للصيد والقنص تاريخ طويل في "دير الزور"؛ فهي هواية تم توارثها عن الأجداد، وتعدّ جزءاً من حياة الديريين كتسلية ورياضة، كما أنها مورد رزق للكثيرين.

للتعرف على الصيد والقنص في محافظة "دير الزور"، مدونة وطن "eSyria" التقت في 24 نيسان 2014 الشاب "أحمد سبع الدير" من حي "الرشدية"، وهو من هواة الصيد في المنطقة فحدثنا قائلاً: «كان ضيق المدينة وانقطاعها عما حولها من المدن، وخلوها من أسباب الترفيه والرياضة من الأسباب الرئيسية لانتشار القنص والصيد، الذي تم اتخاذه من قبل بعض السكان كوسيلة للترفيه والتسلية وتمضية الوقت، وبعضهم الآخر اتخذوها هواية مثلها مثل أي رياضة، ومنهم من اتخذ الصيد مورد رزق ليكسب رزقه ويطعم عائلته، ولا يزال حب الصيد أصيلاً في نفوس الكثيرين من الديريين يتوارثونه ويورثونه، فقد تميزوا بمهارة عالية في الرماية منذ القديم لكثرة ما تمرسوا في إطلاق الطلقات النارية في البادية، وكانوا يطلقون على الصيادين اسم "سْكَمْان" جمع "سُكْماني" أي الرامي الماهر، واللفظة قديمة الوجود في الدير».

كما كان لشجاعة الديريين الدور المهم الذي دفعهم إلى الذهاب للصيد عشرات الكيلومترات في البادية والمبيت فيها أياماً من أجل الصيد، لاعتماد الكثيرين منهم على الصيد كمورد من موارد تأمين اللحوم لغذائهم، والديريون يحبون أكل اللحوم وخاصة لحم الطرائد التي يصطادونها بأنفسهم

وكان القنص والصيد يتم بأدوات بسيطة، وهذا ما بينه "السبع" بالقول: «كانت أدوات الصيد قديماً بسيطة وأغلبها يدوية الصنع، فهي عبارة عن عباءة (بشت صوف) و"عليقة" من الصوف يعلقها الصياد على كتفه وتتدلى على جانبه، ويضع فيها زاده وما يصطاده من الطيور عند رجوعه، كما كان الصياد يحمل بندقية صيد حشو ذات عين واحدة تطلق بالفتيل أو الكبسون أو الزناد، ويحمل كيساً للبارود وآخر للرصاص الصغير يعلقه بحزامه، وبعضهم يستعملون بدل كيس البارود عقوداً من النحاس، أو الجلد أو المصران، أو القرع الصغير الفارغ لحمل البارود وتعلق جميعها بحزام الصيد، ومن عدة الصيد أيضاً بلطة (فأس صغيرة ذات حدين متخالفين) لتقطيع الأغصان إذا لزم الأمر عند الدخول في "الأزوار"، كما يحمل معه قربة من مياه الشرب لأن ماء العيون التي يقصدها تكون مالحة وغير صالحة للشرب، ويصطحب بعضهم كلاباً سلوقية لاصطياد وجلب الطرائد».

أحمد سبع الدير

المهندس "عمر المزعل" يقول: «بعد الظهر من كل يوم خميس يجتمع الأصدقاء جماعات إلى منطقة "المالحة ،أو السحل، أو قصيبة" وهي غرب وجنوب المدينة على بعد 20 إلى 40 كيلو متراً، حيث تتواجد عيون الماء التي ترد إليها الحيوانات، ويتخذ كل منا مكاناً أو حفرة وتسمى "نوجة" جمعها "نوجات" نختبئ فيها ونحيطها بسياج من الحجارة والأعشاب، ويظهر منها فقط طرف البندقية، ويتم أيضاً اصطياد الضبع والحصيني والأرنب بالفخ المصنوع من القرن وخيط الصوف، وهناك "الدوسة" وهي فخ من الحديد لصيد الضبع والذئب، ومن الطيور التي نقوم باصطيادها: القطا وهو كثير، والحجل، والدراج، والحمام، والحباري، والعصافير كالزرزور، والبط والأوز».

الباحث "عبد القادر عياش" ذكر في كتابه "من التراث الشعبي الفراتي": «جرى الديريون على نهج آبائهم العرب في هواية الصيد والولع بها، وساعدهم على ذلك توافر الطرائد في منطقتهم من طيور متعددة الأنواع وحيوانات برية تعيش في بادية الفرات الشامية والجزيرة وفي الأحراج (الأزوار) الكثيرة على شواطئ الفرات، فضلاً عن وجود أنواع الشبوط في نهر الفرات، إضافة إلى مهارة الديريين في صنع الشباك والفخاخ والسلاح، فقد كانت "دير الزور" وسطاً صناعياً مهماً في صناعة السيوف والخناجر وأدوات الصيد».

عمر المزعل

وأضاف: «كما كان لشجاعة الديريين الدور المهم الذي دفعهم إلى الذهاب للصيد عشرات الكيلومترات في البادية والمبيت فيها أياماً من أجل الصيد، لاعتماد الكثيرين منهم على الصيد كمورد من موارد تأمين اللحوم لغذائهم، والديريون يحبون أكل اللحوم وخاصة لحم الطرائد التي يصطادونها بأنفسهم».