يعتبر حي "الحميدية" من أقدم أحياء مدينة "ديرالزور"، ويعود تاريخ إحداثه إلى العام 1893، في عهد السلطان "عبد الحميد"، ولهذا عرف الحي باسم "الحميدية"، ويضم العديد من المعالم الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولسكانه الكثير من المواقف النضالية المشرفة في زمن الاحتلال "الفرنسي" والحكم العثماني.

ويقع هذا الحي في الجهة الجنوبية الشرقية من مركز المدينة، وهو على شكل مربع تقريباً، يحده من جهة الشمال شارع "التكايا"، ومن الجنوب حي "العمال"، أما من الجهة الشرقية فيحده حي "المطار القديم" أو شارع "الهجانة"، وغرباً شارع الحديقة المركزية الممتد من قرنة "جعفر" حتى دوار الانطلاق.

يوجد في الحي العديد من المرافق وهي حديقة "الحميدية" الممتدة على أكثر من عشرة دونمات، وقد أجريت لها عدة أعمال ترميم كان آخرها في العام 2008، وقد زوّدت هذه الحديقة بركن خاص لألعاب الأطفال، ويضم الحي أيضاً المؤسسة العامة لمياه الشرب، مركز الصحة المدرسية، مركز البريد، الفرن الآلي، معهد الإعداد النقابي العمالي، مركز مكافحة السل، مبنى العيادات الشاملة، شركة الغاز، مشفى السعيد الخاص

وللتعرف أكثر على هذا الحي التقى موقع eDeiralzor السيد "محمد عباس العكلة" مختار محلة "الحميدية" والذي حدثنا قائلاً:

حديقة الحميدية

«يعود أصل أغلب أهالي هذا الحي إلى حي "دير العتيق"، وبعض القرى المجاورة، وهم من الطبقة المتوسطة مادياً، ويغلب على نشاطهم الأعمال البدنية، ويتميز الحي بحاراته الضيقة، وتخترقه ثلاثة شوارع رئيسية تمتد من الشرق إلى الغرب، وتوجد في زاويته الشرقية الجنوبية حارة يطلق عليها حارة "فلسطين"، وسميت بهذا الاسم لأن أراضيها وزعت على المجاهدين الذين شاركوا في حملة الجهاد التي جهزها بعض شخصيات المحافظة عام 1948، ومن الحارات المشهورة في هذا الحي، حارة "السخاني" وسميت بهذا الاسم نسبة لقاطنيها الذين تعود أصولهم إلى مدينة "السخنة" الواقعة على بعد 130 كيلومتراً على طريق "دير الزور– تدمر"، وتوجد أيضاً حارة "الهجانة" الواقعة في شرق الحي.

ويضم الحي أربعة مساجد وهي: "السليمي"، "مصعب بن عمير"، "الشهداء"، "السيدة عائشة"، ويوجد عدد من المدارس نذكر منها "طارق بن زياد"، "جميلة بوحيرد"، "آمنة الزهرية"، "فيصل"، "خولة بنت الأزور"، "خديجة الكبرى"، "الفنون النسوية"، "صبحي الحبيب"، "الحميدية"، وأشهرها ثانوية "البنات الأولى" وهي أول ثانوية للبنات في المحافظة، والمدرسة المتوسطة أو "مصطفى الأمين" وهي أيضاً من أوائل المدارس الإعدادية في المحافظة».

محمد داود سليمان

وللتعرف على معالم هذا الحي التقى الموقع بالباحث "مازن شاهين" عضو لجنة جمع التراث والذي حدثنا قائلاً: «يضم الحي العديد من المعالم الهامة، والتي لا يزال أغلبها قائماً حتى هذا اليوم، ولعل أهمها الجامع "السليمي"، فهو أول جامع في حي "الحميدية"، قام ببنائه السيد "محمد نوري السليم" على نفقته الخاصة عام 1926، ويحوي الجامع إضافة لأماكن العبادة أربع غرف إحداها خصصت مدرسة لتعليم صبيان المحلة "القرآن الكريم"، والثانية للحديث الشريف وعلومه، أما الثالثة فكانت لتعليم العلوم كافة، فيما خصصت الرابعة مستودعاً لخدمة المسجد والمدرسة، وقد قام السيد "محمد نوري" في عام 1944 بجر المياه العذبة إلى ساحة الجامع، وبهذا العمل كان أول من أدخل الماء العذب إلى الحي، والذي استفاد منه فيما بعد أغلب سكان "الحميدية".

