"الصعوة، الجرذي، السوسة، أبو حمام، العبد، العنبة، البيضة، خنيزير، غرانيج"؛ هي أسماء لبعض قرى وبلدات محافظة "دير الزور" التي ارتبطت تسمياتها بالذاكرة الشعبية وتوافر أنواع مميزة من النباتات والحيوانات في المنطقة.

كثيراً ما يتم تداول أسماء القرى ما بين أهل المنطقة من دون معرفة السبب وراء هذه الأسماء؛ ولكن عند البحث والتقصي نجد أنها لم تأتِ من فراغ، وإنما كان لها ارتباط حقيقي بحدث تاريخي مميز أو أن السبب يعود إلى توافر نوع مميز من النباتات والحيوانات في المنطقة، وللوقوف عند أسماء هذه القرى والبلدات في محافظة "دير الزور"؛ التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 نيسان 2015، الباحث "خالد الفرج" الذي حدثنا بالقول: «لمحافظة "دير الزور" موقع جغرافي مميز، وهذا التميز له أسبابه المنطقية التي تعود إلى تنوع التضاريس ما بين سهول وجبال وبادية ووديان وأنهار.. إلخ، إضافة إلى تنوع الغطاء النباتي والحيواني في المنطقة، وهذا التنوع قد يختلف ما بين منطقة وأخرى أو بالأحرى ما بين قرية وغيرها من القرى، وحتى الأحداث التاريخية والقصص والبطولات تختلف وترتبط بالذاكرة الشعبية لأهل المنطقة، ومدى أهمية هذا الحدث وتداوله ما بين الناس، لذلك كان اسم المكان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحدث تاريخي مميز لأهميته أو أنه ينسب إلى نوع من أنواع النباتات والحيوانات المتوافرة في القرية أو البلدة».

لم ترتبط أسماء القرى والبلدات فقط بالذاكرة الشعبية والقصص والنباتات والحيوانات، وإنما بعضها ارتبط بالعشائر التي سكنت المنطقة؛ فهناك قرية "جديد بكارة" نسبة لعشيرة "البكارة"؛ وهي عشيرة معروفة في المنطقة، وأيضاً قرية "جديد العقيدات" وهي نسبة لعشيرة "العقيدات"، وهناك قرى وبلدات مثل: "الموحسن، والبوليل، المراشدة.. إلخ"

ويضيف: «هناك الكثير من القرى والبلدات التي ارتبطت أسماؤها بالذاكرة الشعبية، وذلك من خلال بعض القصص والبطولات والمعارك التي يتم تداولها بين الأهالي وما زالوا يحفظونها ويروونها لأبنائهم وأحفادهم كلما سنحت الفرصة، فهناك مثلاً قرية "المسلخة" الواقعة في منطقة "البوكمال" ولهذا الاسم قصة؛ حيث كان هناك دورية فرنسية متجهة إلى "البوكمال" ووقعت معركة حامية بين الأهالي وبينها؛ وهذه الدورية استمرت أكثر من 12 ساعة وانتهت بهزيمة الدورية الفرنسية وقتها، وقام الأهالي بتجريد الجنود من لباسهم وإلقاء جثثهم في نهر الفرات طعاماً للأسماك، وقد سميت تلك المعركة بمعركة "المسلّخة" لأن الأهالي استولوا على أسلحة ولباس الجنود وبقوا عراة، وأهل الريف يسمون العاري "مسلخ" ومجموع الرجال "مسلخة" وبعد هذا الحادث سميت المنطقة بـ"المسلخة".

قرية غرانيج

وعلى بعد 80كم من "دير الزور" يقع جبل "مرقدة" وترجع تسميته إلى "الرقود"؛ حيث رقد فيه "الأرمن" الرقود السرمدي وذلك بعد مجزرة 1915 التي ارتكبتها الدولة العثمانية بحقهم، وهناك قرية "العبد" ولها قصة يتداولها الأهالي؛ فبعد دخول القوات الفرنسية إلى "سورية" من جهة البحر المتوسط بقيادة الجنرال "غورو"، وبعد المعارك غير المتكافئة مع الثوار السوريين في "ميسلون"، و"تلكلخ" وخلاصهم من الملك "فيصل" واحتلال "دمشق، وحمص، وحلب"، كان على الجيش الفرنسي أن يفرض الاحتلال في وادي الفرات التابع للانتداب الفرنسي، وقد قام الفرنسيون بإحداث مخافر شرطة "درك" لضبط الأمن في تلك المناطق، فكان نصيب قرية "البوعمر" مخفراً صغيراً كان الآمر فيه رقيباً سنغالياً، وكان المخفر حديث الناس، حيث يقال: ذهب فلان إلى مخفر العبد، أو مرينا من عند مخفر العبد، أو نزّلنا عند العبد... إلخ، إلى أن سميت المنطقة بالعبد أو قرية "العبد" بدلاً من "البوعمر"».

أما بالنسبة للقرى والبلدات التي نسبت إلى أسماء النباتات والحيوانات، فيحدثنا الإعلامي "مهند العليوي" بالقول: «هناك الكثير من القرى والبلدات في محافظة "دير الزور" التي نسبت تسميتها إلى نباتات وحيوانات اشتهرت بها المنطقة، فمثلاً قرية "غرانيج" التي تقع على بعد أكثر من 90كم شرقي "دير الزور" ومفردها "غرنج"؛ وهو اسم من أسماء الغزال، وسميت بهذا الاسم لجمال وحسن فتياتها حتى لقبوهن بـ"الغرانيج" أي الغزلان، كما يقال أيضاً إن "غرانيج" أسماء لطيور بيضاء اللون تتواجد عند المياه الضحلة لشواطئ الأنهار من أجل أكل الأسماك الصغيرة، وهناك أيضاً قرية "السوسة" الواقعة في ناحية "البوكمال" حيث اكتسبت اسمها لتوافر نبات السوس بكثرة في المنطقة، وبلدة "أبو حمام" الواقعة على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وتتبع إدارياً لمنطقة "البوكمال" ويعود سبب تسميتها إلى وجود غدير ماء في الجهة المقابلة للنهر يكثر فيه الحمام للشرب فسميت "أبو حمام"».

خالد الفرج

ويتابع: «لم ترتبط أسماء القرى والبلدات فقط بالذاكرة الشعبية والقصص والنباتات والحيوانات، وإنما بعضها ارتبط بالعشائر التي سكنت المنطقة؛ فهناك قرية "جديد بكارة" نسبة لعشيرة "البكارة"؛ وهي عشيرة معروفة في المنطقة، وأيضاً قرية "جديد العقيدات" وهي نسبة لعشيرة "العقيدات"، وهناك قرى وبلدات مثل: "الموحسن، والبوليل، المراشدة.. إلخ"».

مهند العليوي