تفتقد مدينة "دير الزور" عموماً وفنانو هذه المحافظة بصورة خاصة لوجود فرع لنقابة الفنانين فيها أسوة بباقي المحافظات، فأبناؤها يتبعون حتى الآن لفرع النقابة في "الرقة"، قد يثير هذا الأمر استغراب البعض ولكن عند البحث فيه قد يجد المرء ما هو أكثر غرابة وهو أن عدد أبنائها المنتسبين هو ثلاثة فقط، الفنان "محمد الجراد"، الفنان "عبيد اليوسف"، الفنان "محمود كواكة".

والأغرب أن الفنانين "محمد وعبيد" عضوية دائمة، والفنان "محمود كواكة" عضو متمرن، ما يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذه الظاهرة هل تتمثل في صعوبة الامتحان كما يشاع أم في تقاعس بعض الفنانين أم بأسباب أخرى؟ وما الحلول الممكنة لتجاوز هذا الأمر؟.

أول الفوائد هو وجود ميزانية خاصة، وثانيها التخطيط للأنشطة سيكون من أبناء المحافظة "الديريين" ما يؤدي إلى نشاط فاعل وحقيقي "فأهل مكة أدرى بشعابها" كما يقال، أما الصعوبات الحالية فغير موجودة لعدم وجود أنشطة حقيقية رغم أن فرع النقابة مفتوح دائماً لمن يريد

موقع eSyria وفي محاولة منه لتتبع هذه القضية التقى بآخر الفنانين انتساباً- كعضو دائم في النقابة- فحدثنا بداية عن الأسباب وراء عدم وجود فرع للنقابة على الرغم من أن عدد الفنانين ليس قليلاً: «السبب الأساسي هو عدم توافر النصاب، نحن لدينا فنانون لكن امتحان نقابة الفنانين يتطلب بعض الخبرة في علم الموسيقا وبعض الخبرة التقنية بالآلة الموسيقية، أو بالغناء إذا كان المتقدم للامتحان مغنياً، وأنا أقول القليل من الخبرة وليس الكثير، ولكن للأسف حتى القليل من الخبرة لا يتوافر أحياناً لدى الفنانين والعازفين في "دير الزور" الذين يتقدمون لمثل هذا الامتحان، وينطبق ذلك حتى على المستوى التقني بالعزف على أي آلة، ولهذا عدد الأعضاء الآن قليل جداً، وخاصة بالنسبة إلى منطقة غنية بالتراث الغنائي والشعري مثل مدينتنا ما يحول دون اكتمال النصاب الكافي لوجود فرع للنقابة».

الفنان عبيد اليوسف

أما حول ما يشاع من أن صعوبة الامتحان تجعل الكثير من فنانينا الشباب يحجمون عن التقدم إليه مما يساهم في استمرار الوضع على ما هو عليه، فقد حدثنا عن ذلك انطلاقاً من تجربته الشخصية مع الانتساب وأهمية تلك التجربة بالنسبة للمدينة ككل حيث قال: «لا أعتقد ذلك، بل أعتقد أن الأمر مرتبط بمجموعة من المقومات الواجب توافرها لدى الفنان، بالنسبة لي لم تكن الأهمية الكبرى تتمثل بالعضوية في نقابة الفنانين بقدر ما كانت الأهمية بأنني استطعت أن أجتاز امتحان القبول، حيث إنني لم أكن أعرف ما النقابة، وماذا تفعل وماذا تعني، الأمر ببساطة هو اجتياز امتحان ما.

الغاية من التقدم إلى الامتحان في البداية ليست اجتيازه، بل كانت غايتي التعرف على الامتحان وماهيته ومستواه التقني والعلمي، وكان موعد الامتحان قبل امتحان الشهادة الثانوية بأربعة أيام فقط، وأنا في وقتها طالب في الثالث الثانوي- الفرع العلمي، وقد اجتزت الامتحان بنجاح وحصلت على عضوية نقابة الفنانين في العام 2004، وهذا دليل على أن الأمر ليس معقداً، أما أهميتها بالنسبة "لدير الزور" فعضوية نقابة الفنانين تعتبر حدثاً مهماً بالنسبة لأي مدينة، ولكن أهميتها الخاصة في "دير الزور" تأتي من كون أي عضوية جديدة هي خطوة جديدة في الطريق لافتتاح فرع لنقابة الفنانين فيها».

الفنان محمد جراد

أما عن فوائد وجود هذا الفرع بالنسبة لفناني المدينة والصعوبات الناتجة عن عدم وجوده فقد أجملها بقوله: «أول الفوائد هو وجود ميزانية خاصة، وثانيها التخطيط للأنشطة سيكون من أبناء المحافظة "الديريين" ما يؤدي إلى نشاط فاعل وحقيقي "فأهل مكة أدرى بشعابها" كما يقال، أما الصعوبات الحالية فغير موجودة لعدم وجود أنشطة حقيقية رغم أن فرع النقابة مفتوح دائماً لمن يريد».

أما الفنان "محمد الجراد" فيرى الأمر من زاوية أخرى فهو من وجهة نظره لا يتعلق بعدم توافر نصاب كافٍ من فناني "دير الزور" ويعبر عن ذلك بقوله: «ليست مشكلتنا بتوافر النصاب ولكن مشكلتنا الحقيقية هي في إقامة أكثر الفنانين "الديريين" خارج "دير الزور" وغالباً في "دمشق" وقد رتبوا حياتهم على أساس الإقامة الدائمة فيها ما يؤدي إلى تشتت هذه الطاقات، وبالتالي عدم توافر نصاب كافٍ لافتتاح فرع للنقابة لدينا».

أما عن الحلول الممكنة التي تؤدي إلى زيادة عدد الأعضاء في النقابة وبالتالي افتتاح فرع لها في المدينة فقد لخصها لنا السيد "تحسين الحسين" رئيس مكتب النقابة في "دير الزور" بقوله: «إن الحل يتوقف بالتأكيد على الفنانين أنفسهم وتحديداً الشباب منهم، وهو يتمثل في السعي إلى تطوير إمكاناتهم الفنية من خلال التدريب والدراسة الأكاديمية أولاً وعدم التردد في التقدم لامتحان النقابة مخافة الفشل ثانياً، بحيث يتمكنون من اجتيازه والحصول على العضوية».