ضمن سلة خشبية معلقة بالسقف كان أهالي "دير الزور" يحفظون بقايا الطعام قبل وجود الأدوات المنزلية الحديثة، وسمي "القنوع" للدلالة على الرضا بالعيش البسيط.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيدة "يسرى العلي" من سكان محافظة "دير الزور" بتاريخ 16/11/2013 التي تحدثت عن "القنوع" واستخدماته وقالت: «كانت ربات المنازل سابقاً يحاولن قدر المستطاع إعداد الطعام الكافي واللازم فقط لليوم الواحد، لعدم وجود وسائل لحفظه بالشكل الجيد، إلا أنه في أغلب الأحيان كان لا بد من بقاء جزء من الوجبة الأساسية وهي وجبة الغداء، حيث توضع في "القنوع" للحفاظ عليه وتناوله مع وجبة المساء أو في اليوم التالي، وذلك حرصاً على عدم هدر الطعام وفساده، إضافة لما يتبقى من وجبة الغداء، كان يوضع فيه أيضاً الكثير من المأكولات كالجبن والخضار والفواكه وغيرها، وتتم تغطيتها بقطعة من القماش ورفعها لكي لا تصلها الحشرات والقوارض».

أعتقد أن تسميته جاءت من معنى كلمة "القنوع" وهي الرضا والقناعة والابتعاد عن كلِّ إفراط، أي رَاضٍ بما قسم له في حياته البسيطة، ومع مرور الوقت والتطور أصبح "القنوع" يستخدم للزينة كتراث من الماضي ويوضع في أحد زوايا المنزل

أشارت إلى أن والدها كان يلقب "القنوع" بـ"النملية" المتحركة أو المعلقة، وعلى الرغم من الاختلاف بينهما من حيث الشكل، إلا أنها تجد أن وجهة نظره صحيحة من جوانب عديدة، وأهمها أنهما يستخدمان لنفس الغرض وهو حفظ الطعام.

القنوع

وتحدث الدكتور "سمير إسماعيل" عن "القنوع" وذكرياته وقال: «أذكر عندما دخلت الثلاجة إلى بيتنا في السبعينيات من القرن الماضي، كان يعزّ على والدتي التخلي عن "القنوع" وكانت تحب أن تراه معلقاً في بيتنا في مكانه المعهود، وغالباً ما كانت تسهو وتضع فيه الطعام، إلا أنها رضخت في النهاية إلى التطور والحداثة واستخدمت الثلاجة مثلما استخدمت غيرها من الأدوات المنزلية الحديثة، لكن بقيت تحتفظ به ولم تتخلى عنه كنوع من الوفاء له وحفظ للجميل».

وعن طريقة صنعه وسبب التسمية أوضح الباحث "كمال الجاسر" بالقول: «استخدم قديماً لحفظ بقايا الطعام وغيرها من المأكولات، وهو عبارة عن سلة مصنوعة من قصب "البوط" أو من شجر "الغَربَ" ويتم تعليقها بالسقف ويتدلى منها حبل رفيع يسمى "مرسة خنيصرية" لرفعه وتنزيله، ويمر صنعه بعدة مراحل تبدأ من شراء القصب من ضفاف نهر "الفرات"، حيث يُبل بالمياه ليلتين ومن ثم يتم تشبيك القصب وجدله مع بعضه بعضاً لتنتج بعدها هذه القطعة الجميلة».

يسرى العلي

وأشار إلى أن "القنوع" كان قبل دخول الثلاجة إلى المنازل من الأدوات الضرورية ولا يخلو منزل منه في "دير الزور"، فمثله مثل أي قطعة أثاث، وبعض البيوت كان فيها عدد منه لكل اختصاصه فمنه ما يستخدم لوضع بقايا وجبة الغداء لتناولها في وقت لاحق، وآخر للفواكه والخضار والجبن وغيرها من المأكولات، وتابع: «أعتقد أن تسميته جاءت من معنى كلمة "القنوع" وهي الرضا والقناعة والابتعاد عن كلِّ إفراط، أي رَاضٍ بما قسم له في حياته البسيطة، ومع مرور الوقت والتطور أصبح "القنوع" يستخدم للزينة كتراث من الماضي ويوضع في أحد زوايا المنزل».