كانت تشغل مؤونة الحطب جزءاً كبيراً من اهتمام أهالي "دير الزور" ومكاناً بارزاً في بيوتهم في زمن لم يكن يتوافر فيه البديل حيث تبدأ رحلة جمع الحطب من الحوايج والأزوار وذلك لاستخدامها لفصل الشتاء وأيضاً في باقي الفصول لصنع الطعام.

للحديث عن مؤونة الحطب مدونة وطن "eSyria" التقت في 19 آذار 2014 المحامي "رامي النوارة" من حي "الشيخ ياسين" الذي قال: «اهتم الديريون ريفاً ومدينةً بجمع الحطب كمؤونة يستخدمونها على مدار العام ما بين التدفئة شتاء وللطبخ وصنع الطعام في باقي الفصول، في زمن لم يكن يتوافر فيه وسائل أخرى وبدائل كالكهرباء والمازوت والغاز، وقد ساعدهم في تخزين مؤونة الحطب توافر الأشجار المناسبة، حيث ينبت شجر "الغرب" وهو نوع من شجر "الحور" على ضفاف الفرات وفي الجزر التي يشكلها مجراه، كما ينبت أيضاً شجر "الطرفا" بكثافة في نفس الأمكنة، وكان لهذه الجزر ملاّك يبيعون أحطابها إلى حطابي المدينة، يقطعونها ويأتون بها إلى المدينة في أطواف تنحدر في النهر أو في السفن وأخيراً على سيارات شحن، وكان الأهالي يخصصون لها مكاناً بارزاً ومميزاً في البيوت حيث يقسم حطب المؤونة إلى قسمين؛ قسم يخبأ في "البخارى" وهو الفراغ الكائن تحت الدرج الصاعد إلى سطح المنزل، ويستخدم هذا الحطب للمدافئ لكون قطعه كبيرة وتتحول بعد عملية الاحتراق إلى جمر تمتد تدفئته لساعات، كما يضعون قسماً بالقرب منهم في متناول الأيدي لإشعال نار التنور وصناعة الخبز وصنع الطعام، وهذا الحطب عبارة عن أغصان ناعمة وجافة سريعة الاشتعال».

مؤونة الحطب أكثر ما يكون من شجر الطرفة والغرب على شكل "شيلات" كما يقطعون الحطب الغليظ قطعاً تسمى "قَصة" بفتح القاف، ويوضع هذا القص في مكان بعيد عن المطر، والحطب كله يجلب من "الحوايج" وهي جزر في نهر الفرات منها: (حويجة صقر، وحويجة عصمان بك، وحويجة علي الكاطع، حويجة الدم،... إلخ)، وينقل بالسفن أو على الدواب أو سيارات الشحن، وبعضهم يشتري "بعرور" الجمل الذي يأتي به البدو على جمالهم من البادية ويستعمل للتدفئة والطبخ والخبز، كما يستعمل لهذه الغاية (الشيح والرمث والكيصوم والنيتول والغضا والسلماس)، ومخلفات مناشر الأخشاب والنجارة ويشتري أهل المدينة الحطب والشوك الذي تأتي به نساء الريف إلى المدينة

لجمع الحطب وشرائه للمؤونة رحلة يقول عنها "النوارة": «يقوم الحطابون بعزل الحطب ما بين غليظ يستعمل للمدافئ، ورفيع يجعلونه في حزم وكانوا يبيعون الحطب الغليظ بـ"الطوف" وهو رأس على الشاطئ، أما الحطب الرفيع فيباع كل مئة "شيلة" بمبلغ معين والشيلة بضعة كيلو غرامات، ومن يملكون بساتين يمونون بيوتهم من أحطابها، وكانت بعض العائلات الميسورة تدخر البترول الذي كان يرد في صفائح كل صفيحتين بصندوق خشب على ظهور الجمال، ثم صار يحمل في العربات ثم في السيارات، وفي يومنا هذا بقيت مؤونة الحطب في أغلب أرياف وقرى المحافظة لاستخدامه لإشعال التنور وصناعة الخبز، واستغنى أهل المدينة عن مؤونة الحطب بسبب توافر البدائل كالكهرباء والغاز إضافة إلى تخزين المازوت في البراميل المعدنية الكبيرة للمدافئ وأدى توافر هذه البدائل إلى التخفيف من القطع الجائر للأشجار والحفاظ على الحوايج بأشجارها ونباتاتها الجميلة».

وقد تحدث الدكتور "علي الشعيبي" في كتابه "دير الزور ماضٍ عريق وحاضر مشرق" عن مؤونة الحطب بالقول: «مؤونة الحطب أكثر ما يكون من شجر الطرفة والغرب على شكل "شيلات" كما يقطعون الحطب الغليظ قطعاً تسمى "قَصة" بفتح القاف، ويوضع هذا القص في مكان بعيد عن المطر، والحطب كله يجلب من "الحوايج" وهي جزر في نهر الفرات منها: (حويجة صقر، وحويجة عصمان بك، وحويجة علي الكاطع، حويجة الدم،... إلخ)، وينقل بالسفن أو على الدواب أو سيارات الشحن، وبعضهم يشتري "بعرور" الجمل الذي يأتي به البدو على جمالهم من البادية ويستعمل للتدفئة والطبخ والخبز، كما يستعمل لهذه الغاية (الشيح والرمث والكيصوم والنيتول والغضا والسلماس)، ومخلفات مناشر الأخشاب والنجارة ويشتري أهل المدينة الحطب والشوك الذي تأتي به نساء الريف إلى المدينة».