تحرص ربة البيت في محافظة "دير الزور" على تموين بيتها بكمية من الملح تكفي لمدة سنة على الأقل، وملح "عديد" الأكثر شهرة في المنطقة لما له من ميزات غذائية وقدرة أفضل على حفظ طعام المؤونة من التلف.

مدونة وطن "eSyria" التقت المدرسة "حذامة ملا حويش" من حي "الشيخ ياسين" في محافظة "دير الزور" بتاريخ 10/11/2013 التي تحدثت عن ملح "عديد" وميزاته وأهميته في المؤونة "الديرية" وقالت: «يعتبر من أجود أنواع الملح لما فيه من ميزات تحافظ على جودة الطعام وحمايته من التلف والفساد، ونحرص نحن ربات المنازل في المحافظة على شرائه وتخزينه بكمية تكفي لعام كامل، ويدخل في صنع بعض المأكولات كـ"المكدوس" و"الجبن" و"المخللات"، ويكون أفضل من الملح العادي حيث يحتفظ "المخلل" بحالة ممتازة ولا يفقد قوامه، كذلك "المكدوس" يظل فترة طويلة باللهجة "الديرية" (ما ينهرط)، ويدخل أيضاً في صناعة وحفظ الجبن "الديري" المشهور على مستوى المحافظة والمحافظات الأخرى، كما يمكن رشه على المواد الغذائية كالأرز والعدس والبرغل وغيرها لحمايتها من الحشرات والديدان».

مؤونة الملح؛ ويؤتى به من الريف ومن الممالح الطبيعية، ينقل بـ"العدول والشوالات"، ويباع إما مقايضة أو بالنقود وأجود أنواع الملح ما يجلب من مملحة تبعد عن "دير الزور" /180/كم، وهو ملح "العديد" من منطقة حدودية تسمى "الروضة" وهي غزيرة العطاء في حال هطول الأمطار

وأضافت: «في الماضي لم يكن يخلو بيت في "دير الزور" وفي الريف من آلة "الرحيية" التي تستخدم لطحن الحبوب ويتم طحن الملح بواسطتها وبشكل خاص ملح "عديد"، حيث كان يتم شراؤه على شكل كتل وطحنه صعب، فكان يتعاون في ذلك أكثر من شخص من النساء والرجال، ومن ثم يتم نخله بـ"المنخل" وينقى من التراب والقش والشوائب ويقتص جزء منه لتتم معالجته بالهاون ليستخدم كملح للمائدة ويحفظ الباقي في "السرداب" وهو بيت المؤونة، وعندما تكون كمية الملح كبيرة تتم الاستعانة بـ"الجاروشة" وهي عبارة عن آلة تعمل على الوقود يجرها حصان ويجول بها صاحبها بين الأحياء ويتم جرش الملح فيها، وغيرها من الحبوب».

الجاروشة لطحن ملح "عديد"

وعن أماكن وجود ملح "عديد" وطريقة الحصول عليه حدثنا السيد "كحيط الفياض" من ناحية "البصيرة" وقال: «يتم شراؤه غالباً من الريفيات اللواتي يقمن بنقله من قراهن إلى المدينة بعد أن يتم استخراجه من الملاحات أو يجلبه أزواجهن من ملاحة البوارة وذلك بإنشاء أحواض على طرف الصراة أو على طرف الملاحة، ويسمى "عديد" وفقاً للمكان الذي يجلب منه، وقد كان سابقاً يجلب بـ"العدول" وتتم مقايضته إما بالنقود أو ببعض المواد الغذائية ويخزن في خابية "مزمّلة" خشية من الرطوبة أو في كيس خام سميك أو في تنكة، وكانوا ومازالوا يضعونه في "كوارة" وهي بناء في زاويا البيت من الحري الأحمر ممزوج بالتبن، وجمعها "كوارات" وكانت تستعمل لادخار حبوب المؤونة لكن بحجم أكبر وعادة تكون بارتفاع /70/سم وعرض /40/سم وعمق /30/سم».

وتابع «كما يخزنه البعض في جراب صغير "جربندة" أو في قرعة "سلاحي" مفرغة وهو نوع من القرع أصفر برتقالي يتألف من ثلاثة أجزاء: ما يشبه الكرة الصغيرة يليها عنق، ثم ما يشبه الكرة الكبيرة وهي آخر القرعة والصغيرة أولها المتصل بنبات القرع، ومنها الصغيرة ومنها المتوسطة والكبيرة، ويجعلون كمية قليلة من الملح في "سفط" من الخشب ذي غطاء، أو في علبة تكون في المطبخ للاستعمال اليومي وكلما فرغت تعبأ من الكمية المخزنة في السرداب».

ملح "عديد"

وفي كتاب "دير الزور ماضٍ عريق وحاضر مشرق" تحدث الكاتب الدكتور "علي الشعيبي" عن ملح "عديد" بالقول: «مؤونة الملح؛ ويؤتى به من الريف ومن الممالح الطبيعية، ينقل بـ"العدول والشوالات"، ويباع إما مقايضة أو بالنقود وأجود أنواع الملح ما يجلب من مملحة تبعد عن "دير الزور" /180/كم، وهو ملح "العديد" من منطقة حدودية تسمى "الروضة" وهي غزيرة العطاء في حال هطول الأمطار».

كحيط الفياض