على بُعد /12/كم عن مدينة "البوكمال" وباتجاه الشمال الشرقي؛ تستسلم قرية "المراشدة" لسلطة "الفرات" العظيم الذي يحضنها بكل حنان؛ جاعلاً منها أسيرته المطيعة، ومن بعيد يلمح الناظر إليها مشهد تشابك أشجار الرمان وهي تنصت إلى همسات النهر وأحاديث القرويين اليومية، كانت هذه القرية الجميلة محطتنا التالية التي توقفنا عندها قبل أن نلتقي عدداً من قاطنيها الذين تحدّثوا بكل ود عن قريتهم.

السيد "محيسن أبو طلال" /46/ عاماً؛ يقول: «تُعتبر قرية "المراشدة" من القرى المُتميّزة بتربتها الزراعية الجيدة والتي تصلح لزراعة مختلف أنواع المحاصيل الزراعية؛ لذلك فمعظم القرويين يعملون بالزراعة، ونتيجة هذا الأمر تحولت المساحة الأكبر من القرية إلى بساتين وحقولٍ خضراء فتمّت تسميتها في مركز المحافظة باسم "الغوطة" نسبةً إلى غوطة "دمشق"».

تم فتح وتسوية وتعبيد طرق ضمن المخطط التنظيمي، إضافةً إلى تزفيت هذه الطرق وطرق أخرى خارج المُخطط؛ وهناك مشروع لخطوط مياه فرعية تشمل 90% من القرية ويتم إيصال مياه الشرب عن طريق خزان مياه عدد /2/

أما الفلاح "عليوي الحمدان" فيقول: «تشتهر قريتنا بأجود أنواع الرمان دون المناطق الأخرى من "سورية"، لكن ذهبت الشهرة إلى رمان قرية "السوسة" المجاورة لقريتنا مع العلم أن إنتاجنا للرمان أكبر من إنتاج "السوسة" وأساس هذه الشجرة هي من قريتنا ومع ذلك لا أحد يذكرها».

الأستاذ "علي السلوم"

وربما يكون لظاهرة الاغتراب دورٌ إيجابي في تطوير السكن الريفي؛ وبهذا الخصوص يقول الشاب "عماد الحسن" مغتربٌ في دولة "الكويت": «معظم الشبان المُغتربين في دول الخليج يساهمون بشكلٍ كبير في إعادة البناء العمراني في قراهم؛ بما فيهم أبناء "المراشدة"، فأغلب القرويين الذين يعودون إلى ديارهم يسعون إلى تجديد مساكنهم بشكلٍ أفضل؛ فبعد أن كانت مبنيةً من الطين والقش تحولت معظمها اليوم إلى بيوتٍ إسمنتية حديثة أو حتى شققٍ سكنية؛ ولا ننسى أيضاً ازدياد أعداد المركبات والسيارات الخاصة بفضل الأموال التي جاءت نتيجة سنوات الغربة ما سهّل على الأهالي الانتقال من وإلى المدينة».

تطورت القرى على مختلف الصعد بما فيها التعليم؛ فبعد أن كانت هناك مدرسة واحدة مخصصة لعدة قرى؛ أصبح اليوم لكل قرية عدة مدارس، فعن واقع التعليم في القرية تحدّث إلينا الأستاذ "علي سلوم المحمد" أمين مكتبة ثانوية "المراشدة" قائلاً: «توجد في القرية /5/ مدارس لجميع المراحل التعليمية، ونسبة الالتحاق بها تتجاوز 95% وأغلبهم من فئة الإناث؛ وهي نسبة ممتازة بالنسبة لمدارس الريف، لكن هناك بعض المعوقات التي تُعيق مسيرة التعليم في مدارسنا، إذ إن أغلب مدرسي الحلقة الأولى والثانية هم وكلاء في ظل نقص واضح لأصحاب اختصاص المواد العلمية بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية؛ لذلك ارتفعت نسبة الفرع الأدبي على حساب الفرع العلمي، بسبب معرفة الطلاب المسبقة بالوضع السيئ لطلاب هذا الفرع، ما نتمناه من المعنيين في مديرية التربية الاهتمام برفد مدارس الريف بمُدرسين أكفاء من خريجي الجامعات ليكون ذلك متوازياً مع المنهاج الجديد الذي يصعب على المدرّس الوكيل تلقينه للطالب؛ فكما قلت في بداية حديثي فإن عدد الطلاب كبير لكن تحصيلهم العلمي ضئيل نظراً لغياب الكادر التعليمي المناسب».

بساتين "المراشدة" الكثيفة الأشجار

بدوره تحدث السيد "أحمد حمد العبد الله" رئيس مجلس قرية "المراشدة" عن موقع هذه القرية والواقع الخدمي فيها قائلاً: «تقع قرية "المراشدة" على بُعد /12/ كم عن مدينة "البوكمال" تحيط بها مياه نهر "الفرات" من جميع الجهات لتشكل بذلك جزيرةً خضراء جميلة، يحدها من الشمال بلدة "السوسة" و"الشعفة" ومن الشرق بلدة "الباغوز" ومن الجنوب "البوكمال" لهذه القرية منفذان يؤدّيان إلى مدينة "البوكمال" الأول عن طريق عبّارة* خشبية تصل القرية بالمدينة مروراً ببلدة "الباغوز" بمحاذاة نهر "الفرات" أما المنفذ الثاني فهو عبّارة إسمنتية باتجاه بلدة "السوسة" إلى "البوكمال". أُحدث المجلس البلدي للقرية عام /2000/م، ويعود سبب تسمية القرية بهذا الاسم نسبة إلى جدهم "مرشد" لأن أغلبية سكان القرية هم من عشيرة "المراشدة"، ويبلغ عدد سكانها حتى نهاية 31/11/2009/م /6210/ نسمة. يعمل معظمهم بالزراعة وتربية الماشية؛ تبلغ مساحة القرية الكلية /5000/ دونم؛ منها /500/ دونم مأهولة بالسكان وباقي المساحة /4500/ دونم تُزرع بمختلف المحاصيل الزراعية وأهمها أشجار الرمان والحبوب بأنواعها (قمح؛ سمسم؛ وقطن). أما ثروتها الحيوانية فتصل إلى /3157/ رأساً من الغنم ونحو /3233/ رأساً من البقر».

وعن المشاريع المُنجزة تابع قائلاً: «تم فتح وتسوية وتعبيد طرق ضمن المخطط التنظيمي، إضافةً إلى تزفيت هذه الطرق وطرق أخرى خارج المُخطط؛ وهناك مشروع لخطوط مياه فرعية تشمل 90% من القرية ويتم إيصال مياه الشرب عن طريق خزان مياه عدد /2/».

السيد "أحمد حمد العبد الله" رئيس مجلس قرية "المراشدة"

هامش:

  • عبّارة: وهو جسر اسمنتي مُصمم بشكل بدائي يتم عن طريقه وصل القرية بالقرى المجاورة.