شعر أبناء الفرات، حمل سمات الصبر والحزن والعشق والشكوى والقسم، فكانت أشعارهم واقعية جمعت ما بين البدوي والحضري، واتشحت بمسحة إسلامية حملت ألفاظاً إيمانية وتعابير قرآنية غلب عليها القسم بالمقدس والتشبيه بالعشاق القدامى.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 آذار 2014 مدرس اللغة العربية "أحمد فواز" الذي قال: «استطاع الشعر الفراتي الإسلامي أن يعبر عن فكر المجتمع وتصوير الإنسان والحياة، فكان هيكل القصيدة الفراتية ووحدتها تشبيهاً لما يحصل، فشبهوا صبر أيوب وعلته وحزن يعقوب بشعرهم، فكانت أبياتهم على صيغة المثل في إيقاعه لأن الشعر الإسلامي استقى لغته من لغة القرآن الكريم واقترنت هذه اللغة مع لغة الحياة اليومية، فكانت لغة واقعية جمعت البدوي والحضري.

لم يخل الشعر الفراتي من التأثر بالدين الإسلامي، فالشاعر الفراتي استطاع أن يصوغ صوراً جزئية تجتمع لتكون صورة كلية معتمداً على الفكرة والعاطفة، وكانت الصور ألواناً وألواناً منها الحسية والذهنية والاستعارة والكناية، فالشاعر الفراتي يشبه حزنه بأنه فاق حزن يعقوب على ولده يوسف عليهما السلام. فيقول: "يعكوب حزنو انكضى حزني عليهم دوم... قلبي شبه العنس أهفت ولدها روم... بجيت بحركة قلب لمن الجفن ورم... وأنت طبيب تعرف ما جان بيشيه"

ومن ذلك أبيات فراتية تقول: "شكيت لك ياخوي شكوى النبي أيوبي... حيشه* الجلالة يطاري الشوك عذروبي... أضر مس النبي يوسف ويعكوبي... النار لأهل الهوى والنوح لحدية"».

الحزن في الشعر الفراتي

ويشير الباحث "محمد الحومد" في كتابه "قبسات من الشعر الفراتي" عن أثر الإسلام والسير الشعبية على الشعر الفراتي بالقول: «لم يخل الشعر الفراتي من التأثر بالدين الإسلامي، فالشاعر الفراتي استطاع أن يصوغ صوراً جزئية تجتمع لتكون صورة كلية معتمداً على الفكرة والعاطفة، وكانت الصور ألواناً وألواناً منها الحسية والذهنية والاستعارة والكناية، فالشاعر الفراتي يشبه حزنه بأنه فاق حزن يعقوب على ولده يوسف عليهما السلام. فيقول: "يعكوب حزنو انكضى حزني عليهم دوم... قلبي شبه العنس أهفت ولدها روم... بجيت بحركة قلب لمن الجفن ورم... وأنت طبيب تعرف ما جان بيشيه"».

ويضيف "الحومد" بالقول: «تناول الشعر الفراتي شكوى الألم إلى الأنبياء والصالحين فقالوا: "لاركب نجية الفحل وأرخيلها الجنوبي... كاصد محاري الحسن وحسين وأيوبي... أشعل فتيل الهوى واكعد عالدروبي... إنجادها بالسرح لازم تجي ليه".

قبسات من الشعر الفراتي

ولقد عجز لقمان الحكيم عن وصف الدواء لعاشق هكذا صور شعراء الفرات العشق: "لقمان جرح الهوى تاه بدوا صيفوه... لا هو طبيبي ولا آني اصبر على حيفوه... هاتم حبيب القلب يداوي على كيفوه... يبرى جروحي كبل ليلى ومسويه".

وقد تجلت الألفاظ الإسلامية في أغلب الأشعار الفراتية متمثلة بالقسم: "وحق عقد الولاية والنباهة... جميع إعضاي صارت والنباهة... ياحادي ضعون ولفي والنباهة... نريد وياك نترافك سويا"».

ويبين الباحث "محمد الحمود" بالقول: «ارتبطت السير الشعبية الفراتية بحياة الناس وتاريخهم وحضارتهم وامتداداتهم الاجتماعية والثقافية، فانطلقت السير الشعبية الفراتية من شخصية بطلة نافذة في وجدان المجتمع العربي، فسيرة كمجنون ليلى ذلك الفتى العذري الذي عرف بجنونه بحب ليلى هي أكثر السير في الشعر الفراتي: "أبو الشفاف اللي بدن حسين معلولا... عجدين جوهر بزيج الثوب معلولا... هن اللي دعني مثل مجنون مع ليلى... عكلي شرد ما يردونوه مرنديه".

كذلك يتكرر ذكر "رميم" ذلك الفتى الذي بقي بانتظار حبيبته سنة كاملة حيث يروي أنه كان بلقاء معها، وشعرت بأن أهلها يبحثون عنها، فتركته وذهبت إليهم فوجدتهم قد جهزوا للرحيل وذهبت معهم وبقي ينتظرها فجاءت في السنة القادمة ووجدت رفاته في مكان اللقاء الذي تركته فيه: "لا ضرب البيدا عليهم بكمال السلاحي... لا بوخدود جما التفاح لولا حي... إلنا عليهن تبل** عامر والوشاحي... ورميم ظل بوعدهن للحول عالميه"».

* حيشه: تعني عدا.

** تبل: ثأر.