ومن المعالم الهامة أيضاً في الحي "المناخة"، وهي عبارة عن موقع تجاري تلتقي فيه قوافل البدو والريف، لتبادل المنتجات من أجبان وألبان وحطب وأصواف وأغنام وأعلاف... الخ، وسمي الموقع "بالمناخة" نسبة إلى طريقة جلوس الجمال التي كانت ترد الموقع وهي محملة بالبضائع، وقد شيدت على أرضها حالياً مدرسة "الطلائع" وعدد من أبنية الحي، وكان يوجد في الحي أيضاً مقر "القازخانه" وهو عبارة عن مستودعات المحروقات، وقد أزيل هذا الموقع وشيدت فيه ثانوية للبنات أطلق عليها اسم ثانوية "محمد أمين الصالح"، ويضم الحي أيضاً أول ثانوية للبنات "البنات الأولى" ويعود تاريخ إحداثها إلى العام 1924، ولعبت هذه الثانوية دوراً كبيراً في تخريج أجيال كثيرة دارسة ومثقفة أثرت كثيراً في الحياة الاجتماعية بالمحافظة، وقد تحولت المدرسة فيما بعد إلى ابتدائية ثم أصبحت حالياً تعرف باسم إعدادية الشهيد "مصطفى الأمين"، وتأسس في هذا الحي أول جمعية نسائية في "دير الزور" باسم "جمعية المرأة العربية"، وقد قامت بتأسيسها المربية الفاضلة "لبيبة حسني" في عام 1959، وساهمت هذه الجمعية بتعليم النساء الأميات القراءة والكتابة والخياطة، ولا تزال هذه الجمعية تلعب دوراً كبيراً في شؤون المرأة حتى هذا اليوم.

محمد عكلة

كما كانت توجد في الحي ورشة صغيرة يطلق عليها "الفخرة" والتي تصنع فيها قوارير الفخار المعروفة باسم "الزير" أو "المزملة" الخاصة وكذلك التنانير، وكان هنالك "نول" قديم لصناعة البسط إلا أنه اندثر».

أما عن الشخصيات المعروفة التي سكنت هذا الحي فالتقى الموقع السيد "محمد داود السليمان" أحد قاطنيه والذي قال:

«قدم الحي في زمن الاحتلال "الفرنسي" العديد من الشهداء منهم: الشهيد "قاسم السمعة"، "الحاج عباس العكلة"، "حسن النويصر"، وهناك من ناضل معهم إلا أنهم لم يستشهدوا وهم: "يعقوب الصكر"، "جميل الهفوف"، "عبد القادر الشلاش"، "إبراهيم القنبر"، أيضا هناك مجموعة من الشخصيات التي لعبت دوراً كبيراً في تطور الثقافة ونشر العلم بين أهالي الحي وهم "الكتاتيب" الذين كانوا يدرسون في هذا الحي وهم: الملا "إبراهيم الشخلها" الذي كان يدرس الصبيان في الجامع "السليمي"، و"أبو ساكن المفتي" و"سيد علي"، ويوجد أيضا في الحي الملا "صالح" والذي كان يدرس في منزله الواقع أمام مدرسة "البنات الأولى".

كما لا تزال أغلب العوائل التي سكنت هذا الحي منذ تأسيسه تقيم فيه إلى يومنا هذا ونذكر منها: "عباس العطية"، "علاوي العصيدة"، "عيسى حمامة"، "محمد العطرة"، "إبراهيم الداموك"، "مطر الهزاع"، "إسماعيل مطر"، "ثابت المصطفى"، "إسماعيل الكبيسي"، "جميل عربو"، "عبد الله شهاب"، "شفيق السلامة"، "طه الهويدي"، "أحمد الجركس"، "إبراهيم عبد الغني"، "عبد الفتاح مطرود"، "عايد اليونس"، "حسين الجولة"، "محمد المشعان"، "سالم الدرويش"، "إبراهيم الداموك"، "جاسم المصطفى"...».

وأما المرافق العامة والخدمية الموجودة في الحي فقد ذكرها للموقع السيد "صبحي الهلاط" من أهالي الحي القدامى:

«يوجد في الحي العديد من المرافق وهي حديقة "الحميدية" الممتدة على أكثر من عشرة دونمات، وقد أجريت لها عدة أعمال ترميم كان آخرها في العام 2008، وقد زوّدت هذه الحديقة بركن خاص لألعاب الأطفال، ويضم الحي أيضاً المؤسسة العامة لمياه الشرب، مركز الصحة المدرسية، مركز البريد، الفرن الآلي، معهد الإعداد النقابي العمالي، مركز مكافحة السل، مبنى العيادات الشاملة، شركة الغاز، مشفى السعيد الخاص».