"مصطفى غدير" من الشعراء الذين تغنوا بمدينة "دير الزور" في شعره، اتصفت كلماته بالوضوح والعمق والإحساس المرهف في نظم القصائد العمودية بطريقة بعيدة عن التعقيد.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "محمد المضحي" في 15 كانون الثاني 2014؛ الذي حدثنا عنه بالقول: «تغنى الشاعر "مصطفى غدير" بجمال "دير الزور" وروعتها وعطائها، وقدم معزوفات مازالت خالدة على صفحات الشعر لما فيها من صور ولوحات جميلة ترددها الألسن وتحفظها عن ظهر قلب، ومن القصائد المميزة والمشهورة للشاعر قصيدة "بطاقة حب إلى الدير"؛ ويقول فيها:

عرفته مدرساً لمادة اللغة العربية في مدارس محافظة "دير الزور"، ويعتبر من المدرسين القديرين بمادة اللغة العربية؛ فقد تميز بثقافة موسوعية وخاصة في مجال علوم اللغة العربية والتراث الأدبي، وكان محبوباً لدى الطلاب من خلال طريقته المميزة التي كان يتبعها في التدريس والتي تبتعد كل البعد عن التعقيد، وكثيراً ما كان يجلس وحده أوقات الفراغ ممسكاً كتاباً بين يديه يتصفحه فلا يضيع وقته. ومن الأمور التي مازالت تعلق في ذاكرتي ولا أنساها عنه عندما مررت به وهو يقرأ كتاباً في الشعر الجاهلي وكان الجو بارداً وقتها، وقلت له: كيف تجلس وتقرأ في هذا البرد؟ فأجابني: "الكتاب يدفئني يا صديقي"؛ وهذه من المواقف التي لا أنساها له

"أحب عجاج الدير خضّبَ مَفرِقي وكحّل أجفاني وندى فؤاديا

الشاعر محمد المضحي

وانــشق حرّ الديـــر بردّ لـــهيبه ألوذ به من وقدة الجمر هانيا

وأهوى سماء الدير إن هي أمطرت سمائي وإن ولى الغمام سمائيا

إسماعيل العثمان

وأعشق ليـــل الدير إن نجومــه لتخفق في قلبي فيرتاح ما بيــا

وأشرب ماء الدير كدراً وصافياً ويا طيب ما ألقاه كدراً وصافيا

وأستفُّ ترب الدير إن عضني الطوى فأشبع منه بعد أن كنت طاويا".

تميز شعره بعمق المعاني وقوة الألفاظ ووضوحها وبعدها عن التعقيد، وهو بارع في جميع بحور الشعر وفي مختلف أغراضه، إضافة إلى حفظه للمعلقات والشعر الجاهلي بكل أنواعه، كما أن شعره يتصف بخلوه من الهفوات الفكرية والأخلاقية. قال شعراً راقياً يتماشى مع روح عصره صور فيه بعض ملامح حياته وبعض معاناته في مختلف مراحلها وخاصة أثناء مرضه».

ويتابع "المضحي": «برزت شاعريته في وقت مبكر وكان حضوره الأدبي متميزاً في المشاركات والأمسيات الشعرية، فهو شاعر مجدد نظم القصيدة العمودية، وتدور معظم قصائده حول واقع الأمة العربية وتحريضها على النهوض الحضاري والديني، فشعره ذو نزعة إصلاحية، غير أنه يعكس ذاتاً مؤججة المشاعر ونفساً جياشة العواطف، تحتفى بالمعاني الوطنية مثل الاستشهاد والبطولة والحرية وغيرها. له مطولة بعنوان "يا أخي" قسمها إلى دفقات شعورية، وجعل كل دفقة في خمسة أبيات على قافية واحدة، وله قصيدة من وحي نهر "الفرات"، تعكس حساً يقظاً لمعاناة الإنسان على ضفتيه، لغته جزلة، تحتفي بالرمز، وبمستويات من التعبير المكثف حيث يمتزج الذاتي والموضوعي في تراكيب متينة ومعانٍ تتسم بالعمق والتدفق».

وعن مسيرة الشاعر "مصطفى غدير" في مجال التدريس يحدثنا المدرس "إسماعيل العثمان" من ناحية "البصيرة" بالقول: «عرفته مدرساً لمادة اللغة العربية في مدارس محافظة "دير الزور"، ويعتبر من المدرسين القديرين بمادة اللغة العربية؛ فقد تميز بثقافة موسوعية وخاصة في مجال علوم اللغة العربية والتراث الأدبي، وكان محبوباً لدى الطلاب من خلال طريقته المميزة التي كان يتبعها في التدريس والتي تبتعد كل البعد عن التعقيد، وكثيراً ما كان يجلس وحده أوقات الفراغ ممسكاً كتاباً بين يديه يتصفحه فلا يضيع وقته. ومن الأمور التي مازالت تعلق في ذاكرتي ولا أنساها عنه عندما مررت به وهو يقرأ كتاباً في الشعر الجاهلي وكان الجو بارداً وقتها، وقلت له: كيف تجلس وتقرأ في هذا البرد؟ فأجابني: "الكتاب يدفئني يا صديقي"؛ وهذه من المواقف التي لا أنساها له».

من مؤلفات الشاعر المطبوعة:

  • "مرافعة في الوطن المحتل" 1985، مطبعة الفيصل "دير الزور".
  • - "غضب الفرات العطشان".

    - "عن الشهادة والغربة".

    الجدير بالذكر أن الشاعر "مصطفى عبد الكريم غدير" من مواليد محافظة "دير الزور" 1945، تلقى تعليمه في مدارسها والتحق بجامعة "دمشق" وحصل على إجازة في اللغة العربية 1968، نال شهادة الدبلوم 1970، وتوفي في "دمشق" بعد معاناة طويلة مع المرض عام 2002.