة ما تتكون رحلة "الجول" من عدد من الشباب يقومون باستئجار "باص صغير" توضع فيه الأغراض، وعند وصولنا للبرية نقوم بنصب الخيمة، ومن ثم يقوم كل شخص بأخذ دوره من توزيع فرش النوم ومخداتها حول الخيمة، إلى تركيب مدفأة الحطب وسط الخيمة لسهرة الليل وآخرون يقومون بتجهيز الطعام، والهدف من "طلعات الشول" البعد عن الضجيج والضوضاء داخل المدينة وتنفس الهواء النقي».

الشواء في الجول

وأشار الباحث "عامر النجم" إلى "الشول" بالقول: «عرف الإنسان "الفراتي" طلعات "المي والشول" منذ أن عرف النهر والبادية، حيث يتميز فصل الربيع بخروج أهل المدينة إلى "الشول" وعند انقضاء الربيع يبدأ "الديريون" بالتوجه إلى نهر الفرات بعيداً عن أجواء الحر التي تعيشها المحافظة».

وبين "النجم" بالقول: «"الجول" عبارة عن المكان الذي يخرج إليه أهل "دير الزور" للتنزه وقضاء عطل نهاية الأسبوع ويكون فصل الربيع هو الفصل المناسب لطلعات "الجول" حيث تكون البادية أصبحت مرجاً اخضر أما الخيم فهي ضرورية لأهل "الجول" وخاصة منهم "البياتة" أي الذين يقضون أكثر من يوم في البادية وهي خيم حديثة تختلف عن خيم البدو وتذهب أغلبية عائلات "دير الزور" إلى "الجول" حيث تقام الوجبات الشهية (اللحوم المشوية، الخرفان المحشوّة، وغيرها) وتعتبر رحل "الجول" من أروع الرحل التي قد تقضيها خصوصاً في هذه الأيام في "دير الزور"».

وعن الأجواء المميزة "لرحل الشول" قالت السيدة "رندة عبد اللطيف": «تتسم رحلات "الجول" بالبساطة والعفوية وعدم التكلف، والعائلات تمارس حياتها هناك بشكل طبيعي وكأنها في المنزل، ومن ذلك إعداد وجبات الطبخ، والغناء وزيارة جيران "الشول" القريبين منهم، وهناك بعض الشباب من يبدأ البحث عن "الكمأة" التي تعد من الوجبات المفضلة في "المطبخ الديري". ويرى الشاب "أحمد السالم" بالقول: «شعور رائع ينتابك وأنت تشاهد السماء بالليل وهي صافية والنجوم تلمع، وأرض ما لها حدود ، وجمرة نار وسوالف الأصدقاء ومزاحهم، وشاي الحطب الذي يدفئ البرد، ولعب الشدة وآخرون الطاولة وقسم يلعب كرة القدم، وحلاتها بمشاوي وأكل، وما يبقى من هذه الطلعات غير الذكريات التي لا أحد ينساها».