هو أبرز ما يميز البيوت القديمة في مدينة دير الزور من غيرها من البيوت باقي المدن والقرى السورية، هو سر البيت الديري والملجأ ومكان المؤونة والطعام، وهو أيضاً مكان اللعب والعقاب الذي لم يتغير مع تغير الزمان.

«إنه السرداب الذي يعتبر ملجأ للعائلة من حر الصيف الشديد عند الظهيرة» بهذه الكلمات تحدثت الحاجة "أديبة عبد الرحمن" من سكان "حي العرضي" البالغة من العمر 70 عاماً عن السرداب وأضافت خلال لقائها مع "eSyria" بتاريخ "20/5/2012" بالقول:

إنه السرداب الذي يعتبر ملجأ للعائلة من حر الصيف الشديد عند الظهيرة

«لم يكن هناك مروحة أو مكيف في ذلك الوقت يخففان عنا الحر الشديد لذلك كنا نستخدمه للنوم والاسترخاء بعد الغداء إضافة إلى استخدامه في وضع المونة من "السمن العربي والطحين والرز والبرغل والكشك والملوخية اليابسة، والأوعية الازجاجية الاسطوانية (قطرميزات الضغط) التي كنا نضع فيها البامية الديرية والطرشي (المخلل) وغيرها .." وذلك لما يحويه السرداب من برودة تحفظ الطعام من التلف لان الكميات التي كنا نخزنها كبيرة فكانت خابية السمن وحدها تحوي أربعين كيلوغراماً واذكر أننا كنا نستغله أيضا لوضع الحاجيات والأشياء التي لم تعد تستخدم في المنزل ونسميها نحن "دراقيع"».

صورة من داخل السرداب

أما المهندس المعماري "أحسان الهويدي" المختص بهندسة البيت الديري فقال: «هناك مواصفات معينة للسرداب أثناء بناء البيت الديري العتيق ويتم اختيار موقع السرداب في البيت بحيث لا تكون جهته مضرباً للشمس ويجب أن يكون تحت الأرض بعمق عشر درجات تقريباً كما يتم عزل جدران السرداب بالطين لان الطين عازل للحرارة ويجب أن يكون ارتفاعه مناسبا لكي يتمكن الشخص من الوقوف فيه ورفع يده.

وتختلف مساحة السرداب من بيت لآخر وذلك وفقا لمساحة البيت وعدد أفراد الأسرة وحجم المونة التي ستوضع فيه وفي بعض البيوت يتم إنشاء سردابين فيها».

السرداب .. مكان للمونة

وسرد "حسين كنعان" حكايته مع السرداب وهو من القاطنين في أحد بيوت الدير القديمة في "حي الرشدية": «ولدت وترعرعت في هذا المنزل وأتذكر كيف كانت جدتي تستخدمه للمونة لكن التطور الحاصل من اختراع الأدوات الكهربائية كالثلاجة والمروحة والمكيف ألغت مهمة السرداب الأساسية واستخداماته ولكن كبر السرداب في منزلنا وجماليته التراثية أغراني ودفعني لأجعل منه غرفة مستقلة لي اجمع فيها ما بين الماضي والحاضر ولم أقم بتغيير مواصفات السرداب الأساسية لأني أحبه كما هو بجدرانه وأرضيته الإسمنتية ورفوفه وإنما قمت فقط بوضع بعض الأثاث فيه وترتيبه حتى إنني أدخلت الكمبيوتر للسرداب والكثير من أصدقائي يأتون لزيارتي ويقولون لي إن الجلوس عندك في السرداب يشعرنا بالراحة والمتعة.

يقول "عبد الكريم أبو عبد الله" من "حي المدلجي": «رغم انتقالي إلى منزل من المنازل ذات الطوابق أو علب الكبريت؛ المتوافر فيها كل وسائل الراحة والحداثة من وجهة نظر الجيل الجديد، إلا أني مازلت أحن لتلك الأيام التي كان السرداب بالنسبة لي فيها عبارة مكان اللعب والاختباء والعقوية، وستبقى تلك الأيام نابضة في ذاكرتي كلما ذكر أمامي السرداب أو حين يتكلم أي شخص عنه، فله في ذاكرتي الكثير من القصص القديمة، حيث كنا أنا وإخوتي نلعب ونختبئ فيه من بعضنا بعضا، كما يجب الإشارة إلى أنه كان مكانا يخيفنا في بعض الأحيان حيث كان مكان العقوبة في حال لم نحسن التصرف».

الشاب "حسين كنعان" على مدخل السرداب