«"البوكمال" مدينة سورية تقع في الجهة الشرقية من البلاد؛ قرب الحدود العراقية وتبعد زهاء /5/ كم عنها، تابعة إدارياً لمحافظة "دير الزور" وتبعد عنها حوالي /135/ كم، تبلغ مساحتها نحو /2000/ هكتار ويصل عدد سكانها إلى ما يقارب /60/ ألف نسمة..

تتصل مع الجانب الشمالي من نهر الفرات بواسطة جسرين، أحدهما حديث يقع عند مدخل المدينة، والآخر جسرٌ خشبي قديم يصل إلى قرية "السوسة"، يعمل معظم سكانها في الوظائف الحكومية أما أبناء القرى التابعة لها فأغلبهم يعمل بالزراعة وتربية المواشي».

لا تزال المدينة تسمى بكل تلك المسميات السابقة فالتسمية الغالبة بالمرحلة الأولى هي "النحامة" أو "القشلة" والتسمية بالمرحلة الثانية هي "القشلة" و "أبو سيباط" و"أبو كمال" أما في الوقت الحالي فتسمى "البوكمال" لسهولة لفظ الكلمة، وما زالت تسمية "القشلة" موجودة حتى الآن لدى أبناء الريف

هكذا بدأ الأستاذ "حميد السيد رمضان" الباحث في الشؤون التاريخية حديثه لمراسل eSyria عن مدينة "البوكمال"؛ حيث أضاف: «مرّت مدينة "البوكمال" بثلاث مراحل أثناء تأسيسها؛ ففي المرحلة الأولى كانت تسمى "النحامة" إذ هاجر عدد من أهالي مدينة "عانة" العراقية عام /1850/م إلى موقع "النحامة" ويقع شمال شرق المدينة حالياً بـ/5كم/ وكان عدد بيوتها لا يتجاوز العشرين بيتاً، وفي عام /1864/م صدر قرار عثماني بتشكيل "قشلة" (الثكنة العسكرية باللغة التركية) فسميت في هذه المرحلة بـ"النحامة"، ونتيجة فيضان نهر "الفرات" تهاوت بيوت "النحامة" في المياه وأصبح ذلك الموقع خطراً على السكان، فقرر "درويش أفندي" (قائد القشلة العثمانية) اختيار موقع جديد بعيد عن النهر وتهديده.

موقع "النحامة" التي اختيرت مكاناً للمدينة في القديم

أما المرحلة الثانية فكانت تسمى "تل أبو سيباط" حيث اختار "درويش أفندي" موقع "تل أبو سيباط" في مكان بعيد عن تهديد مياه النهر وحفر بئراً على سفح التل من أجل صنع بلوك الطين؛ انتقلت بيوت "النحامة" إلى هذا المكان الجديد فكانت بيوتهم على شكل سيابيط ("السيباط" بيتٌ جدرانه وسقفه من الحطب والقش) ولهذا سمي هذا التل "أبو سيباط"، وفي هذه المرحلة بالذات أخذت المدينة اسم "أبو كمال" لأن "درويش أفندي" كان يلقب باسم ابنه "كمال" فبعد أن نُقِلت "القشلة" فكان الناس يتساءلون فيما بينهم عن الموقع الجديد للمدينة؛ فكان الجواب إلى "أبو كمال" نسبة إلى قائد الثكنة الذي أمر بنقل المدينة إلى ذلك الموقع».

وتابع "رمضان" حديثه قائلاً: «أما المرحلة الثالثة والأخيرة فبدأت بعد وفاة "درويش أفندي" حيث عُيّن من "اسطنبول" القائم مقام "أحمد الأفندي" على منطقة "البوكمال" وذلك عام /1870/م وكانت مهمته اختيار موقع جديد للمدينة لأن "تل أبو سيباط" لم يعجبه، فاختار الموقع الحالي للمدينة؛ وكان أول اختيار له هو موقع "الجامع الكبير" الذي جعله وسط المدينة وجعل دار الحكومة (ساحة النخيل حالياً) قريباً منه، ووزع الأراضي بعد أن خطط الشوارع بشكلها الحالي. وبذلك يُعتبر "أحمد أفندي" المؤسس الثالث للمدينة؛ بينما يُعتبر المؤسس الأول للمدينة الحالية، وقبره كان موجوداً في الجامع الكبير ثم نُقل رفاته إلى بلدة "القورية" من قبل أحفاده بتاريخ 20/11/2000 ودفن في تل شرقي "عين علي" التابعة لمدينة "الميادين"».

ساحة النخيل وتشكل مركز المدينة

ثم أضاف: «لا تزال المدينة تسمى بكل تلك المسميات السابقة فالتسمية الغالبة بالمرحلة الأولى هي "النحامة" أو "القشلة" والتسمية بالمرحلة الثانية هي "القشلة" و "أبو سيباط" و"أبو كمال" أما في الوقت الحالي فتسمى "البوكمال" لسهولة لفظ الكلمة، وما زالت تسمية "القشلة" موجودة حتى الآن لدى أبناء الريف».

الحاج "عطاف تيسير الحمد" من أبناء القرى المجاورة للمدينة؛ قال: «ربما لا أحد يعلم سبب التسمية الحقيقية لمدينة "البوكمال" فبحسب معرفتي فإن بعض العائلات العراقية هاجرت من "العراق" وسكنت المنطقة منذ زمنٍ بعيد وشيئاً فشيئاً توسعت هذه المنطقة وازدهرت، أما تسمية "البوكمال" فهي تعود إلى اسم أحد أجداد عشائر العقيدات ولا أعرف ما هو ترتيبه في شجرة العائلة بالضبط؛ لكن هذه المعلومة موثقة عند أغلب شيوخ هذه العشائر».

مدخل المدينة الحالي

الشاب "عاصم الهلال" طالبٌ جامعي قسم لغة عربية؛ قال: «بالنسبة لنا نحن الشباب لا نعرف سبب التسمية الحقيقة لكننا نعتمد على أقوال المُعمّرين من أبناء المدينة، إضافة إلى الأدباء الذين كتبوا عن مدينة "البوكمال" فأنا سألت في يومٍ من الأيام عمي البالغ من العمر /78/عاماً فقال: إن المؤسس الأول للمدينة أصله عثماني ويدعى "درويش" وكان له ابنٌ اسمه "كمال" فأثناء وضع حجر الأساس للمدينة حتى بعد بناء عدة بيوت لم يكن للمدينة اسم محدد؛ لكن الأهالي سموها فيما بينهم على اسم هذا الرجل الذي كانوا ينادونه "أبو كمال" ومع الزمن بقي هذا الاسم مرتبطاً بهذه البقعة من الأرض».