حبّ تعلّم القراءة والكتابة رافقها في طفولتها، وبقي يرافقها مع طفولة أولادها، واليوم هي الجدّة التي استطاعت أن تمحو أمّيّتها بعد أن طوت ثمانية وأربعين عاماً.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 24 كانون الأول 2016، "نورية الحسن"، وعن حياتها تحدثت قائلة: «ولدت في قرية "الخريطة" التابعة لمدينة "دير الزور" عام 1968، وحين كنت في الثالثة من عمري توفّى أبي وتسلّمت أمي تربية أربعة صبيان وثلاث بنات؛ وهو ما أدى إلى وجود عائق بالنسبة لنا من الناحية التعليمية، واضطرت لحرماني وأختي من الدراسة ومساعدتها في العمل؛ كتربية الأغنام وفلاحة الأرض وزراعتها، وأذكر وقوفي على باب الدار وأنا أراقب الطلاب الذاهبين إلى المدرسة، كنت أحسّ بشيء ما ينقصني، فإخوتي جميعهم درسوا الطب والصيدلة والهندسة وعملوا لإكمال دراستهم، إلا أنا».

تزوجتُ بعمر صغير وأخبرت زوجي آنذاك عن رغبتي بتعلم القراءة والكتابة، فأخذ يساعدني لمدة عام، وبعد ذلك أصبحت أمّاً، وعملت خيّاطة في "الدرعية" في مدينة "الرّقّة"، ومع ازدياد مسؤولياتي توقف عن تعليمي

وتتابع القول: «تزوجتُ بعمر صغير وأخبرت زوجي آنذاك عن رغبتي بتعلم القراءة والكتابة، فأخذ يساعدني لمدة عام، وبعد ذلك أصبحت أمّاً، وعملت خيّاطة في "الدرعية" في مدينة "الرّقّة"، ومع ازدياد مسؤولياتي توقف عن تعليمي».

نورية في الدرس

عائلة "نورية" من العائلات الوافدة إلى مدينة "اللاذقية" بسبب الحرب والظروف التي أحاطت بهم في "الرّقّة"، لكنها وظّفت ذلك بطريقة إيجابية لها ولعائلتها، حيث تقول: «جئت إلى "اللاذقية" منذ أربع سنوات، حيث يدرس أبنائي في جامعة "تشرين"، واستفدت بالمصادفة من إحياء رغبتي بالتعلم من خلال جمعية "إيثار" الخيرية التي قصدتها هذا العام لمساعدتنا كوافدين إلى المدينة، فأخبروني بأن لديهم دورات لتعليم الخياطة وحياكة الصوف، وسألتهم عن دورة لمحو الأمية، وتركت لهم رقم هاتفي لإخباري في حال افتتحوا دورة بهذا الشأن، ثم أخبروني بعد مدة بافتتاحها، فحبّي للعلم الذي حُرمت منه، وإيماني بضرورة تعلم المرأة وتمكينها في مجالات الحياة جميعها دفعاني إلى أن ألتحق بصفّ محو الأمية في الجمعية بعد اكتمال العدد المطلوب، والمعلمة في الصف ساعدتني في حفظ الحروف والإملاء والتهجئة، كما ألتزم في البيت بالحفظ والوظائف، ويساعدني ابني في الصف الثالث بذلك، وصرت أقرأ أسماء الأطباء والمراكز الصحية واللافتات ولوحات "السرافيس"، كما أنني أقول لابنتي التي تدرس البكالوريا أن تجتهد وتسجل صحافة لأحقق حلمي بها».

"سلوى عمران" معلمة تعليم الكبار "محو الأمية"، التي علّمت "نوريّة" وأشرفت عليها لمدة ثلاثة أشهر، قالت: «هي من النساء اللواتي طالبنَ بدورة محو الأمية، ومع أنها التحقت متأخرة بالصف، لاحظت أن استجابتها حاضرة، وذكية وتتعلم بسرعة، ربما رغبتها وحبّها للقراءة والكتابة ساعداها في التعلم، وكانت تلتزم بحلّ وظائفها وحفظ الإملاء، وتطالب أن يتضمن المنهاج معلومات أشمل من ذلك، وعُرف عنها أثناء الدرس الهدوء. لقد اعتمدت معها ومع النساء في الصف كتابة الأحاديث المشتركة بينهنّ؛ وهو ما عزّز قدرتهنّ على الكتابة إضافة إلى المنهاج، وتقدمت للامتحان في مكتب تعليم الكبار "محو الأمّيّة"، فهذه المرأة التي تسعى إلى محو أميتها استطاعت أن تربّي وتعلّم أولادها إلى أن أصبحوا في الجامعات».

سلوى عمران
أثناء الدرس