يهتم الديريون بتموين السمن الحيواني في بيوتهم الذي يأتي من ريف المحافظة وذلك لأهميته ودخوله في العديد من الأطعمة، وللحفاظ عليه طوال العام طرائق وأدوات ومنها العدول والخوابي والعيار.

للحديث عن مؤونة السمن في محافظة "دير الزور" مدونة وطن "eSyria" التقت في 18 آذار 2014 المدرسة "حذامي ملا حويش" من حي "الشيخ ياسين" التي قالت: «كان قديماً في السبعينيات من القرن الماضي يتجهز الديريون في فصل الربيع لتموين بيوتهم بالسمن الذي يأتي من ريف "دير الزور" فهم مولعون بتناول السمن الحيواني ويكثرون من إدخاله في ألوان طعامهم مثل: (الثردات، وخبز العباس، والسيالي، والفتيت)، فهي مأكولات السمن البلدي ويفخرون بتناولها، وكان لبعض الديريين أغنام في الريف تعطيهم سمناً فإذا كان كثيراً يدخرون قسماً ويبيعون ما تبقى منه، ولكن في وقتنا الحاضر القلة من العائلات لا تزال تحافظ على هذه العادة في تموين السمن والسبب يعود لتوافر السمن في الأسواق بكل الأصناف والأنواع ما بين نباتي وحيواني والأغلب قد توجه إلى السمن النباتي، وأخذ الكثيرون يستعملونه بدافع اقتصادي لارتفاع سعر السمن الحيواني، وبعضهم يستعملونه بدافع صحي».

يعتمد الديريون في تموين بيوتهم على ثلاث مواد رئيسية يصرفون إليها اهتمامهم بالدرجة الأولى، وهي: (القمح، والسمن، والحطب)، وتأتي بقية المواد في الدرجة الثانية ويتفاوتون في التموين بها تفاوتاً كبيراً حسب دخل كل منهم ومستواه الاجتماعي وطبيعة أخلاقه واستعداده

ولحفظ السمن أدواته من "عدول وخوابٍ وعيار" هذا ما أشارت إليه بالقول: «فقد شاهدت وأنا صغيرة حبّابتي (جدتي)، ووالدتي كيف كانت تقوم كل منهما بتموين السمن في السرداب، حيث يجتمع أهل البيت الواحد للتعاون في ما بينهم، فبعد شراء السمن من السوق وإفراغه من "العدول" يسخن على نار خفيفة أو يوضع في الشمس ليصفى من اللبن، وهذه العملية تسمى (تخليص السمن مما فيه)، وبعد أن يسخن يقومون بوضع البرغل الخشن وذلك لقدرته على امتصاص الماء واللبن، كما يخلص السمن من الرطوبة التي إن بقيت بالسمن تغيرت رائحته وطعمه ويقال عنه "حنحن"، وبعض العائلات تأكل هذا البرغل الذي يتشرب اللبن والماء ويسمى برغل "الخلاص" لما فيه من فائدة وبعضهم يرميه، وبعد هذه العملية تتم تصفية السمن بواسطة منخل يوضع على فم "الخابية" التي يحفظون فيها السمن وقبل أن يضعوا فيها السمن تدبس بدبس وتمر من الداخل وخاصة في قعرها لكي لا ترشح، وبعد تعبئتها يتم إغلاقها بقماشة سميكة ويتم تفريغ السمن منها حسب الحاجة في "العيار" وهو نوع من الآنية الصغيرة للاستخدام اليومي».

الباحث عبد القادر عياش

وفي كتاب "التراث الشعبي الفراتي" للباحث "عبد القادر عياش" تحدث عن طريقة تموين السمن في بيوت "دير الزور" بالقول: «يعتمد الديريون في تموين بيوتهم على ثلاث مواد رئيسية يصرفون إليها اهتمامهم بالدرجة الأولى، وهي: (القمح، والسمن، والحطب)، وتأتي بقية المواد في الدرجة الثانية ويتفاوتون في التموين بها تفاوتاً كبيراً حسب دخل كل منهم ومستواه الاجتماعي وطبيعة أخلاقه واستعداده».

وعن مؤونة السمن يضيف: «تبدأ عملية حفظ السمن من "العدول"، وهي عبارة عن أكياس صغيرة وكبيرة من الصوف مصنوعة من جلد الخروف تدبغ بمغلي الدبس والتمر وتسمى هذه العملية "تيمرة الظرف"، أما جلد الخروف الصغير فيسمى "عكة"، ومن ثم يتم وضعها في "الخوابي" بعد تصفيتها. وللخوابي أحجام مختلفة تتسع ما بين 30 إلى 100كغ وهي مصنوعة من الفخار ويتم وضع الخابية في حوض مبني من الطين لكي لا تميل، ويختارون مكانها في إحدى زوايا بيت المؤونة وتغطى بغطاء خشبي له مقبض وتغطى بخرقة سميكة تشد على رقبة الخابية برباط، وتضع بعض العائلات الكبيرة والميسورة عدة "خوابٍ"، وبعد مرحلة الخوابي تأتي مرحلة نقل السمن "للعيار" وهو عبارة عن إناء من الفخار صغير الحجم يكون في متناول أيديهم وكلما فرغ ملأوه من سمن الخابية بمغرفة تبقى داخل الخابية، ومنهم من يضع سمن الاستهلاك اليومي في قدر صغير أو في قطرميز متوسط الحجم».