عرف "الكانون" بجلساته المميزة لتبادل الأحاديث واجتماع العائلة حوله في فصل الشتاء، إضافة إلى دوره في صنع بعض أنواع الخبز، ولكنه تحول مع الزمن إلى قطعة من الزينة في بعض البيوت.

مدونة وطن "eSyria" التقت الحاجة "شمسة التمر" من بلدة "الصبحة" بتاريخ 2 كانون الأول 2013 التي تحدثت عن "الكانون" واستعمالاته في محافظة "دير الزور" وقالت: «في الماضي كنا نستعمله لطبخ الطعام وخاصة في الصباح، ونمد حوله اللباد ليجلس عليه أفراد الأسرة بانتظار نضوج الطعام، ويتم تبادل الأحاديث وأخبار الجوار، ضمن جلسات أشبه بالجلسات الصباحية التي تتم بين الجيران في يومنا هذا، وأذكر الكثير من القصص التي كانت تروى حول "الكانون" التي كانت لمجرد التسلية وتمضية الوقت وعدم الشعور بالملل».

"الكانون" أو "الكانونة" هو الموقد والمصطلح جمعه "كوانين"، ويقال إن "الكانون" هو الثقيل الوخم من الناس الذي يجلس حتى يتقصى الأخبار والأحاديث لينقلها، ومأخوذة من جلوس الناس حول "الكانون"

وتابعت: «كان يصنع في "الكانون" نوعان من الخبز هما "القرصة" و"المخمرية"، حيث يتكون الأول من عصيدة الذرة البيضاء، فيوقد الحطب فيه حتى يصبح جمراً، ويسحبونه لكي يظهر بطنه ويمسحونه بخرقة لإزالة الرماد، ويضعون في بطنه كتلة العصيدة المستديرة بقطر 30سم وارتفاع 10سم، وينتظرون بضع دقائق حتى تتماسك ثم يغطونها بصاج ويعيدون الجمر فوق الصاج، ومتى نضجت صار لها حرف أشقر محروقاً يسمى "الجلف" يقطعونه بالسكين قطعاً يأكلونه حاف أو مع اللبن ويأكلون اللب مع السمن أو اللبن، أما النوع الثاني "المخمريات" فكانت تصنع في المحافظة منذ نصف قرن من عجين القمح المختمر بنفس الطريقة التي تصنع بها "القرصة"».

الكانون

وأشارت إلى أن تلك الأنواع من الخبز انقرضت لانتشار استعمال الصاج والتنور والفرن بدلاً من "الكانون" وبقي لفظها على ألسنة كبار السن فقط.

أما السيد "عايد العلي" فتحدث عن شكل ومكان "الكانون" وقال: «كانت في السابق تخصص غرف لموقد النار أثناء الشتاء لاجتماع العائلة فيها للشعور بالدفء والألفة فيما بينهم، حيث يوضع في وسط الغرفة ليتمكن الجميع من الجلوس حوله، ويصنع عادة من "طمي الفرات" على شكل دائرة مسطحة يقام على محيطها جدار يرتفع عشرة سنتيمترات وله فم لوضع الحطب فيه و"مكرافة" لسحب الرماد وتفريغه، وقد بقي "الكانون" من ذاك الزمن إلى هذه الأيام ولم ينقرض إلا عندما استصلحت الحالة الاقتصادية وعمت المدافئ جميع الدور وبقي في المنازل كنوع من أنواع التراث وأصبحوا يصنعونه بأشكال وأحجام مختلفة لتزيين الغرف والصالونات والمجالس».

الحاجة شمسة التمر

وتحدث الباحث "عبد القادر عياش" في كتابه "من التراث الشعبي الفراتي" عنه بالقول: «"الكانون" أو "الكانونة" هو الموقد والمصطلح جمعه "كوانين"، ويقال إن "الكانون" هو الثقيل الوخم من الناس الذي يجلس حتى يتقصى الأخبار والأحاديث لينقلها، ومأخوذة من جلوس الناس حول "الكانون"».

وأضاف: «كان حتى مدة قريبة يستعمل في "دير الزور" تصنعه نساء مختصات من تربة حمراء تسمى "الحري" على شكل "نضوة" الحصان قطره نصف متر وله جوانب ترتفع 12 سنتمتراً، يركب في وسط غرفة جلوس أهل البيت الشتوية في الأرض؛ حيث تتوازى أعلى جوانبه يوصلون به عند انفراج "النضوة" حفرة مقابلة مستديرة تسمى صحن "الكانون" للحطب ولسحب الرماد إليها».

عايد العلي