«كثيراً ما يتبادر للذهن عند ذكر شعر التفعيلة الشاعر العراقي "بدر شاكر السياب" والشاعرة العراقية "نازك الملائكة" على أنهما من مبدعي هذا النوع من شعر الحداثة، ولكن هذا المفهوم خاطئ وتم إثباته بالبراهين والدليل القاطع عند اكتشاف ديوان للشاعر "حسين العشاري"».

بهذه المقدمة تحدث الشاعر "محمد المضحي" لمدونة وطن "eSyria" في 14/8/2013 وتابع عن الشاعر "حسين العشاري" ونشأة شعر التفعيلة قائلاً: «يعتبر متقدماً على من نظم شعر الحداثة "التفعيلة" وذلك قبل مئتي عام من ولادة الشاعر العراقي "بدر شاكر السياب" والشاعرة "نازك الملائكة" اللذين رسخا هذا النمط من الشعر الحداثي. وهو من مدينة "العشارة" التابعة لمحافظة "دير الزور" وفي ديوانه جملة بنود تشهد له أنه ابن عذرتها وأن لـه النصيب الأوفر في سبك عبارات وصوغ جمل محبوكة بليغة عنها».

وعرف الشاعر "حسين العشاري" عن نفسه عند هجر مسقط رأسه "العشارة" إلى "بغداد" بقوله: من معشر نزلوا العشارة برهة / والآن قد نزلــوا على بغدان ما شانهم ضد الغنى بل زانهم / درس العلوم ونغمـة القرآن

ويتابع: «وعرف الشاعر "حسين العشاري" عن نفسه عند هجر مسقط رأسه "العشارة" إلى "بغداد" بقوله:

من معشر نزلوا العشارة برهة / والآن قد نزلــوا على بغدان

ما شانهم ضد الغنى بل زانهم / درس العلوم ونغمـة القرآن».

الشاعر محمد المضحي

وفي كتاب "الحركة الثقافية في دير الزور خلال القرن العشرين" للأديب "محمد رشيد رويللي" تحدث عن الشاعر "حسين العشاري" بالقول: «في جلسة هادئة ضمت الدكتور "علي عقلة عرسان" رئيس اتحاد الكتاب العرب والأديب "نصر الدين البحرة" والشاعر "محمد منذر لطفي" والمكتب الفرعي للاتحاد وعدداً من الشعراء والأدباء في منزل الشاعر الراحل "عبد الجبار الرحبي" قلت للشاعر الراحل أخرج إليهم ديوان "العشاري" فهب مسرعاً وشكرني بحرارة، عاد "الرحبي" يحتضن ديوان "العشاري" وسأل رئيس الاتحاد والأدباء الحاضرين: لماذا تقولون وتكتبون وتعلمون أبناءنا أن شعر الحداثة التفعيلة مقترن باسمي "بدر شاكر السياب" و"نازك الملائكة"؟ قالوا هي الحقيقة. فقال "الرحبي" مرتجفاً: هذا الديوان الذي بين يدي ينسف كل ادعاءاتكم، التهمت عيون الحاضرين قصائد التفعيلة لشاعر فراتي مغمور اسمه الشاعر "حسين العشاري" نسبة إلى بلدة "العشارة" على نهر الفرات في محافظة "دير الزور" والذي كتب شعر الحداثة قبل أن يولد "السياب" و"نازك الملائكة" بأكثر من مئتي عام فما رأيكم؟».

وعن حياة الشاعر "حسين العشاري" حدثنا الأستاذ "إسماعيل العثمان" بالقول: «هو "حسين بن علي بن حسن بن محمد بن فارس" ولد سنة 1710 وتوفي سنة 1781م من أسرة علمية دينية كانت قد قدمت إلى بغداد من بلدة العشارة وكان أبوه الشيخ "علي بن الشيخ حسن" "ملاّ" (وهي وظيفة من كان يمتهن تدريس العلوم الدينية)، درس "العشاري" على يدي والده قراءة القرآن الكريم وحفظ الحديث الشريف، ثم نهل من معارف عصره ما استطاع إليه وصولاً بين مدارس بغداد ومساجدها، وقد أولع بالنحو واللغة والأدب والشعر وقد أولى "العشاري" الفقه اهتماماً خاصاً فانكب على دراسته أصولاً وفروعاً وغدا مرجعاً يُشار إليه في فقه الإمام الشافعي حتى إنه لُقِّبَ بـ"الشافعي الصغير" وبـ"الشافعي الثاني"، وذهب "الآلوسي" إلى القول بأنه كان من أعلم أهل عصره بفقه الشافعي».

اسماعيل العثمان

ويضيف: «تعلّم "العشاري" فن الخط العربي منذ صغره وأجاد فيه وقد قام بنسخ عدد كبير من المؤلّفات الهامة في اللغة والأدب والمنطق والعقائد والفقه وهو لم يزل بعد شاباً، خلف لنا العديد من المؤلفات من بينها ديوان العشاري الذي ضم إضافة إلى قصائده العمودية الرائعة سبعة بنود نرى فيها البداية الحقيقية لشعر التفعيلة ومن هذه البنود قوله:

لك النعمة والمجد

وأنت الصمد الفرد

خلقت الحر والعبد

لك الأمر بلا رد

تعاليت عن الرسم

تجاوزت عن الحد

فلا أين ولا كيف

ولا ظلم ولا حيف

ولا شين ولا عيب

ولا شك ولا ريب

فكم أودعت من سر

وكم أبدعت من أمر

وكم حيرت من فكر

غدا عنك حسيرا».