تشتهر محافظة "دير الزور" في فصل الربيع بصناعة الجبن حيث ينشغل الأهالي من بداية نيسان وحتى نهاية أيار بشراء كميات من الجبن تكفيهم على مدار العام، ولحفظ هذا الجبن وتموينه واستخدامه دون أن يفقد طعمه المميز يستخدمون "عيار البيضة".

للحديث عن "عيار البيضة" في حفظ الجبن الديري مدونة وطن "eSyria" التقت في 21 آذار 2014 السيدة "سوزان درويش" من حي "العرضي" التي حدثتنا بالقول: «يعود سبب الاهتمام بتموين الجبن الديري إلى جودته وطعمه المميز إضافة إلى جودة المراعي التي ترعى بها الأغنام في أرياف المحافظة، ففي نهاية شهر آذار وبداية نيسان تبدأ رحلة تموين الجبن في البيوت وتستمر حتى نهاية أيار، وينشغل النساء والرجال في هذه الفترة في شراء المؤونة الكافية من الجبن من السوق على شكل قطع وقوالب كبيرة الحجم، وهنا يأتي دورنا نحن ربات المنازل؛ حيث نقوم بتقطيع الجبن إلى مكعبات ويتعاون في ذلك الأهل والأقارب والجيران في ما بينهم، ولكل امرأة طريقتها في تحديد حجم وشكل قطع الجبن، فمنهم من يجعل القطعة بحجم رأس العصفور ومنهم من يجعلها أكبر من ذلك، ويتم حفظها في قطرميزات وآنية وغمرها بماء مصنوع بـ"عيار البيضة" ليحافظ على طعمها المميز على مدار العام».

يدخر الديريون الجبن الضان في الربيع تجلبه الريفيات بهيئة أقراص في أكياس خام يحملنه في "لگون" على رؤوسهن في القرى وهو غير نظيف ومع ذلك يشتريه الأهالي لاستهلاكه في يوم أو يومين، ولمؤونتهم في أواخر الربيع يغلونه ويضعون قسماً منه قطعاً (هلف) وقسماً مجدولاً ويسمى أيضاً مشللاً وشللاً جمع شلة، وبعد الغلي والجذل يوضع في الماء بضع دقائق ثم يكبس كلا النوعين في الماء والملح "عيار البيضة" كل على حدة في عيار أو قطرميز كبير أو في تنكة

"عيار البيضة" الطريقة المثالية لحفظ الجبن الديري؛ هذا ما أشارت إليه السيدة "فاطمة شرقي" من حي "علي بك" بالقول: «بعد شراء الجبن من السوق نقوم في البداية بتقطيع أقراص أو قوالب الجبن، ومن ثم يتم وضع هذه القطع في "اللگن" وهو (وعاء كبير ذو حافة عالية ومثنية) ورش الملح على الجبن بشكل جيد وتركه لمدة يومين أو ثلاثة أيام ما يساعد ذلك على تماسك الجبن، وبعدها يتم إسقاط هذه القطع في الماء المغلي لمدة ثلاث أو أربع دقائق وإخراجها وتركها جانباً لتبرد ومن ثم تصفيتها في القطرميزات والآنية والتنك، وبعد هذه العملية تأتي مرحلة "عيار البيضة" وهي طريقة مثالية لحفظ الجبن حيث نقوم بملء الوعاء بالماء ووضع بيضة بلدية طازجة، ونقوم بإضافة الملح تباعاً في الوعاء الذي تنوجد فيه البيضة والماء، إلى أن يطفو نصف البيضة فوق سطح الماء، بعدها نقوم بغلي الماء المالح وتركه ليبرد ومن ثم يتم تفريغ هذا الماء المالح فوق القطرميزات والآنية المملوءة بالجبن وهذه الطريقة في حفظ الجبن تحتاج إلى سيدات ذوات خبرة لأن أي خطأ في هذه العيارات سيؤدي إلى تلف الجبن وفساده ولا يصبح صالحاً للأكل».

عيار البيضة

وقد تحدث الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "التراث الشعبي الفراتي" عن حفظ الجبن بـ"عيار البيضة" بالقول: «يدخر الديريون الجبن الضان في الربيع تجلبه الريفيات بهيئة أقراص في أكياس خام يحملنه في "لگون" على رؤوسهن في القرى وهو غير نظيف ومع ذلك يشتريه الأهالي لاستهلاكه في يوم أو يومين، ولمؤونتهم في أواخر الربيع يغلونه ويضعون قسماً منه قطعاً (هلف) وقسماً مجدولاً ويسمى أيضاً مشللاً وشللاً جمع شلة، وبعد الغلي والجذل يوضع في الماء بضع دقائق ثم يكبس كلا النوعين في الماء والملح "عيار البيضة" كل على حدة في عيار أو قطرميز كبير أو في تنكة».

سوزان درويش