تتقن النساء الديريات مهنة التطريز والنقش بـ"النمنم" فليس هناك منزل إلا وتجد فيه ما هو مصنوع من "النمنم"، فمنهم من يمارسها لمجرد التسلية وملء الفراغ، ومنهم من يمتهنها كمورد دخل لإعانة الأسرة.

للحديث عن مهنة التطريز والنقش بـ"النمنم" في محافظة "دير الزور" مدونة وطن "eSyria" التقت في 28 تموز 2014، المدرسة "حذامة ملا حويش" من حي "الشيخ ياسين" التي تقول: «كان من المتعارف عليه قديماً قبل أن تزف الفتاة إلى بيت زوجها، أن تصنع وتطرز لوحة من "النمنم"، وتنقشها بإتقان لتحملها معها لمنزلها الزوجي، وتتباهى بأنها من صنعتها لتضعها في مكان بارز بالبيت، لذلك أغلب النساء الديريات قديماً كنّ يتعلمن طريقة النقش والتطريز بـ"النمنم"، ومازلت أحتفظ باللوحة التي قمت بنقشها في صالون المنزل، وكل من يزورني يسألني عنها كيف قمت بنقشها، صحيح أنها من المهن المسلية وتساعد على ملء الفراغ، لكنها بنفس الوقت صعبة وتحتاج إلى خبرة في طريقة وضع الخرز في مكانه المناسب، لأن أي خطأ سيؤدي لتشويه اللوحة ويصبح منظرها غير متناسق».

يتم صناعة الكثير من الأشياء خلال التطريز والنقش بـ"النمنم"، منها الجزادين، ولوحات، وميداليات، وتجميل بعض "عاجات" ألعاب الأطفال، وعوينات لأسرة الأطفال، والحروز، وأساور البنات الصغار من "النمنم" الأزرق أو الملون، وتطريز حواف ملافع النساء وخاصة السادة التي لا يوجد عليها رسوم، وتسمى "الشاشية"، ومنها ألوان عديدة البيضاء وذات اللون السماوي والزهري

تعد مهنة التطريز والنقش بـ"النمنم" من المهن التي تشكل مورداً جيداً لبعض العائلات الفقيرة؛ هذا ما أشار إليه المهندس "غسان الشيخ خفاجي" بالقول: «مهنة التطريز والنقش بالنمنم (الخرز)، من المهن النسائية بشكل خاص وهذه المهنة كانت في محافظة "دير الزور" تسلية لذوات الدخل الجيد، وتهدى منتجاتها في الزيارات والمناسبات النسائية، وهي تعد فناً من فنون الرسم والنحت كما تتخذها بعض العائلات الفقيرة كمورد دخل، تعينهم على مشاق الحياة ومصاريفها وصعوباتها، وهذه المهنة شبه منقرضة وأصبح حالياً جزء منها للذكريات، والكلام عن هذه المهنة يعود إلى قبل 25 عاماً وأكثر، وأدواتها "الغربول" وهي عبارة عن صحيفة نايلونية شفافة بيضاء تأخذ شكل الورقة الملمترية المستخدمة في القياسات الهندسية، و"إبرة ناعمة" خاصة تسمى إبرة "النمنم"، وأسماء الإبر كثيرة منها: (إبرة الماكينة، إبرة الملاحف، إبرة القنويجة، المخاط وهي أكبرها، وأصغرها إبرة النمنم (وأيضاً قماش ستان أطلس لامع أو مخمل سادة لشغل اللوحات، قلم كوبيا للرسم، وبعضهم دون رسم يعتمد على طريقة حسابية تسمى الجمع والعد لحبات الخرز أو الطرح عندما يكون النقل من رسمة سابقة، وخيوط ناعمة خاصة نايلونية تقريباً تسمى خيوطاً لضم الخرز، وفي السنوات الأخيرة دخل نوع من الغربول مرسوم وجاهز أثناء عمل لوحة فقط لضم الخرز وحياكته على القماشة المنتقاة».

لوحة منقوشة ومطرزة بالنمنم

ويضيف: «يتم صناعة الكثير من الأشياء خلال التطريز والنقش بـ"النمنم"، منها الجزادين، ولوحات، وميداليات، وتجميل بعض "عاجات" ألعاب الأطفال، وعوينات لأسرة الأطفال، والحروز، وأساور البنات الصغار من "النمنم" الأزرق أو الملون، وتطريز حواف ملافع النساء وخاصة السادة التي لا يوجد عليها رسوم، وتسمى "الشاشية"، ومنها ألوان عديدة البيضاء وذات اللون السماوي والزهري».

أما الباحث "خالد الفرج" فيقول: «تتصف المرأة الديرية قديماً بالاعتماد على نفسها في حال وفاة زوجها أو بسبب الفقر المدقع الملم بعائلتها بأنها تزاول حرفة تدر عليها بعض المال لإنفاقه على عائلتها، فهي عضو عاملة وفعالة ودؤوبة لا تبخل بوقتها لتوظيفه في مهنة شريفة، ومن المهن التي تمارسها المرأة قديماً التطريز والنقش بـ"النمنم"، ويدخل الخرز في هذه الصناعة وفي تفصيل الثياب وزخرفة وتجليد الكتب، ويدخل في زخرفة مقابض السيوف والخناجر، والعلب والصناديق، وسيور كلاب الصيد، وتتواجد أنواع دقيقة من الخرز الملون تسمى "النمنم"، ويستخدم في النقش على القماش وإنتاج لوحات فنية غاية بالروعة وهي مهنة فنية رائعة تحتاج إلى مهارة فائقة تمتهنها الكثيرات من النساء».

خالد عبد الجبار الفرج
حذامة ملا حويش