بدأ "أسامة الحمود" كتابة الشعر في سن مبكرة، إلا أنه كان يحتفظ بما يكتب من دون نشر، حتى تفجرت أشعاره العذبة بوقت قياسي لا يتعدى الثلاث سنوات، ترجمها بعدة دواوين شعرية لاقت الكثير من النقد الإيجابي، وأعلنت عن ولادة شاعر فراتيّ عذب الملامح والكلام.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 25 أيار 2018، التقت الشاعر "أسامة الحمود" ليتحدث عن بداياته، فقال: «أكتب الشعر منذ الصغر، وكنت أحتفظ بكتاباتي من دون نشر، لأنه لم يكن متاحاً بصورة ميسرة، ومع بداياتي في النشر عام 2016 بدأ التشجيع، وتلقيت الكثير من النصائح من المهتمين في الشعر، والنقاد الأدبيين المختصين.

هو شاعر يعمل على عاطفته الصادقة، ويقدم بنية شعرية مؤسسة على الصحيح، ليدخل التاريخ بثقة ووفاء إلى وطنه وأرضه وناسه. متعدد المواضيع وفق إحساسه الشغاف، وملتزم بالقصيدة الخليلية التي تعتمد الشطرين، وهي القصيدة التي تثير حماسة المتلقي، وأكثر سهولة للحفظ

فعائلتي لا تكتب الشعر، إلا أن أغلبهم يهتمون باللغة العربية، حتى إن المتتبع لحديث والدي يرى أنه أقرب إلى الفصيح».

ديوانه "ضفائر بوح"

وعن طقوس الكتابة التي يتبعها، يقول: «الشعر يكتبنا ولا نكتبه؛ هو يأتي في كل آن ومكان، وما علينا إلا أن نقيد ما يمليه علينا، صحيح أن الأجواء الهادئة والمريحة الحالمة تتيح طقساً مناسباً للكتابة، إلا أنني كغيري لا أظن أن هذا الطقس أو ذاك مناسب للشعر دون غيره، قد يستدعيك الشعر وأنت نائم؛ فتهرع إلى أقرب ورقة لتقيد تجلياته، فالشعر كما العلم صيد قيده الكتابة».

وعن اختياره لعناوين القصائد والدواوين وشروط ذلك، يضيف: «كان العنوان واجهة الديوان الذي ينبئ عن مضمونه بإيجاز ودهشة، وهنا تكمن الصعوبة، إذ يجب أن تختزل محتوى قد ينوف عن مئة صفحة لمواضيع مختلفة لتضع أمام القارئ ملمحاً أولياً لما تريد قوله في ديوانك أو مجموعتك الشعرية. علماً أنني أنشر بعض قصائدي أحياناً بلا عنوان حين أستنفد القدرة على تحقيق المعادلة التي أشرت إليها آنفاً، وكذلك الأمر بالنسبة لتسمية المجموعتين الشعريتين اللتين أصدرتهما؛ فقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً. فالمسافة بيني وبين القصيدة تحددها القصيدة ذاتها حتى تنبئ تجلياتها ببشائر ولادتها فتستدعي كل أدوات بزوغها. لقد قدم لي الشعر الكثير، وأتاحت فضاءاته إدراكاً أوسع، ورؤية أشمل، وزوايا تفكير مختلفة تمحص وتحلل لتمنح إسقاطها بصورة عذبة.

قصيدة الشام

قدمت للشعر مجموعتين شعريتين: "ضفائر بوح"، و"على أكف الياسمين"، إضافة إلى ديوانين مشتركين مع مجموعة من الشعراء السوريين والعرب، هما: "حديث الياسمين"، و"فرائد القصائد"، وثمة مجموعة ثالثة مفردة قيد الإنجاز».

