رحلة يمتد عمرها مئات السنين، يسرح فيها الرعاة بأغنامهم بين بادية "الشامية" وهي المنطقة التي تقع غربي نهر الفرات و "الجزيرة" التي تقع شرق النهر، والآن وبعد سنوات من الجفاف اضطر الرعاة إلى "ضمان" بعض أراضي المحاصيل لكي ترعى قطعانهم فيها ومعناه أن يستأجر الراعي من شهرين إلى ثلاثة أشهر أرض زراعية بعد حصاد المحصول منها، أو محصول يزرع لغرض "تضمينه" أو محصول كسد ولم يسوّق بسبب انخفاض سعره "وهذه حالة نادرة.

عن هذه الرحلة أجرى eSyria هذا اللقاء مع الراعي "زياد ربيع الناصر" من فخذ "البو ناصر" المنتمي لعشيرة "المعامرة"، والذي بدأ حديثه معنا شارحاً مكونات قطيع الأغنام الذي يرافق الرعاة في رحلتهم المذكورة: «يتكون قطيع الأغنام من عدد من كبير من "النعاج" الولود ومن عدد قليل من "كباش التلقيح" بمعدل تقريبي "كبش" واحد لكل 25 نعجة، كما يحتوي على عدد من الحملان المولودة حديثاً والتي تستخدم لتجديد الدماء في القطيع والدخول في العملية الإنتاجية، بديلاً عن الأغنام ذات الإنتاج المنخفض لأسباب مثل التقدم بالعمر أو لمرض ما، بحيث تبقى الإناث ضمن القطيع وينتقى من الذكور ما هو جيد لتكون "كباش للتلقيح" وتم اختيار "الكباش"على أساس إنتاج أمهاتها لأن الإنتاجية، وقوة النسل عموماً صفات تورّث توريثاً.

يصل آجار "الدونم" الواحد أكثر من2000 ليرة سورية مما يزيد من نفقات التسمين والتربية على مربي الأغنام

ويقود القطيع "كبش" ذو قرون كبيرة يسمى "المرياع" ويربى تربية خاصة ليقوم بهذا بدور المتمثل بملازمة الحمار والراعي فيما بعد أثناء حركة القطيع، فيُأخذ وهو بعمر شهرين إلى ثلاثة أشهر ويربط بجانب "حمار القطيع" وبهذا يعزل عن أمه ويعطى حليبها له بواسطة "الرضاعة الخاصة بالأطفال"، ويبقى إلى جانب حمار القطيع حوالي الثلاثة أشهر ليعتاد عليه، ، وعادة ما يتم خصي "المرياع" لكي يبقى تخصصه فقط بقيادة القطيع وليس للتلقيح أو للتسمين مما يسبب ضخامة في حجمها عن سائر الكباش "بسبب استمرار النمو فترة أطول لديه" و "للمرياع" زينة خاصة توضع له مثل "الخطّامات" وهي عبارة عن قطعة منسوجة وألوان زاهية مربوط معها جرس لإصدار الصوت وقد يوضع الجرس مستقلاً في الرقبة وذلك لإصدار الصوت، وقد يثقب بعض الرعاة قرون "المرياع" فتوضع فيها زهور للزينة، أو توضع مرآة على ظهره وهذا ما يفعله الرعاة دلالة على سنين الخير.

الراعي زياد ربيع الناصر

كما يلازم القطيع حمار يمشي في المقدمة مع "المرياع" وقد تُحمل عليه بعض الأمتعة، والحمير صنفان: أحدها يسمى "الأخضر" ويكون لونه مائل للرصاصي، والآخر يسمى "الشِهري" ويكون بلون أبيض، ويفضل على "الأخضر" ويكون أكثر قدرة على تحمل الجهد والأعمال الشاقة.

كما يرافق القطيع كلب لحمايته من هجمات الحيوانات المفترسة مثل الذئاب وهناك قصص كثيرة يذكرها الرعاة عن وفاء الكلب في حراسته للقطيع».

الراعي تيسيير الناصر

ويمر ذكر الأغنام بمراحل نمو تسمى بتسميات مختلفة يذكرها لنا "الناصر" بالترتيب: «عند ولادة الخروف وحتى عمر ثلاثة أشهر يسمى "طِلي" وعندما يدخل في عامه الثاني يسمى "ثِني" وهنا يبلغ الخروف ويسمى حينها "كبش" وعندما يدخل "الكبش" في عامه الثالث يسمى "رُباع" وفي بداية السنة الرابعة يسمى "كَحَم" وفي أول الخامسة يصبح" كَحَم ثاني" ثم في الموسم الذي يليه "كَحَم ثالث" ، وفي الموسم التالي "كَحَم رابع" إلى أن يُستبعد من القطيع».

وعن رحلة الرعي وتنقل الرعاة حسب الفصول طلباً للمرعى حدثنا الراعي "تيسيير الناصر" وهو من مواليد 1970: «بالنسبة لرحلة الرعي فهي حسب موسم السنة، ففي فصل الشتاء نضطر للأخذ "بالضمان" " ويستمر ذلك حتى نأخذ القطيع إلى بادية "الشامية" والتي عادة ما تكون مراعيها أخصب من بادية "الجزيرة" ، فترعى أغنامنا على أعشاب وأنجم البادية المتنوعة و"النجم" هو الصغير من الشجر مثل "الشيح" و "الرَمَث" و"السلماس"، حتى قدوم شهر حزيران وهنا نرجع بأغنامنا إلى أراضي "الزور" وهي تسمية محلية للأراضي المجاورة لسرير نهر الفرات وعادة ما تكون كثيفة الأشجار خصبة المرعى" حيث "نضمن" أراضي القمح المحصود، وتبقى أغنامنا ترعى بها حتى الشهر التاسع، فنضمن بعدها أراضي محصول "القطن" أو "الذرة الصفراء" "المعروفة بالعامية "بالصفيرة" بعد حصاده وهكذا تستمر الدورة».

هذا وقد عانى الرعاة من خسارات كبيرة في قطعانهم خلال سني الجفاف السابقة، فتابع شارحاً ذلك بقوله: «تراجع عدد قطيعنا من 500 رأس عام 2003 إلى 75 رأس حالياً واضطررنا في بعض الحالات أن نضع طحين المنزل علفاً لدوابنا ونشتري الخبز شراءً».

ورافق سني الجفاف أيضاً تقصير في تأمين الأعلاف للرعاة، هذا ما وضحه الراعي "زياد ربيع الناصر" بقوله: «رغم أنني انتسب لجمعية "المريعية الرعوية"، جاء دعم هذه الجمعية متأخراً بعد أن نفق أغلب قطيعنا في عام 2008».

كما أن أراضي "الضمان" تؤجر بأسعار باهضة أحيانا، فيتابع حديثه عن هذه النقطة بقوله: «يصل آجار "الدونم" الواحد أكثر من2000 ليرة سورية مما يزيد من نفقات التسمين والتربية على مربي الأغنام».