وعن تطور القصيدة ورؤيته لها، يتابع القول: «أصدق الشعر هو ذاك الذي يتحدث بلسان الناس، ويولد من رحم أحوالهم ويتعايش معهم، والشعر يجب ألا يكون نخبوياً يتعالى على متلقيه، ومن هنا كان لا بد للشعر على امتداد العصور أن يرتدي حلة زمانه ومكانه، وهنا يمكن الإشارة إلى عدم صواب ذاك الرأي الذي يقول إن القصائد الخليلية لم تعد تناسب هذا العصر. أقول إنها تناسب هذا العصر وكل عصر إذا استطعنا أن نلبسها حلة زمانها ومكانها، مع الإشارة إلى أنني من أولئك الذين يظنون أن الشعر شعر مهما اختلف شكله ولونه، وليس الأصل مذهبه، والشاعر الفذ لا يلوي به صعب:

"يا صاح غرد كما يملي الفؤاد... ولا يضنيك في كلم أبدعته نسب

ما نفع أن نهب الأشعار طابعها... إن عز في وقعها مستأنس عذب"

فكل تكلف مفسدة، وكذلك الأمر بالنسبة للشعر، فلا أجمل من انسيابية القصيدة من دون تكلف أو حشر لبعض الكلمات بداعي مناسبتها للقافية، وهذا يتطلب بطبيعة الحال رصيداً كبيراً من المعرفة بالمرادفات التي تخدم النص من دون أن يسيء إلى انسيابيته، وهنا يأتي الفرق بين شعر الصنعة وشعر الدفقة، فالنظم شيء، والشاعر شيء آخر مختلف».

عن الأفكار التي تراوده أثناء الكتابة: «أنا أفكر بالقارئ من ناحية تقديم الأفضل الذي يرتقي لذائقته، ولا سيما إذا كان قارئاً يعلم ما يقرأ ويصوب بملاحظاته ونصائحه مسار القصيدة، وما يتلوها من نتاج، ويجب عدم إهمال وجهات النظر المختلفة التي تأتي من متذوقين ربما لا يكتبون الشعر، لكنهم يمنحونه بتذوقهم عذوبة مميزة».

أما عن المواقف التي مرّ بها وتؤثر في وجدانه، فأكد: «الحقيقة أن الأزمة التي مرت بـ"سورية" ألقت بظلالها على نتاجنا الشعري، وأذكر أنه عندما اشتدت الأزمة في محافظتي "دير الزور"، ونالت من أهلها ما نالت، كتبت قصيدة في هذا المجال، ولا أذكر أنني ألقيتها مرة واستطعت إتمامها قبل أن تغلبني الغصة والدمعة، وهذا جزء من نصها:

"نَهرُ الفُراتِ قَصِيدةٌ

نَضَبَ الكَلامُ وما نَضَبْ...

ولئن قَصَدتَ رُبُوعَهُ

وطَفَقتَ تَرقُبُ عَن كَثَبْ"

ولا أنسى عندما أقام اتحاد كتاب العرب أمسية شعرية لشعراء "الفرات"؛ كانت الأولى من نوعها بعد نزوح عدد كبير من أبناء "دير الزور" إلى "دمشق"، وكانت الأجواء مختلطة في أوساط جمهور تلك الأمسية بين فرحة اللقاء والأسى على ما حل بالمحافظة، والحنين إلى طقوسها وتفاصيلها. وحين شرعت بإلقاء بعض القصائد التي تتحدث عن الوطن بدأ بعض الحاضرين يجهشون بالبكاء، حينئذٍ لم أستطع إتمام مشاركتي حين تفاعلت مع مشاعرهم، وانتابتني الغصة والدمعة».

يقول الشاعر "محمد خالد الخضر": «هو شاعر يعمل على عاطفته الصادقة، ويقدم بنية شعرية مؤسسة على الصحيح، ليدخل التاريخ بثقة ووفاء إلى وطنه وأرضه وناسه. متعدد المواضيع وفق إحساسه الشغاف، وملتزم بالقصيدة الخليلية التي تعتمد الشطرين، وهي القصيدة التي تثير حماسة المتلقي، وأكثر سهولة للحفظ».

الجدير بالذكر، أن الشاعر "أسامة الحمود" من مواليد مدينة "دير الزور" عام 1971، يحمل درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية، ويعمل في الهيئة التدريسية بجامعة "الفرات"، ومنتدب حالياً للعمل في وزارة الزراعة، متزوج وأب لولدين.